الرئيسية | مستجدات التعليم | 10 آلاف إطار تربوي يربكون حسابات الدولة في توقيت حساس

10 آلاف إطار تربوي يربكون حسابات الدولة في توقيت حساس

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
10 آلاف إطار تربوي يربكون حسابات الدولة في توقيت حساس
 

 

بقلم : عثمان بوطسان

لقد تحولت قضية 10 آلاف إطارتربوي من قضية وطنية إلى قضية دولية، وإتخذت طابعا خطيرا وتداعيات حساسة لما يعرفه هذا الملف من متابعة سياسية واجتماعية من طرف جميع الفعاليات والهيئات الحقوقية والنقابية والمدنية. ولا شك في أن هذه القضية قد فرضت نفسها بقوة على الإعلام والرأي العام الوطني والدولي وأصبحت حديث الكل، خاصة في ظل الوضعية الكارثية التي يعرفها قطاع التعليم.

فأزمة التعليم أصبحت مرتبطة ارتباطا وثيقا بقضية الـ 10 آلاف إطار تربوي وإداري. ومن هنا فسبعة أشهر من الإحتجاج والأخذ والرد مع الحكومة كانت كافية لتشعل نار هذه الفئة وتجعل من قضيتها رهانا قويا إن على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الإعلامي وما إلى ذلك. حيث إن هؤلاء الأساتذة المؤهلون المعطلون فرضوا أنفسهم بقوة على الحكومة والدولة. وليس غريبا أن تتناول الصحف العربية خبر نقل الإحتجاج إلى مراكش تزامنا مع الكوب 22. وهو خبر سبق وأن تسارعت الصحف الوطنية والدولية لنشره بعناوين عريضة وكبيرة.

إن خطوة من هذا النوع، التي أقدم عليها المحتجون بعدما سئموا من تجاهل الجهات المسؤولة لملفهم العادل، تعتبر جريئة وخطيرة في آن واحد. ولا يجب أن نتلافى أن هذا التوجه؛ هو أيضا رد فعل غاضب ضد سياسة التعاقد التي تحاول الدولة عن طريقها ترقيع ما يمكن ترقيعه لتجاوز أزمة التعليم ولو نسبيا. وبالتالي فإن الإحتجاج بمراكش بمثابة ضربة قاضية للحكومة، التي لم تتخذ لحد الآن أي إجراء مسؤول لحلحلة هذا الملف، في الوقت الذي تعرف فيه المدرسة العمومية خصاصا يتجاوز حدود المنطق والعقل.

إن 10 آلاف إطار غاضبون ويتوعدون الحكومة والدولة بمزيد من الإحتجاجات بكل المدن، لاسيما تلك التي تقع في مواقع إستراتيجية على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ومنها المعروفة بتضامن سكانها وسمعتها الدولية من مثل مدينة الدار البيضاء. وليس من المغالاة أن يجتمع مسؤولون كبار في الأمن والداخلية لتدارس كيفية احتواء هذه الفئة، ومنعها من التظاهر والاحتجاج السلمي. إن هذه التحركات الأمنية المستعجلة والسابقة لأوانها أبانت عن تخوف جهاز الأمن من هذه الفئة التي لم يعد لها خيار آخر سوى رفع سقف الإحتجاج حتى تحقيق مطلب الإدماج في الوظيفة العمومية.

ومن الواضح أن التعليم يعرف أزمة كارثية وينزف بكل بقعة من بقع هذا البلد الغارق في ظلمات الجهل والفساد. ينزف جراء الإكتظاظ والخصاص الكبير في الأطر التربوية والإدارية، دون أن تتخذ الدولة قرارا حاسما لرد الاعتبار لهذه المنظومة ولو جزئيا. إننا اليوم على وقع أحداث متواترة تجعل من المتتبعين لقضية لـ 10 آلاف إطار يعلنون تضامنهم ويستنكرون تجاهل الحكومة والتلاعب بمستقبل أبناء الشعب. وبصريح العبارة، فإن 10 آلاف إطار لم تعد تلك الفئة المجهولة التي يخلط المجتمع بين قضيتها وبين قضية الأساتذة المتدربين. إنها اليوم قضية القضايا وإشكالية الإشكاليات وستكون لا محالة أول الملفات التي ستناقش في قبة البرلمان. وتتجلى أهميتا – قضية 10 إطار- في أن المئات من المدارس تغلق وأطفال يشردون بدون تعليم وحجر مدرسية تفتقد إلى أساتذة، وبصفة موازية هناك أستاذة مكونون

ومؤهلون معطلون وفي الشوارع مشردون. هذا المشهد المتكرر جعل العديد من المثقفين والباحثين يستنكرون بشدة ما يتعرض له الأستاذ في بلد يدعي الديمقراطية وتطبيق القانون ويتغنى بشمس التقدم.

كما أن هذا التجاهل الخطير لملف التعليم، يدفعنا إلى التساؤل وطرح العديد من علامات الاستفهام والتعجب. بل ما يزيدنا استغرابا هو الصمت اللامسؤول للمجتمع المدني إزاء ما يعرفه هذا القطاع من تحولات خطيرة تهدد مستقبل المدرسة العمومية وأبناء الطبقة الوسطى والفقيرة. إن سياسة التهميش والإقصاء والطبقية هاته، تجرد أبناء الشعب من حقوقهم الدستورية ومن ذلك التوظيف الذي يعتبر أولا حقا طبيعيا وثانيا حقا دستوريا، و10 آلاف إطار في صفهم القانون والدستور مما يجعل مطلبهم يتسم بالمشروعية.

ومن زوية أخرى، يلاحظ أن استغلال بعض الصحف المغربية لبعض الصور المرتبطة بإحتجاجات 10 آلاف إطار تربوي وتحريفها عن سياقها بغية جذب القراء لم يزد هذه الفئة إلا صلابة وقوة. وها نحن نشهد اليوم توسع رقعة المتضامين مع هذه الفئة التي تقف سدا منيعا أمام الإصلاحات العشوائية والهشة داخل منظومة التعليم. وإن تحويل الإحتجاج إلى مراكش خير دليل، مما أربك حسابات الدولة التي تحاول الآن جاهدة منع إحتجاجات هؤلاء الأستاذة وتضييق الخناق عليهم عبر منعهم من الإستفادة من مقرات الإيواء، هذا ما جعل الأستاذة يفترشون الأرض وينامون كالمتشردين في شوارع الدار البيضاء دون أن تحرك السلطات المعنية ساكنا. إن التوظيف كما هو معلوم اليوم، أصبح يقتصر على أبناء الوزراء وطبقة المال والأعمال حتى أن البرلمان قد تحول من برلمان الشعب إلى برلمان الأسر، وأما أبناء الشعب فلهم الشارع إذا ما استطاعوا إليه سبيلا.

واتساقا مع كل ذلك، فقد آن الأوان للمغرب أن يراجع حساباته، وإلا فإنه سيسلك طريق التخلف والويلات بعيدا عن حلم الإرتقاء إلى دولة صاعدة ما فتىء الكل يعاني ويحتج على الوضعية المزرية للصحة والتعليم، غير أن غياب المسؤولية والمحاسبة هي سبب كل هذا الفساد. فالتعليم لم يعد له أية قيمة ملموسة، خاصة وأننا نبتلى بكارثة تلوى الأخرى تصيب هذا القطاع المشلول، و 10 آلاف إطار جزء لا يتجزأ من قطاع التعليم، بل ويعد الورقة الرابحة للتخفيف من حدة الإكتظاظ والخصاص في الأطر التربوية والإدارية.

وغير خاف على أحد، أن الإحتجاج بمراكش الحمراء خطوة خطيرة جدا، لكن ليس لأبناء الشعب حل آخر غير الإحتجاج لتحقيق مطالبهم العادلة. وعليه فإن هذه الخطوة يتابعها الإعلام العربي كما يتابعها الإعلام الوطني المكتوب والمسموع والإلكتروني. ومن ثمة فـ 10 آلاف إطار يعلنون عصيانهم المدني وفق القانون والدستور ولا يطالبون غير تحقيق العدالة الاجتماعية، وما خطوة مراكش إلا تجسيد لذلك، وإرباكا لحسابات الدولة، وتعرية وكشفا لفضيحة التعليم المغربي للعالم. وبكلمة يجب على المجتمع المدني أن يستفيق دفاعا عن المدرسة العمومية والمطالبة بإصلاحات مستعجلة، تمكن أبناء الشعب من الاستفادة من تعليم جيد ونموذجي. كما عليه دعم أبناء الشعب بعيدا عن الطبقية وسياسة الإقصاء التي تنهجها الحكومة التي جددت ولايتها تحت شعار بيع الوهم وليس مواصلة الإصلاح.

مجموع المشاهدات: 29137 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (10 تعليق)

1 | خريبكي
العصيان
تحية اجلال لهؤلاء المناضلين. والله العظيم لو خيرت (بضم الخا)بين الرباط و تل ابيب سوف اختار الاخيرة يوهموننا بالامن والاستقرار والتفرد في المنطقة لا تحلموا كثيرا فان العصيان المدني قادم فالموت اهون من حياة الذل والحكرة والعبوووووووووودية
مقبول مرفوض
15
2016/10/22 - 07:05
2 | سمير
absurde
أنا مفتش .اعرف هولاء تمام المعرفة.هم مجازين وليسو أطر .تكوينهم عبارة عن محو الأمية في علوم التربية.مستواهم المعرفي كارثي فما بالك على مستوى ممارسة مهنة التعليم.ادا وصف أهم الوزارة سيصبح التعليم في الدرك الأسفل.مدارس يا وزير التعليم
مقبول مرفوض
-19
2016/10/22 - 07:43
3 | احمد
منتصرون أو منتصرون
الإعلام لا يتحدث عن قضيتنا كقضية عادلة بل يتعامل مع الأمر الواقع فمتى وصلت معركة ما الى اللعودة تهافت الصحافيون لنقل الخبر
مقبول مرفوض
1
2016/10/22 - 04:22
4 | متمرد
إلى المفتش
يتبدى من خلال تعليقك أيها المفتش أنك دون المستوى (مفتش أمي لا يستطيع صياغة جملة مفيدة بطريقة سليمة وخالية من الأخطاء الإملائية). فلما يصبح أمثالك مفتشين لم يبق لنا سوى أن نقول: التعازي يا جماعة لقد مات التعليم بالمغرب!
مقبول مرفوض
6
2016/10/22 - 06:43
5 | عزيز
إلى المفتش
أيها المفتش يبدو لي ولى الشعب انه خص لي فتشك فلماذا تصمت على الاشباح في وزرتك ام انهم من عائلة اسيادك ياخاءن الامانة
مقبول مرفوض
1
2016/10/23 - 05:02
6 | محمد
تقويم مغالطة
انه ليس بمفتش انه يكذب يريد فقط بلبلة الوضع مدعوم من طرف أجندة خفية، وضعته في الواجهة لكي يدافع عنها. لا تعيروه اهتمامكم ياأطر الحرية.
مقبول مرفوض
0
2016/10/23 - 11:15
7 | عمر
كثير من المفتشين معقدين ملي كيولي مفتش فبدل ما يقوم بالتاطيرالهادف للاطر التربوية في منطقته يقوم باجراءات تفتيشية بوليسية وكان مصير الاستاد بيده.اعرف كثيرا من هدا النوع لكن البعض جزاهم الله خيرا يتميزون بحسن النية والتواضع ويجعلون مصلحة الاستاد والتلميد في المقدمة. هدا رد على تعليق دلك المفتش رقم2..
مقبول مرفوض
0
2016/10/23 - 03:41
8 | CASA
07/10/2016
لو عدنا الى يوم 07 اكتوبر 2016 سنجد ان اباؤكم و امهاتم صوتوا لحزب المصباح الان دوقوا
مقبول مرفوض
-1
2016/10/24 - 12:17
9 | مكون
التعليم فوق ما اعتبار
بدون مزايدات اذا كنا فعلا نريد أن ننهض بمستوى التعليم في هذا البلد فعلينا أن نتحلى بالشجاعة ونعترف انه وجب علينا ان نقطع مع الماضي وان نبدأ البناء على أسس متينة وصلبة حيث أنه لا يكفي ان تكون حاصل على الإجازة او غيرها لتكون كفرا لمزاولة مهنة التدريس بل وحده اختبار الكفاءة المهنية الكفيل بتحديد من يستحق أن يؤتمن على أبناء الشعب المغربي وعلينا ان نعترف ان هناك من يحصل على الشهادات بطرق شتى بعيدة كل البعد عن الطريقة الصحيحة ويكفي أن آسيا لكم حالتين وقعت في هذا الاسبوع مكون يكتشف ان أكثر من 70% لا يعرفون صياغة طلب شغل + (cv) كفانا مزايدات ولنكن واقعيين ولنجعل مصلحة المواطنين كل المواطنين فوق كل اعتبار لقد ربينا اجيالا للأسف اتكالية لا تعرف الا الطرق السهلة في الحصول على ما تريد لقد اجتزنا اختبار الكفاءة المهنيةقبلهم ومن لم يجتزه لم تعط له مهمة التدريس والتكوين عذرا أيها الآباء المثل الدارجي يقول اللي فيش ولدو خدعو لقد خدعنا ابناءنا ولم نتعظ بعد
مقبول مرفوض
0
2016/10/26 - 04:08
10 | أحمد من مراكش
التوافق
قال صلى الله عليه وسلم" ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه وقت الغضب " على الحكومة النظر في قضيةهؤلاء الاساتذة وانصافهم بعدم فصل التكوين عن التوظيف ما بالك في موظف يعمل ويحس بأنه مظلوم ماذا تنتظر منه ا وبعبارة أخرى ماذا تنتظر من المتتلمذين عليه أما من جهتك يا مربي الأجيال القادمة الا تجعل نضالك هذا ينتج عنه ما لا تحمد عقباه قد يكون سببا في تشريد عائلات بأكملها
مقبول مرفوض
0
2016/11/01 - 05:31
المجموع: 10 | عرض: 1 - 10

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة