ماذا بعد مقاطعة النقابات لاحتفالات فاتح ماي
بقلم : خالد التاج
مهما كانت الخلفيات والدواعي وراء القرار المتخذ من طرف أربع مركزيات نقابية و القاضي بعدم الاحتفال بعيد العمال في فاتح ماي ، والذي يعتبر قرارا استثنائيا بكل المقاييس ، حيث أن السبب الظاهر وراء هذا القرار هو وصول الحوار الاجتماعي مع حكومة بنكيران إلى الباب المسدود و التعنت في مواقفها اتجاه الطبقة الشغيلة ، غير أن باطن هذا القرار حسب الكثير من المتتبعين قد يكمن في ضعف هذه النقابات ووجود انشقاقات داخلية و الخوف من انكشاف ذلك في حالة الخروج و الاحتفال بفاتح ماي خصوصا في ظل غياب عناصر الديمقراطية الداخلية ومنطق الشفافية لدى البعض من هذه المركزيات إلى جانب البعد السياسي و الإيديولوجي الحاضر دائما في العمل النقابي و الذي يعتبر سببا رئيسيا في ضعف الحركة النقابية بالمغرب وعنصرا من عناصر غياب الثقة لدى فئات واسعة من الماجورين، إلا أنه سيضع متخذيه أمام إشكالات وتحديات أساسية : أهمها ما بعد اتخاذ قرار المقاطعة ، حيث ستجد نفسها مضطرة للتماهي مع هذا الطرح التصعيدي أمام الحكومة و الباطرونا في نفس الوقت ، حفاظا على ماء وجهها أمام جماهيرها و منخرطيها و احتراما لرصيدها و تاريخها النضالي ، وما يتطلبه ذلك من تنسيق للجهود و تكثيفها استعدادا للمرحلة المقبلة ، حيث يبدو المشهد منفتحا على جميع الاحتمالات ، خصوصا مع رفع السقف منذ البداية أمام الحكومة و تحميلها لكامل المسؤولية أمام هذا الفشل ، وقد يمكن حسب رأينا المتواضع تفهم تعثر هذا الحوار بين بعض المركزيات النقابية خصوصا المحسوبة على أدرع سياسية بعينها مع حكومة بنكيران والذي يتحكم في ملف الوظيفة العمومية، لكن كيف يمكن التعاطي مع ملف القطاع الخاص و الباطرونا ، و الفلاحين و صغار العمال و الحرفيين وصغار التجار .... إلخ والذين يشكلون أكثرية القوى العاملة و المأجورين في المجتمع المغربي.
فهل يمكن لهذه النقابات أن تطب نفس المنطق و ترفع سقف تصعيدها أيضا مع الباطرونا حيث تبدو سطوة الحكومة شبه غائبة عليهم ، أمام تحرير سوق التجارة و الخدمات و انفتاحه و عنصر المنافسة الشرسة ، والتعاطي مع هذا الملف يتطلب حوارا مرنا و حلولا توافقية بعيدا عن منطق التصعيد و الإضرابات وسياسة الباب المسدود و المقعد الفارغ الذي حشرت هذه النقابات نفسها فيه ، ويمكن القول في هذا الصدد أن أي تصعيد في تدبير هذا الملف قد تكون نتائجه وخيمة على فئات واسعة من المأجورين في القطاع الخاص وقد يأدي إلى تشريد الألاف منهم ، كما أن النقابات ينبغي أن تبقى وفية لفلسفتها و مبادئها الأساسية خصوصا في الدفاع عن الطبقات الكادحة و المستضعفين وصغار المأجورين ، وضرورة العمل على تغليب منطق العقل و الحكمة في التعاطي مع ملفاتهم و مطالبهم المشروعة بهدف تحقيق الحد الأدنى من كرامتهم و استقرارهم النفسي و المادي و الاجتماعي و الحصول على اتفاقات شغل جماعية و السلم الاجتماعي و التركيز على تحقيق العدالة في منظومة الأجور و معالجة الاختلالات و الفروقات الكبيرة التي تعتريها ، ومحاربة اقتصاد الريع و الامتيازات واعتماد الشفافية و الديمقراطية الداخلية ، حيث تعتبر هذه المبادئ و الأهدافهي الرصيد الحقيقي لكل نقابة وسر وجودها و قوتها في الساحة بل و استمرارها .
عدد التعليقات (7 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟