الرئيسية | سياسة | لماذا لم يبادر البرلمانيون إلى التخلي طوعا عن "ريع" تقاعدهم قبل أن يجبروا على تركه؟

لماذا لم يبادر البرلمانيون إلى التخلي طوعا عن "ريع" تقاعدهم قبل أن يجبروا على تركه؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
لماذا لم يبادر البرلمانيون إلى التخلي طوعا عن "ريع" تقاعدهم قبل أن يجبروا على تركه؟
 

 

بقلم : اسماعيل الحلوتي

منذ زمن ليس باليسير وحناجر المغاربة تكاد تنفجر من فرط الاحتجاج لإلغاء معاشات البرلمانيين، التي يرونها ريعا سياسيا يستنزف مالية الدولة. إذ ما عدا قلة من البرلمانيين تفاعلت إيجابيا مع هذا المطلب الشعبي، استمر الكثيرون منهم متمسكين بها، باعتبارها مكسبا مشروعا لا يمكن التنازل عنه، إلى أن طفا على السطح خبر توقيفها، الذي أربك المشهد السياسي وزلزل الأرض من تحت أقدام النواب والمستشارين، في حين نزل بردا وسلاما على المستضعفين.

     فقد تقرر فجأة توقيف صرف معاشات حوالي ألف نائب برلماني تتراوح ما بين 5 و15 ألف درهم حسب عدد الولايات التشريعية، تبعا لمذكرة موجهة إلى مكتب مجلس النواب من لدن الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، الخاضع لإدارة صندوق الإيداع والتدبير، المكلف بصرف معاشات النواب والمستشارين، أوضح من خلالها تعرضه لاختلالات بنيوية، حيث حصر رصيده بتاريخ 15 شتنبر 2017 في حوالي 30 مليار درهم، وهو مبلغ لا يوفر ما يكفي من سيولة لمواصلة أداء المعاشات القديمة والجديدة ابتداء من فاتح أكتوبر 2017، ما لم يعجل بإيجاد مخرج مناسب.

     وعلى إثر ما خلفه هذا العجز المالي من جدل واسع واحتجاج بعض الأعضاء "المتضررين" على إدارة مجلس النواب، حاول رئيسه حبيب المالكي تطويق الأزمة عبر إقناع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بدعم مالي من الميزانية الاستثنائية دون جدوى. إذ لم تتأخر الحكومة في التعبير عن موقفها الرافض من خلال الناطق الرسمي باسمها، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني مصطفى الخلفي، الذي صرح في ندوة صحفية يوم الخميس 5 أكتوبر 2017، بأن معاشات البرلمانيين شأن خاص بالبرلمان، وأن مجلس النواب وحده المعني بالبحث عن الحل الأنسب. 

     وبصرف النظر عن دواعي هذا "التوقيف"، الذي لم يأت استجابة لضغط الشارع ومبادرات فعاليات المجتمع المدني. ولا يهم المغاربة إن كان ناجما عن فساد أو سوء التخطيط والتدبير أو أي شي آخر، بقدرما يهمهم إسقاط معاشات البرلمانيين والوزراء كذلك. ليس فقط لأن البلاد تمر بأوضاع اقتصادية واجتماعية متأزمة وتعاني من استشراء الفساد الإداري والمالي، في ظل انعدام الحكامة وترشيد النفقات وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتصاعد حجم المديونية وارتفاع نسب الفقر والأمية والبطالة خاصة في صفوف حاملي الشهادات العليا، واتساع دائرة الفوارق الاجتماعية وغلاء المعيشة وتجميد الأجور... بل لأن برلمانيينا لم يستطيعوا على مدى أزيد من خمسين سنة رسم صورة مشرقة عما ينبغي أن يكون عليه ممثلو الأمة من كفاءة ولباقة وقدوة حسنة، للارتقاء بالعمل التشريعي ولغة الخطاب السياسي...

     فمن أبجديات العمل السياسي النبيل والتمثيل النيابي المثمر، التحلي بروح المواطنة الصادقة وتقدير جسامة المسؤولية، غير أن البرلماني المغربي مازال بعيدا عن المستوى الذي يجعله يحظى باحترام الجماهير الشعبية، رغم ما يحصل عليه من امتيازات وتعويضات شهرية مغرية ويتوفر له من حصانة قانونية. ويتضح ذلك من خلال عدم انضباطه وتغيبه خلال الجلسات العامة، لاسيما أن ما تم اعتماده من إجراءات ردع الغياب غير مفعلة. فالشغل الشاغل لمعظم البرلمانيين هو تنمية أرصدتهم البنكية والاهتمام بمصالحهم الشخصية، لا يكترثون بهموم وقضايا المواطنين أو ينزعجون من أصوات التنديد والاستنكار، وارتفاع نسبة العزوف عن الانخراط في الحياة السياسية وضعف المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، إذ فقد الكثيرون مصداقيتهم جراء الوعود الكاذبة والشعارات الزائفة... ثم أليس للأحزاب السياسية النصيب الأوفر في ما آلت إليه الأوضاع من ترد بشهادة ملك البلاد الذي لم يخف امتعاضه من عملها في الذكرى 18 لاعتلاء عرش أسلافه، إثر تخليها عن دورها التأطيري والابتعاد عن الديمقراطية في انتقاء المرشحين للانتخابات من ذوي الكفاءة والاستقامة...؟

     والعمل البرلماني مهمة انتدابية محددة في الزمان، وليست وظيفة أو مهنة تستوجب تقاضي معاشا. أما القانون 24-92 المتعلق بإحداث معاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب، القاضي بتخصيص منحة لهم مدى الحياة، تتراوح ما بين 5 و15 ألف درهم صافية ومعفاة من الضريبة وغير خاضعة لأي تصريح، فإنه ليس كتابا مقدسا لا تعدل أو تلغى بعض مضامينه. ويشار إلى أن اشتراك النواب والمستشارين هو: 2900 درهم، يؤدى عنها للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين نفس القدر من مجلسي البرلمان. وأن قيمة المعاش الشهري لأعضاء الغرفتين حددت في ألف درهم عن كل سنة تشريعية كاملة. ويسمح للمنخرط في أحد صناديق التقاعد قبل انتخابه، مواصلة أداء واجباته. ألا يدخل الحصول على معاشين في حالة التنافي ويتعارض مع قانون الوظيفة العمومية؟ فمن العار الادعاء بأن معاشات البرلمانيين تخضع لنظام التأمين، بينما تساهم الدولة في تقاعد 395 نائبا و120 مستشارا مقابل استفادة آلاف البرلمانيين من "المعاش". فأين التوازن ؟

     إن البلاد تعيش ظروفا عصيبة، لا تسمح بالاستمرار في استنزاف الطبقات الفقيرة والمتوسطة، لأداء الأجور والمعاشات المرتفعة لكبار المسؤولين وإنقاذ الصناديق المنهوبة والمفلسة. وإذا تعذر إنهاء نظام "معاشات" البرلمانيين وتصفيته، فلم لا يفكر "جهابذتنا" في إصلاح مستعجل للنظام المعتمد وتقنينه، كإرجاء "المنحة" إلى سن التقاعد ومراجعة قيمتها الشهرية، على غرار ما قامت به فرنسا من تغييرات، كانت آخرها في 2010 برفع سن التقاعد إلى 62 سنة وخفض مبلغ المعاش ب30 بالمئة ؟ ولماذا لا ينخرط المتشبثون بهذا الريع في الأبناك وشركات التأمين، للاستفادة من خدمة التقاعد التكميلي؟ 

 
مجموع المشاهدات: 7840 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (8 تعليق)

1 | تشومسكي
لا للريع
و لماذا لا يعتمدون اصلاحا مقياسيا كالرفع من نسبة الاقتطاع و سن الاستفادة من التقاعد ...،كما فعلوا مع فقراء الوطن
مقبول مرفوض
11
2017/10/15 - 04:57
2 | لهيب الفساد
لا تعاكسوا التاريخ، فقد انتصر الفساد وانتشر اللهيب ولا من يوقفهما لانه قد قضي الامر. وهدا بالضبط ما كان ينتظره موردوه. فكل كلام اليوم او تحليل قد فات اوانه لان المغرب دخل فعلا منعطفا لا يحسد عليه
مقبول مرفوض
6
2017/10/15 - 05:46
3 |
بل سيقتطعون من أجور الطبقة العاملة الفقيرة و يعطوها لهؤلاء ال....
مقبول مرفوض
10
2017/10/15 - 05:46
4 | anas
vive le roi vive lafamille royal vive le peuple et non vive les parlementaire les voleurs !
مقبول مرفوض
-2
2017/10/15 - 06:03
5 | قولو العام زين
قولو العام زين
الناس كامونيين تيعطيو الريحة من كيتحكوا مزيان.
مقبول مرفوض
6
2017/10/15 - 06:49
6 | marrakechi
addawabbb
إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ
مقبول مرفوض
3
2017/10/15 - 07:46
7 | عبد الغفور
المغرب
صراحة لم اعد اثق في هده الخطابات مللتها. لم نرى اي جديد رانا غادين لور لور ... الطبقة المتوسطة والفقير والكادحة تزداد فقرا شهرا بعد شهر عاما بعد عام تاطبقة الغنية والحاشية وخدام الدولة تتجدر تزداد ترواتها بشكل مهول المسكن المواطن الضعيف الموضفين مقهورين مابلك بمن لا وظيفة لهم (طالب معاشوا) ره مقهورين اوصابرين البطالة استفحلت وتجدرت ان مايقع في المغرب يبكي رغم مايظهر من زواق من برا اشخبارك في الداخل؟؟ المغرب ليس فيه فقط مدن طنجة الرباط مراكش الدار البيضاء لتستفيد من المشارع راه ماينين مدن في المغرب تدخلهم والله تحشم تسميها مدينة. الكل يعرف اين الخلل "شي نهار غادي تقول ببببوممممم" والله لا حبستوها عمري الان 32 عام والله مستقبل مظلم في هده البلاد خرجتو عليها وخرجتو علينا وخرجتو على الاجيال القادمة من ابناء الشعب لو كان بودي ننصحها بلا ماتجي لافعلت... اما خدام الدولة والحاشية وباك صاحبي فلا خوف عليهم ... دعيناكم الله حتى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم... اقسم بالله اكتب والدموع خرجوا ليا ليس ضعفا مني انما لما وصل اليه الشباب ضعنا في هده البلاد .
مقبول مرفوض
3
2017/10/16 - 01:58
8 | عبدالله
لانهم
لانهم تجار انتخابات ونهب اشتروا القطيع ويبيعونه في عيد الاضحى وقاهري الشعب ومجوعيه ومعريه وقامعيه ويحبون المال حبا جما ....اوروبا رءيس الدولة لا يملك شيءا ورءيس الوزراء يركب دراجة نارية...هل تعلم ان العرب جرب
مقبول مرفوض
2
2017/10/20 - 02:23
المجموع: 8 | عرض: 1 - 8

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة