الرئيسية | سياسة | هل يطال سيف المحاسبة رقبة "اخشيشن" بعد الفضيحة التي كانت بطلتها "المدموزيل"؟

هل يطال سيف المحاسبة رقبة "اخشيشن" بعد الفضيحة التي كانت بطلتها "المدموزيل"؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
هل يطال سيف المحاسبة رقبة "اخشيشن" بعد الفضيحة التي كانت بطلتها "المدموزيل"؟
 

بقلم: اسماعيل الحلوتي

وفق ما تداولته صفحات التواصل الاجتماعي بشكل واسع في ساعات متأخرة من ليلة الخميس وصباح الجمعة 2/3 غشت 2018، عن حادث اصطدام سيارة فاخرة بعمود كهربائي وسط حي الرياض بالرباط، والذي لم تكن بطلته سوى ابنة أحمد اخشيشن القيادي بحزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض، ووزير التربية الوطنية سابقا في حكومة عباس الفاسي ورئيس جهة مراكش- أسفي حاليا. يبدو أن هناك لعنة ما تطارده، حيث مازالت تداعيات البرنامج الاستعجالي عالقة به، وهو المخطط الذي قيل عنه آنذاك بأنه جاء قصد تسريع وتيرة إصلاح منظومة التربية والتكوين على مدى أربعة أعوام (2009/2012)، ورصدت له ميزانية ضخمة قدرت بحوالي 42 مليار درهم. بيد أنه سرعان ما تبخر الأمل، وتحول حلم النهوض بقطاع التعليم إلى كابوس رهيب.

وشاءت الأقدار أن تقع الحادثة/الفضيحة في ظرف دقيق، يحرص خلاله ملك البلاد على تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتطبيقه على جميع المسؤولين مهما كانت درجاتهم وكيفما كانت انتماءاتهم. والفضيحة لم تعد إلى الأذهان فقط حجم الفساد الذي رافق البرنامج الاستعجالي، بل كشفت أيضا عن أن البنت المدللة كنزة اخشيشن ذات 18 ربيعا والمسموح لها قانونا بالتصويت في الاستحقاقات الانتخابية، كانت تقود سيارة من نوع "هيونداي توكسون" رباعية الدفع في ملكية مجلس الجهة بدون رخصة سياقة. فمن سمح لها باستغلالها والتجول بها في منتصف الليل بالعاصمة الإدارية؟

وإذا كان محمد الوفا القيادي السابق في حزب الاستقلال ووزير التربية الوطنية في النسخة الأولى من حكومة بنكيران، استجاب لبعض الأصوات الحقوقية المطالبة بإجراء افتحاص شفاف حول مجال صرف ميزانيات البرنامج الاستعجالي والإعلان عن نتائجه، وأمر بفتح تحقيق في الموضوع، الذي كشف عن وجود اختلالات بالجملة شملت عدة مشاريع، وتبين أنه لم ينجز سوى 99 مدرسة ابتدائية من أصل حوالي 400 كانت مبرمجة، وتسليم 67 داخلية فقط من مجموع 350، فإن محمد حصاد وزير التربية في حكومة سعد الدين العثماني المعزول على خلفية تعثر البرنامج التنموي الضخم المسمى: "الحسيمة منارة المتوسط"، أوقف سبعة مسؤولين كبار بعدد من الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وأمر بتجميد رواتبهم، لضلوعهم في خروقات مالية ذات علاقة مباشرة بتنزيل "البرنامج الارتجالي"، الذي اتخذه رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران وخلفه سعد الدين العثماني سوطا للتنكيل ببرلمانيي الجرار، كلما وجهوا سهام الاتهام للحكومة بافتقارها إلى الإرادة الحقيقية لإصلاح المنظومة التعليمية...

ولنترك الآن قضية البرنامج الاستعجالي في أيدي أهل الاختصاص مادام المجلس الأعلى للحسابات قام بافتحاص الميزانيات المرصودة، وأن هناك ملفات معروضة أمام المحاكم وأخرى في انتظار دورها، ونعود لحادث الارتطام القوي بالعمود الكهربائي، إثر السرعة المفرطة وفقدان البنت "الدلوعة" السيطرة على مقود السيارة، التي لحسن حظها خرجت منها "سالمة". فقد حاول والدها أحمد اخشيشن رئيس جهة مراكش- أسفي جاهدا التستر على "جريمة" كريمته، المتمثلة في وضعها اليد على سيارة مجلس الجهة والتسكع بها ليلا في أحياء العاصمة دون رخصة، وما ألحقته من أضرار جسيمة بالسيارة وعمود النور، والحيلولة دون تسريب الخبر إلى الصحافة، إلا أن كل محاولاته وتدخلاته باءت بالفشل.

ولأن سيف المحاسبة بات قريبا من رقبته، لما أثارته هذه الفضيحة من نقاشات ساخنة وتحولت إلى قضية رأي عام، سارع عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية إلى مراسلته حول ملابسات الحادث، تفعيلا للفصل 67 من القانون التنظيمي للجهات، وهو ما قد يعرضه للعزل من منصبه. وفضلا عما ظل ينادي به بعض برلمانيي الحزب من تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول مسؤوليته في تبديد أموال البرنامج الاستعجالي ومابات يشكله من عبء على الحزب، انتفض كذلك عشرات من أعضاء المجلس الوطني، يستنكرون بشدة فضيحة ابنته ويطالبون المكتب السياسي بإحالته على لجنة الأخلاقيات وتجميد عضويته.

أليس من الخزي والعار إصرار ال"كبار" على العوم ضد التيار، باستمرارهم في العبث والاستهتار بالمسؤوليات؟ أيجهلون أم يتجاهلون الفصل السادس من الدستور الذي ينص صراحة على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. وأن الجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له، وأن على السلطات العمومية إعداد الظروف المواتية لتعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين والمساواة بينهم؟ فلم التمادي في الغطرسة والتعامل بسياسة الكيل بمكيالين، ليبقى الموظفون السامون في مأمن من المساءلة والمحاسبة؟ ثم ماذا لو أن البنت "المصونة" صدمت شخصا أو أكثر من الأبرياء؟ إذ لولا أنها كانت تقود السيارة ليلا حيث تقل حركة المرور، لكانت الحصيلة أكبر والكارثة أعظم ! ولم لا يعاد النظر في قانون السياقة بدون رخصة؟

وإيمانا منا بما لمبدأ المساواة من انعكاسات إيجابية، ندعو بقوة إلى ضرورة رفع التمييز القائم بين أبناء علية القوم وغيرهم من أبناء الفقراء، والكف عن جعل الانتماء الاجتماعي "بطاقة بيضاء" للاعتداء على القانون. ولعل ما بات يعرقل مسار التنمية من إخلالات، هو ما أدى بالملك إلى التركيز المتواصل على تكريس الديمقراطية وتنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، داعيا الجميع إلى التحلي بروح المواطنة الصادقة والحس بالمسؤولية في التصدي لكل مظاهر التسيب والرشوة والزبونية... فلتتكاثف جهود جميع القوى الحية بالبلاد من أجل وضع حد للتجاوزات وردم بؤر الفساد. وعلى الحكومة أن تنكب على تدارك ما أخفقت فيه سابقتها، والتعجيل بتفعيل القوانين التنظيمية، التي بدونها تفقد الوثيقة الدستورية عمقها وجوهرها.

مجموع المشاهدات: 11237 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (9 تعليق)

1 | hmida
je ne pense pas que la haute autorite du pays va laisser passer une telle catastrophe comme ca
مقبول مرفوض
0
2018/08/12 - 06:07
2 | احمد
المغاربة سواسية امام القانون
ان هذه الفضيحة ستبين ﻷمغاربة مدى مصداقية ربط المحاسبة بالمسؤولية . نريد تطبيق القانون على الجميع هذا الشخص خرب التعليم ولم يتمكن من القيام باي شيئ رغم 42ملير درهم التي تبخرت ودخلت الى الجيوب دون اي محاسبة . جاء الوقت ليحاسب هذا الشخص لان الله يمهل ولا يهمل. 
مقبول مرفوض
3
2018/08/12 - 06:08
3 | قلم رصاص
مادام لم يقال الرءيس من منصبه ...فالدواءر العليا مازالت تتشاور وتجس نبض الشارع وتنتظر التعليمات لكي تطبق القانون الواضح الذي لا غبار عليه ...كم سننتظر حتى يطبق قانون ألح عليه الملك في اخر خطاباته ومتابعة الرءيس عن كل تداعيات الحادثة وكدلك من أمر باطلاق سراح كنزة المدللة وهي تسوق سيارة الدولة بدون أي وتيقة تسمح لها لا بالسياقة ولا باستعمال سيارة الدولة في منتصف الليل...أين نحن من تصرفات النيابة العامة من كل وقع وكل ما أمرت به اخلاء سبيلها والمواطن العادي في هذه الحالة يعتقل ويتابع طبقا للقانون...اذن كنزة بنت السيد الرءيس فوق القانون ...فان لم تستحيوا ولا يندى لكم جبين فافعلوا ما شءتم واقضوا فيما أنتم قاضين فيه...أنما تقضون هذه الحياة الدنيا ليس الا وعند ربكم تختصمون ...!!!؟؟؟
مقبول مرفوض
2
2018/08/12 - 07:42
4 | سعيد من وجدة
السجن للصوص
الشعب يطلب من القضاء السجن لهذا اللص. فالادلة موجودة.
مقبول مرفوض
2
2018/08/12 - 09:28
5 | ادريس
القانون اولا...
احتراما لمبدا المساواة امام القانون الذي ينص عليه الدستور المغربي يجب تفعيل المقتضيات القانونية في الموضوع...
مقبول مرفوض
1
2018/08/12 - 11:38
6 | Tazi
Pas sur
Vous voulez rire .ça n existe pas au Maroc.
مقبول مرفوض
0
2018/08/12 - 12:21
7 | Ali
غدي يخرج زي شعر من العجين. دولة الحق للاصحاب المناصب و القانون للفقراء
مقبول مرفوض
0
2018/08/12 - 06:27
8 | مغربي
بنت اخشيشن والقانون
المحاكمة تتم على الفقير اذا اعتدى على الغني .والسجن للفقير اذا اعترض على فعل الغني.اما الغني أو الكبير أو الوزير فلا يمكن محاكمته.لانه أكبر من القاضي ومن الحاكم وربما لفق له تهمة تدخله السجن.
مقبول مرفوض
0
2018/08/13 - 12:08
9 | سارة
كلهم كيشفروا إلا من رحم ربي , الوزراء شلة شفايرية واش ايحاسبوا بعضياتهم , ضروري ما واحد يطاكي على لاخور , يعني المحاسبة مغديش تجي منهم , كنتمنا من ملكنا الله ينصره على الظالمين يعرضهم للمحاسبة و يسجن كل واحد ثبت اختلاسه للأموال , و يرجع المال لخزينة الدولة ولم لا يتفرق على الفقراء , أليس الفقر هو أكبر مشكلة ببلدنا بسبب الفساد و خيانة الأمانة
مقبول مرفوض
0
2018/08/13 - 07:50
المجموع: 9 | عرض: 1 - 9

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة