الرئيسية | دين ودنيا | الاجابة الصحيحة لسؤال : "أين الله"؟

الاجابة الصحيحة لسؤال : "أين الله"؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الاجابة الصحيحة لسؤال : "أين الله"؟
 

إن قُصد بهذا السؤال طلب معرفة الجهة والمكان لذات الله، والذي تقتضي إجابته إثبات الجهة والمكان لله سبحانه وتعالى، فنقول بأنه لا يليق بالله عز وجل أن يُسْأَل عنه بـ"أين" بهذا المعنى؛ لأن الجهةَ المكانُ من الأشياء النِّسْبِيَّة الحادثة، بمعنى أننا حتى نصف شيئًا بجهة معينة يقتضي أن تكون هذه الجهة بالنسبة إلى شيء آخر، فإذا قلنا مثلا: السماء في جهة الفوق، فستكون جهة الفوقية بالنسبة للبشر، وجهة السفل بالنسبة للسماء التي تعلوها وهكذا، وطالما أن الجهة نسبية وحادثة فهي لا تليق به، فالله عز وجل ليس كمثله شيء، كما أخبر سبحانه عن نفسه في كتابه العزيز حيث قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}..[الشورى: 11].

 

ولا ينبغي للإنسان أن يتطرق ذهنه إلى التفكر في ذات الله سبحانه وتعالى بما يقتضي الهيئة والصورة، فهذا خطر كبير يفضي إلى تشبيه الله سبحانه وتعالى بخلقه، فيجب علينا أن نتفكر في دلائل قدرته سبحانه وآيات عظمته فنزداد إيمانا به سبحانه وتعالى.

 

ويجب على المسلم أن يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود، ومعنى كونه تعالى واجب الوجود: أنه لا يجوز عليه العدم، فلا يقبل العدم لا أزلا ولا أبدا، وأن وجوده ذاتي ليس لعلة، بمعنى أنَّ الغير ليس مؤثرًا في وجوده تعالى. فلا يعقل أن يؤثر الزمان والمكان في وجوده وصفاته.

 

والمسلمون يؤمنون بأن الله سبحانه وتعالى قديم، أي: إنهم يثبتون صفة القدم، وهو القدم الذاتي ويعني عدم افتتاح الوجود، أو هو عدم الأولية للوجود، وهو ما استفيد من كتاب الله في قوله: {هُوَ الْأَوَّلُ}..[الحديد: 3].

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ)) [أخرجه مسلم في صحيحه]. فصفة القدم تنفي أن يكون وجوده مسبوقا بالعدم أو بوجود شيء قبله، لذا فهي تسلب معنى تقدم الخلق عليه.

 

وصفات الله سبحانه وتعالى كذلك قديمة، فهي لا تتغير بحدوث الحوادث، وإثبات الجهة والمكان معناه يقتضي هذا التغير، بمعنى أن الله لم يكن متصفًا بالعلوِّ والفوقية من حيث الجهة إلا بعد أن خلق العالم، فقبل خلق العالم لم يكن في جهة الفوق؛ لعدم وجود ما هو في جهة السفل، وبهذا تكون الفوقية المكانية أو العلو المكاني صفة حادثة نتجت عن حادث؛ ولذا فهي لا تصلح صفة لله سبحانه وتعالى.

 

كما يؤمن المسلمون بمخالفته سبحانه وتعالى للحوادث، وتعني مخالفة الحوادث في حقائقها، فهي تسلب الجِرْمية والعرضية والكلية والجزئية ولوازمها عنه تعالى، فلازم الجرمية التحيز، ولازم العرضية القيام بالغير، ولازم الكلية الكبر والتجزئة، ولازم الجزئية الصِّغر، إلى غير ذلك، فإذا ألقى الشيطان في ذهن الإنسان: إذا لم يكن المولى جرمًا ولا عرضًا ولا كلاًّ ولا جزءا فما حقيقته؟ فقل في ردك: لا يعلم الله إلا الله.

[حاشية البيجوري على جوهرة التوحيد ص111 وما بعدها].

 

واستفيدت هذه الصفة من قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}..[الشورى: 11]، ومن السنة النبوية ما روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه: أن المشركين قالوا: يا محمد، انسب لنا ربك، فأنزل الله عز و جل: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ}..[الإِخلاص: 1، 2] قال:{ الصمد الذي لم يلد وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.

 

[الإِخلاص: 3، 4]"، لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وأن الله لا يموت ولا يورث، {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}..[الإِخلاص: 4] قال: "لم يكن له شبيه ولا عدل، وليس كمثله شيء". [أخرجه الحاكم في المستدرك في تفسير سورة الإخلاص 2/ 589. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه].

 

فوصف نفسه سبحانه، ووصفه رسوله صلى الله عليه وسلم بسلب المثل والنقائص التي لا تليق به، ففهم المؤمنون أنه سبحانه مخالف للحوادث.

 

وعليه فلا يجوز وصف الله سبحانه وتعالى بالحوادث، ولا السؤال عنه بما يقتضي وصفه بذلك، فلا يسأل عن الله بأين بقصد معرفة جهة ذاته سبحانه ومكانها؛ وإنما يجوز أن يسأل عنه بأين بقصد معرفة ملكوته سبحانه، أو ملائكته أو أي شيء يجوز السؤال عنه ووصفه بالحوادث، وعلى هذا يؤول معنى ما ورد في الشرع من السؤال بأين أو الإخبار بما ظاهره الجهة.

 

 

 

مجموع المشاهدات: 4787 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 | عبد المومن
تنبيه
على المؤمن أن يومن بالله ويعرفه بالصفات كما قال ابن عاشر : أول واجب على من كلفا ممكنا من نظر أن يعرفا الله والرسل بالصفات مما عليه نصب الايات ,,,,,,, ثم ذكر صفات الله تعالى وعددها عشرون هي : الوجود القدم البقاء الغنى المطلق المخالفة للحوادث الوحدانية القدرة الإرادة العلم الحياة السمع البصر الكلام وكونه تعالى قادرا ومريدا وحيا وسميعا وبصيرا ومتكلما..وهذه الصفات تنقسم إلى نفسية وسلبية ومعاني ومعنوية...ولا يتسع المجال لتفصيلها ...إلا أنه لا بد من الإشارة والتنبيه إلى مشألة هامة جدا هي أن هذه الصفات ليس المقصود منها تجسيد الذات الإلهية أ و محاولة تصور الله تعالى على هيأة من الهيات أو على صورة مخصوصة لأن ذلك فيه تشبيه يؤدي إلى الشرك والعياذبالله ولذلك كان علماؤنا الأفاضل يقولون : العجز عن الإدراك إدراك والخوض في ذات الله إشراك...وكل ما خطر ببالك فربنا مخالف لذلك ........
مقبول مرفوض
1
2015/04/18 - 07:57
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة