الرئيسية | قضايا المجتمع | من المسؤول الحقيقي عن كارثة سيدي بولعلام؟

من المسؤول الحقيقي عن كارثة سيدي بولعلام؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
من المسؤول الحقيقي عن كارثة سيدي بولعلام؟
 

 

بقلم : اسماعيل الحلوتي

كثيرة ومتعددة هي المداشر والمناطق النائية والجماعات الترابية، التي لا نعلم بموقعها على مستوى خريطة المغرب إلا عند الانتفاضات الشعبية أو حدوث الكوارث الطبيعية والفواجع البشرية. وتندرج في هذا الإطار الجماعة القروية بسيدي بولعلام التابعة لإقليم الصويرة، التي اهتز الرأي العام الوطني غداة عيد الاستقلال لخبر مصرع 15 شخصا وإصابة آخرين فوق ترابها، إثر عملية توزيع مواد غذائية من قبل أحد المحسنين، استقطبت مئات الفقراء والمعوزين من مختلف جماعات الإقليم والأقاليم المجاورة له، بسبب ازدحام شديد وتدافع قوي وسوء التنظيم، حسب شهود عيان.

ونحن هنا أمام هذا المصاب المأساوي الأليم، الذي تناقلت صور ضحاياه عديد المواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية الوطنية والأجنبية، لا يهمنا أن تباشر المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية تحقيقا عاجلا حول ملابسات وحيثيات الفاجعة، لمعرفة إن كانت هناك إخلالات وتجاوزات وتحديد المسؤوليات، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون قضاء وقدرا، بقدر ما يهمنا الرد عن مجموعة الأسئلة الحارقة التي انبثقت عنه، وفي مقدمتها السؤال الأكثر عمقا وهو من أوصل هؤلاء المستضعفين وكثيرين غيرهم في ربوع الوطن إلى الارتماء في أحضان الموت المذل. إذ منهم من قضوا تحت حصار البرد والثلوج والجوع في أعالي الجبال والمناطق المعزولة، ومنهم من أضرم النار في جسده ومنهم من تحول إلى وجبة شهية للحيتان في عرض البحر ومنهم من فجر نفسه في عمليات إرهابية...؟ أليس من المخجل أن يلقى 15 شخصا حتفهم دفعة واحدة من أجل كيس دقيق لا يتجاوز ثمنه "ألف ريال" في مغرب القرن الواحد والعشرين، مغرب الطاقة المتجددة والتيجيفي والقمر الاصطناعي؟

ففاجعة سيدي بولعلام حركت المياه الراكدة وعرت على واقع البؤس والمرارة التي يتجرعها آلاف المواطنين في مغرب الاستثناء. والمثير للاستغراب أن القيادية في الحزب الحاكم والعضو في الحكومة وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية للمرة الثانية على التوالي، بسيمة الحقاوي، وفي تملص مكشوف من مسؤوليتها سارعت عبر تدوينة على صفحتها الرسمية بالفايسبوك إلى دعوة السلطات والمصالح المختصة في مجال التضامن والإحسان، إلى ضرورة الالتزام بتأطير الميدان والحفاظ على سلامة المواطنين وحماية كرامتهم، وكأنها تنتمي إلى المعارضة. ناسية أنها هي نفسها من ادعت عدم وجود الفقر بالمغرب خلال ولايتها السابقة في شهر أبريل 2016، ردا عن سؤال بمجلس المستشارين حول استشهاد "مي فتيحة" بائعة الخبز بمدينة القنيطرة، التي أضرمت النار في جسدها احتجاجا عما لحقها من ظلم وقهر على يد أحد رجال السلطة. مما أثار عليها موجة من السخط العارم، على غرار ما تعرضت له زميلتها شرفات افيلال القيادية بحزب التقدم والاشتراكية الوزيرة المكلفة بالماء للولاية الثانية من انتقادات وسخرية لاذعة، عندما اعتبرت في لقاء تلفزيوني مباشر أن ما يتقاضاه البرلمانيون والوزراء من معاشات ليس سوى "جوج فرانك". والحال أن هناك آلاف المواطنين يعيشون تحت عتبة الفقر في الكهوف بأقل من ألف فرنك في اليوم.

إن هذه الكارثة المفجعة والموجعة ليست هي الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة ما لم تتحرك الضمائر الحية في اتجاه إيقاف مسلسل العبث، جاءت لإماطة اللثام عن واقع مر أفرزته السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة، والذي ما انفك المستضعفون يتخبطون في أوحاله، المتمثلة في التفقير والتجويع والتهميش والإقصاء، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والأمية والجهل والمرض والتسول والهدر المدرسي وتشغيل القاصرين واتساع دائرة الفوارق الاجتماعية والمجالية وانعدام تكافؤ الفرص بين أبناء الشعب... سياسات لاشعبية زادت الأغنياء غنى والفقراء فقرا، تشجع المفسدين على مزيد من النهب والسلب واستنزاف خيرات البلاد ومصادرة حقوق العباد، وإغراق الميزانية في مستنقعات المديونية ورهن مستقبل الأجيال للمجهول... فما حدث هناك بالقرب من مدينة الرياح، يعكس بجلاء عمق الأزمة الاقتصادية وتردي الأوضاع الاجتماعية، أمام غياب الحس الوطني وربط المسؤولية بالمحاسبة وانعدام الشفافية والنزاهة والحكامة الجيدة...

فعلى الرغم من أن الملك محمد السادس كان قد تساءل في أحد خطبه عن مصير ثروة المغرب، ومن يستفيد منها؟ جراء ما لاحظه خلال جولاته التفقدية من مظاهر الفقر والهشاشة وحدة الفوارق الاجتماعية... وما تلا ذلك من تقريع للنخب السياسية وتحميلها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من تدهور وارتفاع منسوب الاحتقان الشعبي وتنامي الحركات الاحتجاجية. مازال البرلمانيون والوزراء منشغلين عن هموم وقضايا الشعب بمصالحهم الذاتية، إذ عوض وضع مقترحات قوانين لحماية كرامة المواطنين، انصرفوا إلى سن قوانين لترسيم تعدد الأجور والتعويضات والمكافآت والمعاشات. فأين نحن من تلك الوعود والشعارات، الداعية إلى محاربة الفساد والاستبداد، وتشغيل العاطلين وتقليص الفوارق الاجتماعية وإصلاح المنظومة التعليمية وقطاع الصحة؟

شيء جميل أن تخصص حكومة العثماني في مشروع قانون المالية لسنة 2018 ملياري سنتيم لمحاربة الكلاب الضالة والجرذان والبعوض، لكن ماذا أعدت من آليات لمحاربة كبار المفسدين والمتهاونين؟ وماذا هيأت من نموذج تنموي جديد، يكون قادرا على رفع التحديات، ويساهم في خلق الثروة وتوفير فرص الشغل والعدالة الاجتماعية والمجالية...؟ فمن العار أن نجد حوالي 80 بالمائة من الأسر المغربية تعيش الفقر بصمت، في وقت يملك المغرب ثروات منجمية وبحرية هائلة أراضي زراعية شاسعة، بيد أن من تعاقبوا على تدبير الشأن العام لم يكونوا في مستوى تحمل المسؤولية، من حيث التخطيط الاستراتيجي الجيد وتوجيه الاستثمار إلى القطاعات المنتجة...

مجموع المشاهدات: 9848 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (11 تعليق)

1 | عزيز مطيع
انشر
#الرغيف_المسموم كانت لي جلسة خفيفة هذا الصباح مع إحدى الأسر المكلومة التي فقدت ربتها في أحد الصويرة الأسود.. كان أطفال امي فاطمة الأرملة الثلاثة يعانقون بعضهم وينتحبون دون دموع.. لقد جفت الدموع من مقلهم.. أعين حمراء منتفخة ومتورمة.. وجوه شاحبة وكأنها تحتضر.. الطفل الصغير ذو الخمس سنوات لا يتوقف عن ترديد عبارة واحدة منذ أمس : - بغيت ماما ما بغيتش الخبز .. جيبوا لي ماما وأخته التي تكبره بسنة ونصف تعانق شقيقتها ذات التسع سنوات وتنتحب دون أن يسعفها لسانها على الكلام من هول الصدمة... الشقيقة الكبرى تحتضن شقيقيها الإثنين وهي بين مطرقة فقدان الحضن الدافئ على حين غفلة، وسندان التفكير في مصيرها ومصير هذين الصغيرين الذين يحتميان بها. خرجت من خيمة المرحومة امي فاطمة وانا مطأطا الراس أهيم بين أزقة الصويرة حتى بلغت الساحة التي تنظم فيها الحكومة مهرجانها السنوي 《كناوة》تحت الرعاية السامية للملك، وتذكرت ما تنفقه الدولة من ملايين الدراهم على هذا المهرجان سنويا، واضعافها على مهرجانها موازين، تم عادت لتستقر بدهني صورة المرحومة امي فاطمة وهي على الأرض تدوسها أقدام مئات الجوعى أمثالها من اجل رغيف مسموم.
مقبول مرفوض
6
2017/11/20 - 03:55
2 |
الملك محمد السادس كان قد تساءل في أحد خطبه عن مصير ثروة المغرب، ومن يستفيد منها؟ على هذا السؤال نريد الجواب.ولكن بلاد الغش والتزوير والكبر والنفاق، لم يأتي بجواب ، او بالحقيقة.
مقبول مرفوض
7
2017/11/20 - 04:21
3 | مغربي فقير
الفقر والثروة في المغرب.
تساءل مولانا امير المومنير عن الثروة المغربية،ان الثروة المغربية كبيرة جدا لكن توزيعها غير عادل.يبدا المغربي فقيرا فيترشح للانتخابات ويوزع ما عنده على من هم افقر منه،فيصوتون عليه ظانين انه سيحس بهم ويشغلهم ، لكن بمجرد وصوله الجماعة يبدا في جمع ما يترشح به للبرلمان، وهكذا يتدرج حتى يصل المناصب الكبرى، وانذاك يهتم بالمحافظة على ما حصل عليه يتشغيل ابناءه واقاربه والبحث عن الماذونيات، فيضمن تقاعدا مريحا ناسيا ما وعد به جيرانه والمصوتين عليه ،فيرحل الى مدينة كبرى بعيدا عمن صوت عليه حتى لا يلتقيهم .ثم يبحث عن جنسية اخرى ليهرب وقت المحاسبة ان كانت هناك محاسبة.
مقبول مرفوض
0
2017/11/20 - 04:22
4 | عبد الله العرائش
بدون تعليق
المسؤول الاول والاخير هو الفقر ومن يستغل فقرهم .
مقبول مرفوض
-1
2017/11/20 - 04:54
5 | طنسيون
في نقمة قوم لقوم فوائد
ليس الثمانون في المائة من الفقراء سوى خزان من الأصوات يستغل ويستعمل في اللعبة السياسية التي تلعبها الأحزاب الممثلة في البرلمان وفي الحكومات الجاثمة على نفوس المغاربة والمتلاعبة بعقولهم والموهمة لهم بقيام دولتهم على الديموقراطية وحقوق الإنسان والطفل والمرأة والأيام العالمية التي تحتفل بها الدولة مع باقي دول العالم على مدار السنة. هل لنا فعلا دولة مؤسسات ودولة مسئولين بالحق والقانون كسائر الدول ؟ فلماذا لايزال أغلب االشعب محاصرين بالجهل والفقر والأمية والبطالة والتسول والتشرد وكل المظاهر ضد حقوق الإنسان ؟
مقبول مرفوض
1
2017/11/20 - 04:56
6 | متتبع
الفقر المدقع
لاحول ولا قوة الا بالله انه الفقر فهل يجب على الفقير ان ينتظر حفنة من الدقيق وقليل من حبوب الشأي وقنينة زيت ان يجود عليه بها من هم في اعلى هرم السلطة او بعض الجمعيات التي تبيع وتشتزي في المواطن والله انه عيب ان نكون في دولة تدعي انها اصبحت من الدول الرائدة المجأل التكنلوجي باطلاق قمر صناعي كلف خزينة الدولة الشيء الكثير وشعبها لم يتغلب بعد على شبح الجوع كفاكم استهتارا بالشعب يامن تسهرون على مصلحكم عوض السهر على مصالح الشعب نريد توزيعا عادلا للثروة ونريد المساوات في التعليم والصحة والعدالة على ارض الواقع وليس في التقارير المزيفة التي لا تمت للواقع بشيء فالمواطن الفقثر ليس متسولا ينتظر الصدقة فوالله لو قسمت ثروات البلاد بالتساوي لن تجد فقيرا في المغرب
مقبول مرفوض
0
2017/11/20 - 08:48
7 | حمدالله
والله ظلم
حادثة تدمي القلوب وتحاسب ضمائر هؤلاء المسؤولين . لك الله يامسكين ...ورحم الله شهداء الفقر
مقبول مرفوض
0
2017/11/20 - 09:11
8 | abdaaziz
اهانة بكل المقاييس في القرن الواحد والعشرون الناس ما زالت تتقاتل على كيس من الدقيق والدولة ترسل الاطنان من المساعدات الى الدول المتضررة جراء الفياضنات والكوارث الطبيعية والصراعات الداخلية,يجب محاسبة المسؤولين في الصويرة والسلطات المحلية بتلك المنطقة لانهم المسؤولين عن تلك الماساة لكونهم لم يقوموا بنتظيم وتحسيس المواطنين , ,
مقبول مرفوض
0
2017/11/21 - 01:08
9 | جمال
الدولة
كثيرة هي الأسباب التي تؤدي إلى مثل هذه الحوادث اولها مسؤولية الدولة في تدبير شؤون البلاد و العباد. ضعف النخبة السياسية التي لم تستطع تحقيق تنمية تخدم المواطن. مسؤولية أخلاقية لأنه بدون أخلاق و وعي و تقديم المصلحة العامة لن يتحقق أي شيء.
مقبول مرفوض
0
2017/11/21 - 03:21
10 | سام سام
الرياء
الرياء و الجهل هما سبب فاجعة الصويرة إذ لا يعقل بتاتا أن يتقدم محسن لتوزيع مؤونة غذائية في سوق أسبوعي حيث تجتمع فيه كل الدواوير و المداشر المحيطة به و يحضر فيه الصالح و الطالح و يكون الازدحام سيمته الأولى الإحسان بالرياء و حب الظهور لا يقبله الله و ما فاجعة الصويرة إلا غضب من سبحانه و تعالى
مقبول مرفوض
0
2017/11/21 - 04:11
11 | مبارك
المستفيدون هم السبب
مسؤولية التدافع وما نجم عنها من خسائر بشرية ثقيلة تغمدهم الله برحمته يتحمل مسؤولية حدوثها ب 80 o/o المرشحون للاستفادة العمل الخيري فعل انساني له اجره عند الله فلما رآى هذا المحسن هذه الحشود البشرية تتوافد كان من واجبه ان يوقف العملية ويقوم باخبار السلطات لتأطرها او يقوم باحصاء المستحقين ويرسل بوسائل نقله الخاصة الى الدواوير هذه الصدقة مستورة ويكون بذلك قد تجنب التجمهر وما نجم عنه وحيثما وجد التجمهر نتائحه التدافع والخصام والعنف والسب المتبادلين وعدم الاكنراث والانضباط حتى لتعليمات الجهات المنظمة هنا في نواحي افليم تنغير نرفض تاطير هذه المساعدات لان التجمهر يمكن ان ينقلب الى اشياء غير متوقعة وتتحمل انت المسؤولية كل ما نقوم به ننتدب الافراد لتسلم الاعمال الخيرية او ارسالها الى ذويها المستحقين لتفادي اي تجمهر وتتم العملية بشفافية ونزاهة بحضور قائد الدائرة الترابية واعوان السلطة والمنتدبين للاسر دون اللجوء الى استنفار القوات العمومية لو فكر هذا المحسن بهذه الطريقة لتجنب ما وقع الـــــغـــــاء هذه العملية وتعليقها الى ان يجد الحل (هذا قدر الله لا مفر منه هكذا كتب لهؤلاء واولئك الضحايا ان يموتوا ) ثقافة النظام والتربية عليه هي التي تنقصنا , هذا التدفق البشري المفاجىء على المكان اكثر من 1000 هذا العدد البشري الذي نزل بالمكان يستعصي ضبطه بسهولة يجب ان يستنفر له قوات كبيرة ,وحسب قرائتي لما يجري في الواقع حاليا خصوصا بعد الخطاب الولوي السامي لن يقيل ولن يقبل اي مسؤول ان يقع في دائرة نفوذه الترابية اي حادث يمس او يخدش كرامة المواطن او يعرض حياتهم للخطر هذا ما لمسته قي واقع منطقتي اعان الله الجميع الحل كان الغاء وتعليق العملية وهناك طرق متعددة لايصالها الى مستحقيها استسمح هذه وجهة نظر ادليت بها فقط لان ما وقع الم بنا جميعا كمغاربة و حز في نفسيتي وفي اسرتي رحم الله الموتى والهم ذويهم الصبر والسلوان
مقبول مرفوض
0
2017/11/21 - 04:39
المجموع: 11 | عرض: 1 - 11

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة