الرئيسية | قضايا المجتمع | نحن في حاجة لحماية فاضحي الفساد ... قضية الشافعي نموذجا

نحن في حاجة لحماية فاضحي الفساد ... قضية الشافعي نموذجا

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
نحن في حاجة لحماية فاضحي الفساد ... قضية الشافعي نموذجا
 

عبد الله النملي*

انتهت منذ أيام محاكمة الدكتور الشافعي، " طبيب الفقراء "، الأخصائي في جراحة الأطفال بالمركز الاستشفائي الحسن الأول بتزنيت، والذي أجرى 560 عملية جراحية للفقراء مجانا في ظرف لا يتجاوز 6 أشهر، أي بمعدل 3 عمليات في اليوم، مما يعد سابقة في المغرب كله. ليصير هذا الشريف محاربا من قبل لوبيات المصحات الخاصة والفساد في منطقة سوس تزنيت، لإخراس صوته ودفعه إلى مغادرة مهنته، حيث قضت المحكمة الابتدائية بتزنيت يوم الاثنين 6 غشت 2018 ، بالحكم عليه بتعويض وغرامة مادية قدرها 3 ملايين سنتيم لفائدة مدير المستشفى الإقليمي الحسن الأول، في تناقض صارخ مع مبدأ حماية الضحايا والشهود والمبلغين في جرائم الرشوة وفضح الفساد.

هذا الطبيب النزيه كان يتابع مرضاه في كل وقت مانحا إياهم رقم هاتفه الخاص، تعرض للعديد من المضايقات منذ بداية عمله جراحا للأطفال بمستشفى تزنيت، بدءا بعرضه على المجلس التأديبي للوزارة، وانتهاء بتقديم شكوى ضده من مدير المستشفى بتهمة السب والقذف، ليعلن الشافعي منذ أسابيع أنه سيعتزل مهنة الطب في المغرب، نظرا " للمشاكل الإدارية والتعسفات غير القانونية التي واجهته منذ استلامه لمهامه الجراحية مما انعكس سلبا على أوضاعه العائلية والصحية ". وعرف عن الدكتور تفانيه في عمله وحبه له، إضافة إلى كفاءته في مجال تخصصه، حيث اختار العمل مجانا في الظل ورفض التجارة مع بني البشر، وقرر أن يتعاقد مع الله عز وجل، لأنه وجد الربح أوسع و أوفر، فحج إليه المرضى من الأرياف والحضر، وفي زمن كثرت فيه الشكاوي ضد أصحاب الوزرة البيضاء، خرجت ساكنة تزنيت والنواحي بأطفالها ونسائها ورجالها في وقفات تضامنية مع طبيبها الشهم الذي أعاد البسمة للعشرات من أطفالها، كما أطلق نشطاء من مدينة تزنيت مبادرة لجمع مبلغي التعويض والغرامة، الذي قضت بهما ابتدائية المدينة .

ولازالت عبارات التنديد تتناسل بشأن هذه القضية التي أشعلت فتيل غضب كبير، حيث عَبّر العديد من الحقوقيين والسياسيين عن استغرابهم من محاكمة الدكتور فاضح الفساد، في تضييق بَيّن على فاضحي الفساد، في الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة فتح تحقيق في الفساد الذي كشف عنه الدكتور الشافعي، ووضع حد للإفلات من العقاب في جرائم الفساد والرشوة. و خلافا لما ذهب إليه القضاء من محاكمة فاضح الفساد، بحجة السب والقذف، بات من المسلم به أن مهمة فضح الفساد أصبحت في بلادنا محفوفة بالمخاطر، ذلك أن اطلاع الرأي العام على فضائح فساد ليس جريمة، ولا يُعَدُّ من قبيل الوشاية والسب والقذف، ويخرج عن نطاق الأسرار التي يتعين كتمانها وعدم إفشائها، بل إن السر المهني ذاته يتعين إفشائه إذا كان القصد منه الحيلولة دون وقوع جريمة، علما أن المُبَلغين والفاضحين للفساد يجب أن يستفيدوا من الحماية ما داموا يعملون بحسن نية، وبناء على اعتقاد مُعَلل بأن المعلومات التي أفشوها كانت صحيحة، و وضع ضمانات في القانون لحماية الشهود والمبلغين عن قضايا الفساد، لما يمكن أن يتعرضوا له من إجراءات عقابية، قد تتسبب في قطع أرزاقهم أو اعتقالهم أو عرضهم على مجالس تأديبية، قد تكون سَبَبا في منع غيرهم من الإبلاغ عن وقائع فساد.

*كاتب وباحث

مجموع المشاهدات: 3994 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (5 تعليق)

1 | نيما
الحق و القانون
الدولة لا تحمي من يفضح الفساد
مقبول مرفوض
0
2018/08/12 - 11:45
2 |
دولة غادية مرشريان لي قال الحق عكاشة ولي يفسد البلد حر طليق وتعويد من قضاة الذل
مقبول مرفوض
0
2018/08/12 - 11:45
3 | فقير
طبيب الفقراء
ارجو نشر اسمه الكامل وعنوانه لنبعث له تضامننا المادي.الفقير يتضامن مع الفقير والوزير مع الوزير والبرلماني مع البرلماني.
مقبول مرفوض
0
2018/08/13 - 12:08
4 | David essaouira
Ça était des cas chez Maroc Télécom que certains collaborateurs ont devoilé la corruption au sein de cette société et ils ont été licenciés...: falsification des signatures clients,falsification des coordonnées clients ....non traitement des réclamations clients et falsification des feeds back etc
مقبول مرفوض
0
2018/08/13 - 02:31
5 | الكشامي
يااسفاه
بأخي الشافعي حياك آلله ونصرك على أعداء هاته الدولة الميية مند نشأتها أحبك أخي في آلله نصيحتي لك أخي العزيز طبق فكرتك الاولا وهي السفر والعمل في الخارج فمكانتك في الدول الأوربية يعتبرونك تاج فوق رؤوسهم وسوف تشعر بانسانيتك وشرفك ..اما هنا في المغرب لن تربح معهم إلا الشقاء والاحتقار الكل يسارع من أجل السرقة
مقبول مرفوض
0
2018/08/13 - 02:58
المجموع: 5 | عرض: 1 - 5

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة