الشارع المغربي يتحول يوما بعد يوم إلى مسرح لأفلام "الآكشن" !
بقلم: عبد اللطيف مجدوب
أصبح من العسير جدا عبور شوارعنا بأمان دون احتكاك بظواهر اجتماعية ؛ همجية في تركيبتها وعقليات أصحابها ، وإن كانت تبدو مبطنة بالفقر وقلة ذات اليد ؛ شوارع تزدحم بالمارة والفراشا والعربات والدراجات ... لا تتناهى إلى مسامعك سوى صيحات الباعة وزعيق السائقين ، مقترنة بدوي أبواق السيارت وهي تنتظر بصبر أيوب عبور السراط ، وأصبح التحدي سيد الموقف ؛ كل متمسك بركوب رأسه ، والأنا هي الكود الذي يخضع له الجميع ، وتحدي الأنا بأخرى يعني الاحتكاك وتوقف السامفونية لدقائق قبل أن تستأنف صخبها وقد خلفت اصطدامات وألوانا من السباب ، وربما سيلان دماء !
ولعل التحدي الأكبر يكمن في تطور الجريمة بالمغرب ، فقد تحولت إلى سيناريوهات تعددت صورها وبشكل صارخ ؛ تارة تتحدى رجال الأمن أنفسهم ، فتقدم العصابات الإجرامية على استهدافهم بالسيوف والمذي ، وتارة أخرى تتحدى المارة أنفسهم فيقعون تحت رحمتهم بسلب أمتعتهم ، وأحيانا يعمدون إلى حافلات "يكشطون" ويجردون من متاعه كل من وجد على متنها ؛ تحت ظلال السيوف والهراوات .. !
ترى ما الذي حول سلوك المغربي إلى هذه الرعونة والعنف والاستهتار بالقانون والأخلاق ؟
ماذا لو اجتمع قليل مال بضعيف عقل ؟
علينا الجزم باندحار أدوار مؤسسات رائدة في التربية ، كالأسرة والمدرسة والإعلام ، إلا أنها خفت أو اختفت بالمرة أمام اجتياح وسائل التكنولوجيا الرقمية وغزوها لكل مرافق الحياة .. فتحول ؛ في ضوئها ؛ اليوتوب إلى وسيلة لتلهية الصغار ، والفايسبوك والوطسيب إلى ملتقى الأصدقاء ، فينشأ الطفل في كنفها مدللا وبشخصية نرجسية حساسة لأتفه الأشياء إذا لم تكن مساهمة في إشباع نزواته وحاجياته ، سيان بين خطئه وصوابه . وهكذا يمكن القول بأن مثل هذه العوامل متضافرة كانت وراء هذا السلوك الأرعن الذي يقترب به إلى الإنسان الهمجي الذي لا يمتلك أدوات تحديد مسافة حريته من الآخر ، وقد نصادف سلوكات أشد عنفا كلما أوغلنا داخل شرائح اجتماعية فقيرة ومحرومة من أبسط الخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة والشغل وهي التي نصادفها تؤثث الشوارع بإغراقها بالسلع الرخيصة ، أو محتلة للأزقة والحارات باتجارها في الممنوعات واحتراف الدعارة ، وفي أحيان كثيرة امتهانها للإجرام بكل صوره .
أصبح الغد مخيفا وأكثر قتامة
تنهال على الحكومة المغربية ؛ بين الحين والآخر ؛ تقارير دولية أو لهيئات حقوقية بصور قاتمة عن مستقبل المغرب في ظل الظروف والأوضاع الاجتماعية الخانقة التي يعيشها قطاع الشباب خاصة ، بيد أن الحكومة ما زالت لم تبد أية مبادرة جدية تجاه التعاطي مع الملف الاجتماعي ، وإيجاد مقاربة شمولية لعلاجه ، مما يفتح الباب على مصراعيه لشتى التكهنات والاحتمالات التي من الممكن انفجارها في أي وقت وحين ، ولعل أقربها إلى التوقعات نشوء خلايا إرهابية وعزمها على الضرب في كل مكان ، أو تغذية أطراف معادية لأخرى متطرفة وحملها على ركوب العنف والإجرام لتحقيق أجندة عملاء وخصوم يتربصون بالمغرب الدوائر .
عدد التعليقات (6 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟