الرئيسية | علوم وتكنولوجيا | هل سيشهد المستقبل اندماج الجسم البشري مع الآلة ؟

هل سيشهد المستقبل اندماج الجسم البشري مع الآلة ؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
هل سيشهد المستقبل اندماج الجسم البشري مع الآلة ؟
 

 

وكالات

أصيب ايان بوركهارت (23 عامًا) بالشلل من رقبته إلى أخمص قديمه إثر حادث مروري. ومن ينظر اليه اليوم يرى سلكًا سميكًا ينتأ من قمة رأسه الحليق واسلاكاً أخرى تلف ذراعه اليمنى.

وبفضل هذه الاسلاك، عادت الحياة إلى يد بوركهارت بعد زرع جسمه بالأجهزة التي تخرج اسلاكها من رأسه وذراعه في مركز ويكسنر الطبي في جامعة اوهايو الاميركية، حيث تجمع علماء واطباء في غرفة المركز مصفقين لنجاحهم في احياء ذراع بوكهارت المشلولة.

فتكنولوجيا "نيوروبريدج" التي جعلت ذلك ممكنًا نجحت في إعادة ربط دماغ بوكهارت بجسمه. ولعل هذا أكبر انجاز علمي ينجح في ربط الانسان بالآلة على هذا النحو المتواشج بينهما.

عصر سايبورغ

يقول خبراء إن ما حدث ينبئ بأننا دخلنا عصر "سايبورغ" في غفلة من أنفسنا، بعد أن تمكن العلماء من بناء كائن سيبرنطيقي، أو كائن حي طبيعي واصطناعي في أن واحد. فالشبكيات الاصطناعية تعيد النظر إلى الأعمى، والأجهزة الطبية الاكترونية التي تُربَط بالدماغ مباشرة من خلال الجهاز العصبي السمعي تعيد السمع إلى الأطرش. وتعمل أجهزة مماثلة مدفونة عميقًا في الدماغ على تخفيف أعراض 30 الف شخص مصابين بمرض باركنسون في انحاء العالم.

ويمضي عدد متزايد من المبدعين التكنولوجيين شوطًا أبعد باستخدام أعضاء آلية بديلة عن اعضاء الجسم التي تتلف لأي سبب، أو زرع اجهزة الكترونية ليس لترميم وظائف بدنية معطلة، وانما لتبديلها أو تطويرها.

على سبيل المثال، عندما فقد السينمائي الكندي روب سبنسر عينه اليمنى في حادث اطلاق نار في العام 2005 استعاض عنها بكاميرا فيديو لاسلكية تنقل ما يراه في الزمن الحقيقي إلى كومبيوتره. وفي العام الماضي صمم المهندس الالكتروني الاميركي براين ماكفوي لنفسه نسخة داخلية من نظام الملاحة الفضائي، بزرع بوصلة تحت جلده.

خوذة مفكِّرة

ينفق الجيش الاميركي ملايين الدولارات على مشاريع كالبدلة الحديدية التي يرتديها الجندي لتمنحه قوة خارقة تجعله أشبه بالسوبرمان. كما تعمل وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة التابعة له على تصميم جندي آلي قاتل يمكن التحكم بأفكاره وتصميم "خوذة مفكِّرة" تتيح التخاطر عن بعد، وبذلك إعطاء الجندي حاسة اضافية عمليًا، مثل الرؤية الليلية والقدرة على "رؤية" المجالات المغناطيسية التي تسببها حقول الألغام.

ومع تطور علم الروبوتات والتفاعل بين الدماغ والكومبيوتر، وتزايد احتمالات توافر المنجزات المتحققة في هذا المضمار، تنشأ عدة أسئلة مثيرة للقلق. هل سيصبح من تتوفر لديهم الموارد الكافية للتسلح بقدرات جديدة أو أكثر تقدمًا أفراد طبقة جديدة أرقى بصحتهم وذكائهم، بحيث يمكن توظيفهم على حساب من ظلت قدراتهم طبيعية؟ وإذا وقعت تكنولوجيا صناعة السايبورغ هذه بالأيدي الخطأ فإنها يمكن أن تقلب الغرض منها رأسًا على عقب. ومن السهل أن نتخيل أنظمة شمولية أو شركات تأمين جشعة تستطيع أن تجمع معلومات من اعضاء جسمنا الآلية الجديدة المرتبطة بأدمغتنا واستخدامها بما يخدم مآربها.

ما بعد بشري

يعتبر كيفن ووريك، الاستاذ الزائر في جامعة ريدنغ البريطانية، أول سايبورغ في العالم. فهو بدأ يزرع رقائق الكترونية في جسمه منذ التسعينات. وفي العام 2002 أُخضع لجراحة رائدة لربط اقطاب كهربائية بالالياف العصبية في ذراعه. وكانت هذه المرة الاولى التي يُربط فيها جهاز عصبي بشري بكومبيوتر.

أتاح هذا له أن يحرك يدًا آلية بتحريك يده هو والتحكم بكرسي متحرك بأفكاره. وفي احدى التجارب تمكن من استشعار موجات فوق صوتية متخطيًا القدرات البشرية الطبيعية التي لا تسمع مثل هذه الموجات. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن ووريك قوله: "ولدنا بشرًا لكني أعتقد بأن ذلك أمر لدينا القدرة على تغييره".

ويهدف المبشرون بمستقبل يسوده "السايبورغ" من امثال ووريك إلى تغيير الوضع البشري نحو الأفضل، كما يقولون، باستخدام التكنولوجيا والهندسة الوراثية وعلم الحياة والبيولوجيا التركيبية، لنكون أكثر ذكاءً وأفضل صحة وأطول عمرًا من أي وقت مضى، وبذلك تحويل البشرية تحويلاً جذرياً نصبح معه عالمًا "ما بعد البشري".

لسنا أرقى

من أبرز المبشرين بهذا العالم المخترعِ والفيلسوف راي كورزوايل، مدير القسم الهندسي في غوغل حاليًا، الذي يتوقع أن يتخطى الذكاء الاصطناعي الذكاء البشري بحلول العام 2045. وتتفاوت النتائج المتوقعة لمثل هذا السيناريو من استعباد البشرية إلى عالم طوباوي بلا حروب.

كما يقول كورزوايل إنه يريد أن يجرب الخلود ويعتزم إحياء الموتى، بمن فيهم والده. وقال كورزوايل: "سنتجاوز كل حدود تكويننا البيولوجي، وهذا ما يعنيه أن نكون بشرًا، أن نوسع كياننا". وقال العالم ووريك لصحيفة ديلي تلغراف: "بدنيًا، لسنا أرقى من الأنواع الأخرى بيد اننا نتفوق عليها بقدراتنا الفكرية ولكن قريبًا ستكون لدى الآلات قوة فكرية سنواجه صعوبة في التعامل معها".

ويعتقد ووريك أن الطريقة الوحيدة لمواجهة الآلات هي رفع قدرات اجسامنا العضوية الضعيفة وادمغتنا الحساسة بصورة اصطناعية. وقال ووريك "من لا تستطيع أن تهزمه يجب أن تسايره". ويرى الكثير من المبشرين بالمجتمع "ما بعد البشري" أن اندماج الانسان بالتكنولوجيا وزرع مبتكراتها في الاجسام هو الأمل الوحيد في البقاء أمام خطر الآلات وذكائها الاصطناعي.

زرع رقائق في الدماغ

لكن البروفيسور جيمس لوفلوك، وهو عالم متمرس وخبير بيئي، يرى أن الذكاء الاصطناعي لن يتمكن من اختراع الاشياء. وقال: "كل ما يستطيع أن يفعله الذكاء الاصطناعي هو اتباع تعليمات منطقية، وربما في المستقبل، عندما تعمل شبكات الكومبيوتر كما تعمل ادمغتنا، ستندلع معركة حقيقية، لكن هذا ما زال بعيدًا". 

قد يكون ووريك اول سايبورغ تجريبي، لكن الفنان نيل هاربيسون هو اول سايبورغ معترف به رسميًا في بريطانيا، إذ تمكن هاربيسون المصاب بعمى الألوان الكامل من تطوير جهاز يتحسس الألوان على هوائي يُثبت على رأسه، ويرتبط برقاقة الكترونية مزروعة في جمجمته. ويتولى الجهاز تحويل الألوان إلى اصوات يسمعها هاربيسون بالتوصيل عبر العظام.

وفي الألعاب الالكترونية يجري تطوير أجهزة رأسية ذات تكنولوجيا تمكن المستخدم من التحكم باللعبة عن طريق افكاره. ويعتقد تشاد بوتون، مخترع تكنولوجيا نيوروبريدج التي مكنت المشلول بوكهارت من تحريك يده مجددًا، أن التفاعل الوثيق بين الدماغ والكومبيوتر يمكن أن يتجاوز مضمار العلاج الطبي واللعب إلى مجالات اخرى. وهو يشير إلى إمكانية زرع رقائق الكترونية في الدماغ لتقوية الذاكرة أو تطوير عملية البحث على الانترنت، بحيث تتدفق النتائج إلى الدماغ مباشرة من دون الحاجة للظهور على الشاشة.

حاسة إضافية

وفي النشاط التجسسي، يمكن أن تجمع شركات التأمين معلومات بيومترية عن الشخص من الأجهزة الالكترونية المزروعة في جسمه، أو أن تستخدمها الحكومات لمراقبة مواطنيها. وحتى على افتراض أنه بالامكان جعل التكنولوجيا السيبرنطيقية أمينة ضد مثل هذه المراقبة، فإن منتقدي المبشرين بالمجتمع العابر للبشرية يقولون إن المبدأ الطبي يدعو إلى ترميم القدرات البشرية واعادتها إلى العمل فقط وليس تسليحها بعناصر اضافية.

ويرد المبشرون بالعالم ما بعد البشري قائلين إن الطب لم يتمكن من علاج عمى الألوان المصاب به هاربيسون، فلجأ إلى تطوير حاسة اضافية للتعويض عن هذا الخلل. فهل هذا ترميم أم اضافة؟

حين يتعلق الأمر بأخلاقيات السايبورغ تختلط الأوراق. فريتش لي جرب القرصنة البيولوجية لأنه يفقد بصره بسبب حالة مرضية يعاني منها. وأُعلن رسميًا انه أعمى في احدى عينيه. وعُرف اسمه بعد أن زُرع مغناطيسان في القطع الغضروفية أمام فتحة أذنه.

ويعمل المغناطيسان بسلك ملفوف حول رقبته يربطه بجهاز تشغيل الملفات الموسيقية الذي يحمله ليصبح سماعة داخلية. ولكنه يستطيع ربط اشياء أخرى بالسلك الملفوف مثل تقنية واي فاي وحساسات كهرومغناطيسية، تمكنه من تحسس اشياء لا تتحسسها القدرات البشرية الطبيعية.

ويأمل لي بأنه عندما يُصاب بالعمى الكامل أن يتمكن من حساب المسافة بينه وبين الأجسام الأخرى، أو ما يعادل رؤية الوطواط او النظر في الظلام.

 
مجموع المشاهدات: 1015 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة