الرئيسية | دولية | لماذا لا تصلح الفيدرالية كحل لفض النزاع المفتعل في الصحراء المغربية؟

لماذا لا تصلح الفيدرالية كحل لفض النزاع المفتعل في الصحراء المغربية؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
لماذا لا تصلح الفيدرالية كحل لفض النزاع المفتعل في الصحراء المغربية؟
 

بقلم: ابراهيم أوفقير

تعتبر الفيدرالية نظاما يتميز بصلاحيات واسعة فهو يتعدى نظام الحكم الذاتي من حيث الاختصاصات ولا يصل إلى الدولة المستقلة، بحيث تتمتع الوحدة الفيدرالية باستقلالية واسعة في تدبير شؤونها وبهياكل مؤسساتية وحكومة كاملة الصلاحيات في تدبير الشأن المحلي مستقلة بشكل تمام عن الحكومة الفدرالية وهي اختصارا بمثابة الدولة داخل الدولة.

لكن لماذا هذا النظام غير قابل للتحقيق في الحالة المغربية؟ وما هي الحيثيات التي تصب في عدم جدوى مثل هذا الطرح؟ ولماذا يعتبر مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الأنسب في خضم الظرفية الراهنة: 

- النظام الفيدرالي لا يتناسب مع المنظومة القبلية والعشائرية التي تميز التركيبة السكانية في الصحراء، حيث لاتزال القبيلة تكتسي أهميتها ومكانتها وحضورها ولا يمكن بأي حال تجاوزها، وما يزال المعيار القبلي مهيمنا على كل ما هو سياسي. فإن كانت هذه القبائل تجتمع اليوم تحت لواء الدولة المغربية الموحدة فمصيرها سيكون مجهولا في إطار نظام آخر يعتمد على التفكيك وينادي بالتشرذم القبلي والصراع على السلطة.

- النظام الفيدرالي ليس صالحا للمغرب نظرا لبعض الخصوصيات التي تبرز بالملموس أن قوة المغرب تكمن في وحدة شعبه ولحمته، نذكر من بينها على الخصوص: أن المجتمع المغربي بكل أطيافه ليس متمايزا على أساس مناطق أو قبائل أو أعراق بعينها بل هو مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالمساواة؛ ثانيا، القبائل الصحراوية منتشرة ومتداخلة في أغلب المدن المغربية لهذا فعدد لا يستهان به من الصحراويين يعيشون بشكل طبيعي في العديد من المدن المغربية الأخرى ولا يعيرون بالغ الاهتمام لشكل النظام السياسي في الصحراء طالما أنهم في بلدهم ويمارسون كافة حقوقهم؛ ثالثا، المغرب وإن تعددت روافده يتمتع بجميع مقومات التكامل والاندماج وبعوامل الوحدة المشتركة من حيث الهوية واللغة والدين والمذهب والتقاليد، إذا فهو غير قابل للتجزئة والانقسام.

- هي خطوة قد تؤدي إلى نتائج عكسية والأمثلة على ذلك كثيرة، نذكر من بينها بعض التجارب الدولية التي باءت بالفشل: خصوصا التجربة السودانية وما يحصل من تمزق في جنوب السودان، بالإضافة إلى تجارب أخرى أثبت فشلها في تطبيق النظام الفيدرالي كالعراق على سبيل المثال. 

- النظام الفيدرالي نظام مستورد لا يترجم رغبات أفراد المجتمع المغربي الذين تجمعهم شريعة واحدة وعقيدة واحدة في ظل الثوابت الوطنية وإمارة المؤمنين، وكذا الإجماع الوطني وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله من أجل صيانة الوحدة الترابية للمملكة وتثبيت المكاسب الوطنية.

- لا مجال للمقارنة بين الدول الأوربية التي قدمت على أنها مثال يحتذى والوضعية في الصحراء نظرا للاختلاف الثقافي والحضاري والتاريخي بينهما. فالأقاليم الصحراوية تحتاج لمقاربة قضاياها ومشكلاتها من الزاوية التاريخية والاجتماعية والبشرية بطريقة مختلفة وهو ما يحرص المغرب على تنزيله في إطار مخطط الحكم الذاتي بما يستجيب للتطلعات والطموحات المشروعة لكافة إخواننا الصحراويين في العيش الكريم وفي الرفاه الاجتماعي والاستقرار المجتمعي.

- النظام الفيدرالي لا يناسب بلدا عريقا وضاربا في أعماق التاريخ كالمغرب الذي يتمتع بوحدة الهوية واللغة والدين والثقافة وتتوفر فيه جميع عناصر الوحدة والتعايش بين مختلف مكوناته وإن اختلفت مشاربها. النظام الفيدرالي يناسب بلدا حديث العهد تتضارب فيه الفوارق والتباينات بين فآته وشرائحه.

- النظام الفيدرالي يعتبر تتويجا لمسار طويل الأمد ولا يملى بجرة قلم، فهو نتاج لتراكمات طويلة وسيرورة مجتمعية، وهو نظام نشأ وتطور عقب حقب طويلة في معظم البلدان التي تمارسه عبر عملية تدريجية منظمة، لهذا يعتبر مقترح الحكم الذاتي ضمن السيادة المغربية اقتراحا معقولا في ظل الظرفية الدولية الراهنة التي تتسم بتنامي حدة الصراعات والتقلبات بسبب تضارب المصالح والإيديولوجيات، ناهيك عن بروز مخططات لتقسيم الدول خاصة الدول العربية. 

- الخطر يكمن في أن هذا النظام الفيدرالي يؤجج مطالب الاستقلال لدى فئات أخرى ويشجع على إيقاظ فتن نائمة وظهور دعوات جديدة للانفصال، مما يؤدي إلى إضعاف وزعزعة النظام القائم برمته وتأجيج النزعات الانفصالية في مناطق أخرى داخل البلاد.

- ما تمر منه مجموعة من الدول اليوم من أزمات بسبب النزعات الانفصالية والتي صارت أكثر حدة في الآونة الأخيرة خلق نوع من الفوضى والعصيان الدولي خاصة في: إسبانيا وخلافاتها مع إقليمي كاتالونيا والباسك، بريطانيا ومتاعب البريكسيت، العراق وإقليم كردستان، كندا والكيبيك، بالإضافة إلى بلجيكا، إسكتلاندا، النمسا، البرازيل، المكسيك، سيريلانكا، الصين والهند،.. والأمثلة من هذا القبيل عديدة وفي تزايد مستمر.

- يبقى السؤال المهم هو مدى قدرة البوليساريو باعتبارها منظمة عسكرية تفتقر إلى مخاطب مدني وإلى نخبة سياسية لها دراية بتسيير الشأن المحلي وقادرة على تدبير المرحلة القادمة والدخول في مسلسل التسوية السياسية عبر مفاوضات مباشرة برعاية الأمم المتحدة، خاصة وأنها أثبتت وبالملموس فشلها الذريع في تدبير الديموقراطية على المستوى الداخلي وكذلك تذبير مواردها خاصة المساعدات الإنسانية.

- الشك في النوايا الحقيقية للطرف الأساسي في هذا المشكل، وهنا نخص بالذكر الجزائر التي تعتبر الأب الروحي للبوليساريو والداعم الأول له، لا لشيء إلا ليكون حصاة في حذاء المغرب لشغله وإعاقة سبل التنمية فيه والحيلولة دون تقدمه وازدهاره، دافعها العداء للنظام السياسي القائم أكثر من تعبيرها عن تطلعات مجموعة عرقية معينة، وكذلك لثني المغرب عن المطالبة باسترجاع أراضيه المستعمرة خاصة وأن الحدود الشرقية للمملكة ما تزال غير مرسومة بعد خروج فرنسا. 

- التوجهات السياسية اليوم عالميا وإقليميا تتجه نحو العولمة وإقامة تكتلات اقتصادية مندمجة، والابتعاد عن التفرقة والانفرادية وتمزيق أعضاء الجسم الواحد، وهو كذلك التوجه الإفريقي الحالي نحو خلق مجموعات مندمجة على مستوى القارة، مما يتطلب دولا قوية وموحدة وليس دولا ضعيفة وممزقة.

- النظام الفيدرالي هو نظام معقد يصعب ضبطه ومراقبته ويؤدي غالبا إلى تشتيت وإهدار الموارد، إضافة إلى الإشكالات أخرى التي تعتري مثل هذا النمط من قبيل صعوبة بلورة السياسات الوطنية، وتسخير الموارد، وتنزيل المشاريع التنموية الكبرى المندمجة، على عكس نظام الجهوية المتقدمة الذي يقوم على أساس ترشيد الموارد والتكامل بين الجهات.

- الجمع بين نظام الحكم الذاتي وحق تقرير المصير، يشترط أن يكون هناك شعب يحتاج أصلا إلى تقرير المصير، لهذا فإن بضعة آلاف من سكان تندوف لا يعتدون شعبا بالمعنى المتعارف عليه دوليا حتى لو كانت له هوية مميزة، ومن هذا المنطلق لا يمكن الاستناد على حق تقرير المصير كأرضية: أولا لأن هذا المطلب الذي يعتبر نتاج الحرب الباردة يخص البلدان المستعمرة وليس له علاقة بمطلب الأغلبية العظمى لسكان الصحراء التي تعيش في أمن وأمان وتساهم في تنمية وطنها؛ ثانيا، القانون الدولي لا يعتبر أبدا حق تقرير المصير مرادفا للحق في الانفصال عن دولة ذات سيادة، فتقرير المصير لا يعني بالضرورة الاستقلال بل يمكن أن يكون حتى في الاندماج والوحدة؛ ثالثا، هناك مبدأ آخر أكثر قوة قانونيا وتاريخيا ألا وهو حق الدولة في الحفاظ على وحدتها وسيادتها ضمن حدودها التاريخية.

- حق تقرير المصير لا يمكن بتاتا أن يتم استعماله لتفتيت الدول أو إحداث انفصال عن السلطة القائمة أو التمرد عليها خاصة إذا كان الانفصال مدعوما من جهات خارجية وبالتحديد من قبل الجزائر. وخير دليل على ذلك النموذج الإسباني وأزمة كتالونيا التي خلقت موجة انفصالية كادت أن تعصف بالاتحاد الأوربي، مما يستوجب إعادة النظر في مفهوم مبدأ تقرير المصير خاصة بعد انتهاء الحقبة الاستعمارية البائدة. 

- ضرورة قيام المنتظم الدولي بوضع حد لارتفاع حدة النزعات الانفصالية التي تعمل على إشعال وتأجيج الصراعات في العالم عن طريق القيام بمراجعة الإطار القانوني الذي يؤطر مبدأ الحق في تقرير المصير، والذي أصبح عبئا ثقيلا ينوء به كاهل المجتمع الدولي ويلقي بظلاله السالبة على الأمن والاستقرار العالميين. 

- إذا كان المغرب من بين الدول القلائل التي صمدت في وجه الثورات العربية حين هبت رياح التغيير التي عصفت بدول الجوار بسبب عبور تيارات الربيع العربي، فقد استطاع المغرب أيضا بلورة مفهوم "الاستثناء المغربي" الذي حظي بالإعجاب والتقدير، حيث تمكن المغرب من تفادي ويلات التفرقة واستطاع إخماد شرارات التمزق والانقسام. وقد أبانت المناطق الصحراوية آنذاك عن روح وطنية عالية بحيث شهدت أعلى معدلات الانخراط في مسلسل التغيير وبرهنت بشكل جلي عن تشبتها الدائم بالثوابت والقيم الوطنية النبيلة.

- الأصل في النظام الفيدرالي أنه جاء كنتيجة لاتحاد دويلات صغيرة مستقلة ومركبة لتصير دولة واحدة قوية تمتلك فرصا أفضل اقتصاديا تسمح لها بالبقاء وتجعلها أكثر أمنا في محيطها الدولي، أما بخصوص الدولة الواحدة المتجانسة شعبا وهوية والتي لا تعاني من تعدد عرقي ولغوي وديني فإن تطبيق هذا النظام يكون وبالا عليها وعاملا لتجزئتها وتفكيكها. لهذا فتطبيق هذا النظام لتقسيم دولة موحدة تاريخيا وجغرافيا إلى دويلات تتمتع كل منها بنظام حكم مستقل يعتبر أمرا غير مقبول.

- نجاح أي حل سياسي كيفما كان سيبقى رهينا بفرز وإحصاء المحتجزين في مخيمات تندوف لمعرفة عددهم وللاطلاع على الحجم الحقيقي للصحراويين المطالبين بتقرير المصير بغية وضع تقييم شامل لاحتياجاتهم. كما أن عملية الإحصاء العام لسكان تندوف ستمكن من تحديد الأشخاص المنتمين لبلدان أخرى والذين يقيمون في المخيمات وكذا الأشخاص الآخرين ذوي الأصول الصحراوية قصد فتح حوار مباشر معهم حول مدى رغبتهم في البقاء بالمخيمات أو الالتحاق ببلدهم المغرب.

مجموع المشاهدات: 17598 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (7 تعليق)

1 | الصحراوي
الشعب المتالي
البوليزاريو وعرابتها الجزائر سترحبان بالحل لانهما ليس لهما مايخسرانه بل ستكونان رابحتان اما المغرب ان قبل هدا الحل سيكون الخاسر الاكبر .الشعب مند 1975 وهو يؤدي ضريبة وحدة ترابه لا لشيء سوى شردمة من الاعداء افتعلوا مشكل لا اساس له وضيع وقت المغرب والمغاربة في مشكل ليس له حل سوى وحدة الشعب المغربي من شماله الى جنوبه
مقبول مرفوض
-2
2018/08/19 - 09:42
2 | غا داوي
الجملة التي قتلتني من الضحك وهي. ( أن قوة المغرب تكمن في وحدة شعبه ولحمته ) والله ماتاتحشموا أي قوة للمغرب ? القوة الوحيدة للمغرب هي تلك التي يقمع بها المواطنين بالزرواطة
مقبول مرفوض
0
2018/08/19 - 11:28
3 | عبدالله
نية الاعمى فعكازو
ارادت الجزائر ان تجعل من البوليساريو حجرة في حذاء المغرب فأصبح ثقبا في جيبها
مقبول مرفوض
0
2018/08/19 - 12:06
4 |
كل ماهو في قوة مغرب /بركة من نفيخ
علي اي شعب تتكلم ؟؟! قوة مغرب كما قال مول مقال تتوحد في قمع وتهميش وزلط وخلص كريدي ديال قوة الدولة الدي تتمتع بيه وانا وانت موت وشرب بحر هاهي قوة مغرب /وفتحو لينا حدود وساعدونا نهاجرو مع تساعدنا في فقر وهشاشة وعيش معاكم ولا حرام جميع الدول تتقدم إلا انتم وفتحو حدود لنا وخودو اوراقكم وكل ماهو يقول انا مغربي
مقبول مرفوض
0
2018/08/19 - 01:39
5 | ياسبن
الجد
الخطأ اللي دار المغرب هوا روضوخ ومنحهم الحكم الداني بلادنا بلادنا بالخاطر أولا بدم اولا بالموت
مقبول مرفوض
0
2018/08/19 - 01:46
6 | hmida
pour le sahara je suis ayyach et je le resterai c est un pion qui va nous faire peur en nous traitant de ayyacha pour mon pays je suis ayyach je ne cesse de critiquer les politiciens marocains mais pour le sahara AYYACH pas de confederation l autonomie est la seule solution sinon buvez l eau de l ocean si vous pouvez l atteindre
مقبول مرفوض
0
2018/08/19 - 03:41
7 | احمد. لعجل
حب.الوطن
والاه.اشم رائحت مأمرة على وحدت بلدنا رأي شخصيا لاللفدرالية ولا حكما داتيا ولا استفثاء الدخول في حرب مع اخوتنا وأعادت المناطق العازلةوطرد الأمم المتحدة بإختصار كبره تصغار .
مقبول مرفوض
0
2018/08/19 - 06:16
المجموع: 7 | عرض: 1 - 7

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة