إلى انقلابيي مصر: "اخفضوا رؤوسكم لنرى رجال غزة"
أخبارنا المغربية : احمد اضصالح
في حوار شعري رائع، رد الفلسطيني (تميم البرغوثي) على كل من (فيروز) و(نزار قباني)، في قصيدة له عن مآل أحوال فلسطين قائلا:
"عفوا فيروز ونزار...فالحال الآن هو الأفظع
إن كان زمانكما بشع...فزمان زعامتنا أبشع".
ولو انتظر قليلا حتى يرى المشير (عبد الفتاح السيسي) قد تقلد منصب الرئاسة بمصر وهو على ظهر دبابة، وما تلا ذلك من أهوال على بلاد "أبي الهول" التي تحولت إلى مسخرة العالم يتندر بها القاصي والداني لتمنى لو لم تخط يراعه القصيدة الأولى، ولنظم قصيدة أخرى أكثر حدة في وصف حال فلسطين ومدى دناءة انقلاب الثالث من يونيو المدروس، وكيف أثر على سمعة بلاد الثقافة والفكر والأدب، وجند سفهاء القوم في المناصب الحساسة كالإعلام الذي يسوق صورة مصر داخليا وخارجيا، لتعلو أصوات تسب البشر والحجر والشجر، وتلعن القاصي والداني، وتتكلم لسان البذاءة دون مراعاة حقوق العمومة والعشيرة والأخوة الإنسانية قدرا يذكر.
ولأن أوقات الشدة هي التي تكشف عن معادن الناس، فإن المحرقة المسلطة هذه الأيام على رقاب أهل غزة من قبل الكيان الصهيوني قد بدأت في إماطة اللثام عن وجوه ممسوخة الفكر تتكلم دونما حياء، وتتخبط خبط عشواء في كل فن وعلم.
فنجدها تحلل في الشؤون الاقتصادية تارة، وتقدم نظريات عجيبة للنهوض باقتصاد مصر، وبالتالي تكوين نموذج يحتذى به في العالم أجمع، كيف لا ومصر ما زالت في عيونهم أم الدنيا. وتارة أخرى اكتشافات طبية أقل ما يقال عنها أنها معجزات القرن الواحد والعشرين، إذ تكفي "الكفتة " لعلاج داء فقدان المناعة المكتسب، الذي صار أكبر تحد صحي لبشرية هذا العصر.
وما دام الشأن الديني مفتوحا على مصراعيه لكل من هب ودب، فقد وجدنا فتاوي وآراء شاذة من بعض المتنطعين إلى درجة التصريح بأن (السيسي) ووزير داخليته في وضعيتهما كسيدنا موسى وهارون عليهما السلام.
وفي سابقة هي الأولى في تاريخ مسخرة الدنيا، ارتفعت عقيرة أذيال العسكر لتقسيم الناس إلى "إرهابي" يعارض القرارات السياسية لسلطات الانقلاب، و"ملاك" يرضى بالأمر الواقع ويتحاشى السباحة ضد التيار.
ومن بين هؤلاء الذين أًدرجوا في لائحة العسكر السوداء معارضتهم الداخلية وفي مقدمتهم "جماعة الإخوان" ومن والاهم في مختلف الأقطار، لتكون حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ومعها الشعب الفلسطيني الأعزل مجرد "حفنة" إرهابيين يستحقون إبادة بتعاون مع الكيان المحتل، حيث تعالت الصيحات في "بلاطوهات" الرداءة بالسب والشتم ورفع الأحذية ودعوة آلة الحرق الصهيونية إلى الانقضاض على هؤلاء دونما أدنى رحمة أو شفقة.
اللبيب لما يرى ما آلت إليه الأمور، تحسر على زمن "قد يعود" على حد تعبير الشاعر الفلسطيني (محمود درويش)، وتأمل تبدل الأحوال بعمق وأخذ العبر . وأما السفهاء فسيستمرون في نباحهم المسعور ينهشون لحوم البشر دونما تمييز لتوجيه الرأي العام عبر سياسة الإلهاء لدى (نعوم تشومسكي)، وهذا أمر مفروغ منه لينجح الانقلاب وينام الناس على جروحهم إلى ما شاء الله، ولهؤلاء بالذات حُق القول: "اخفضوا رؤوسكم فقد حجبتم عنا وجوه الرجال بغزة!!".
عدد التعليقات (6 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟