الرئيسية | أقلام حرة | الفشل الديبلوماسي وانحسار التعاطف

الفشل الديبلوماسي وانحسار التعاطف

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الفشل الديبلوماسي وانحسار التعاطف
 

 

 

تأبى الأفول هذه العاطفة المتعلقة بـ"الانتماء".. فعبرعباب المحيط الأزرق الشامل، غالبا ما كنت أحس بكثير من "الغيرة" عندما أجد نصيبا وافرا من الثناء والاعتراف والامتنان من إخواننا الفلسطينيين تجاه "غرمائنا" التقليديين: الجزائريين، وذلك متى سنحت الفرصة وحلت المناسبة.. وغالبا ما كانت تأخذني تلك الحمية، محاولا تفسير الأمر على أنه لا يخرج عن كونه نجاح المخابرات الجزائرية في الخارج في تدعيم دبلوماسيتها الوطنية، أو -في أحسن الأحوال- تذكرٌ وعرفان وحفظ وشكران من الفلسطينيين لاحتضان الجارة الشرقية لبعض مؤسسات منظمة التحرير، وذلك قبل تسعينيات القرن الماضي، أيام تصدير الثورة والاشتراكية.. فربما يكون "المدّاحون" من ذلك الجيل الذي عايش المرحلة، فعلقت في ذهنه تلك "الرعاية" دون غيرها.. أو ربما هو تمييز وتحيز ضد المغرب "اللي مسكين ما عندو زهر" -على الأقل كما يصور كثير من أصحاب الشأن الأمر- مثلما هي العادة مع العرب والأفارقة دائما،، بل ومع جل الدبلوماسيات تجاه الدبلوماسية المغربية:جحود ونكران وتجهم!!..

وإبان العدوان اليهودي الأخير على غزة، وبعده، كنت مدمنا على قناتي الأقصى والقدس الفلسطينيتين.. وفي أثناء برامجهما التواصليةالمباشرة عبر الهاتف، وجدت أن نسبة مهمة للغاية من الجمهور المتصل قصد الدعم والمواساة، هم جزائريون، مقابل حضور قابل للتجاهل والإهمال للمتصلين المغاربة، ويمكن سحب ذات الحكم ونفس النسبة على الرسائل النصية التي تمر عبر شاشتي القناتين أو غيرهما، والمتعلقة(الرسائل) بدعم القضية والشعب الفلسطينيين من طرف مواطني الدولتين(موضوعيْ المقارنة: المغرب والجزائر)..

آنذاك بدأت أغيّر من احتمالاتي وأحكامي، وأعيد حساباتي.. غير أني أنهيت مراجعاتي بسرعة غير متوقعة، عندما قارنت بين تعليقيْ الدولتين على حادث توقيع اتفاق التهدئة،، ذلك أن "الديبلوماسيتين"أعفتانيمن عبء الفحص والتمحيص والبحث والتدقيق!!

فبينما أعرب المغرب عن ارتياحه لتوقيع الاتفاق(بشكل جاف وجامد ومحايد)، وعبر عن اعترافه وثنائه، على الدور المصري،، صرحت الجزائر -في ذات السياق، وبنفس المناسبة- باعتزازها بصمود المقاومة.. وهذا فرق كاف، ومؤشر معبر، وعلامة فارقة، وتعبير عميق!!..

هذا على الصعيد الرسمي,, أما على صعيد الألسن الناطقة المتستّرة "الخاصة"، فإن منبراإعلاميا إلكترونيا مغربيا كبيرا كان قدأشار إلى الانتصار في غزة -في حينه- في خبرين،، وفي كليهما يضع كلمة الانتصار بين مزدوجتين، في دلالة واضحة على التحفظ، وغير التسليم بالمضمون،، ضدا على الشعور القومي العام لدى أغلب غالبية شعبي البلدين في المغرب والأراضي الفلسطينية، بل وفي كل دول العرب والمسلمين وأحرار العالم، ناهيك عن المعطيات الموضوعية.. فإذا سألت المسؤول عنه -أو من يدافع عنه- عن داعي هذا الإصرار على التحفظ، أجابك بكل سلاسة ويسر وبساطة، أن الأمر غير مسلم به، وأنه تشوبه قراءات وتجاذبات، وعليه فإن مقتضى الموضوعية والدقة و""الحياد"" تقتضي ذاك التحوط(مع أنه عندما يطبل للنظام ويزمّر، فإنه يتحدث باسم "كل" المغاربة دون تفويض، ضاربا بعرض الحائط مبدأ الموضوعية والتحوط)!!!في حين أن وسائل الإعلام الجزائرية "الخاصة" لم تأخذ نفس الاحتياط، بل فرحت بما فرح به الناس هناكفي غزة، وهناك في الجزائر، واعتبرته كما اعتبروه(الشعبين في الجزائر وغزة)، فكونت لحمة من النسيج المغزول!!

بالنسبة للدبلوماسية تحديدا، فعدا عن نتائجها المعروفة -تاريخيا-، والقابلة للملاحظة والقياس والتقييم في "قضايانا الوطنية" الرابضة منذ أمد،، فإن حجاج بيت الله الحرام يعطون فكرة واضحة وافية كافية عن الفرق في التعامل بين مسؤولي بعثتي البلدين(المرافقون والدبلوماسيون على حد سواء) مع الحجاج التابعين لكلاالبعثتين في الحرص والمرافقة والإقامة والسفر والحضر!!..

 

فكيف تكسب عقول الناس وقلوبهم وأنت لم تستطع كسب ولاء مواطنك، ولم تستطع الانتصار ولا الانحياز لبني حضارتك، ولم تتقدم خطوة في قضيتك الوحيدة المتفرغ لها والمجند من أجلها؟؟ كيف تستطيع ذلك وأنت غالبا ما تخطئ في حساباتك وترتبك في تكتيكاتك، أما استراتيجياتك فهي تنتمي لمجموعة العدم؟؟!!!! كيف تستطيع وأنت لا إنجاز في سجلك إلا ما كان من تسول لبلدان أو تعاون مع "المعذِّبين في الأرض" أو تزلف لمهاجرين أيام "الأورو"؟؟

مجموع المشاهدات: 1099 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة