الرئيسية | أقلام حرة | إشكالية الحزب البديل ..و عقلية القطيع السائدة

إشكالية الحزب البديل ..و عقلية القطيع السائدة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
إشكالية الحزب البديل ..و عقلية القطيع السائدة
 

لاشك أن من يتابع اليوم المشهد السياسي سواء عبر المواقع الالكترونية أو الجرائد الورقية يعرف حق المعرفة على أن معظم النقاشات الدائرة أو هذه الحرب الشرسة بصيغة أخرى، تصب في خندق واحد و فكرة واحدة و هي من سيقود حكومة الغد من الأحزاب المتواجدة حاليا بالساحة السياسية؟، خصوصا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

فجل النقاشات الدائرة و هذا يمكن أن نلاحظه ..تدور حول أن من له الحق في رئاسة الحكومة يجب أن يكون نزيها و يده بيضاء ، و هذا أسمى ما وصل إليه تفكير و عقلية مواطن اليوم للأسف من اجل قيادة حكومة (مثالية) .

إلا أنه في الواقع فالأمر يتعداه إلى ما وراء ذالك التفكير البسيط، فما هو معيار النزاهة و كيف يمكن الحكم على شخص أو حزب بنزاهته أو فساده و ما هي المعايير التي يجب أخذها بعين الاعتبار ؟ و هل الحل الأكيد و الوحيد من اجل اختيار حزب يتوافق و متطلبات الشارع تكمن في اختيار واحد من الأحزاب المتواجدة بالساحة و دونهم على الدنيا السلام ؟ أليس هناك من حل أخر غير هذا الفكر العقيم و المحدود و التي تم سجنه في هذه الدائرة المغلقة.

أولا يصعب الحكم و اليقين بنزاهة شخص أو حزب ما من غيره لمجرد مواقف أو كلمات تعد على رؤوس الأصابع ربما تكون مصطنعة أو تلقائية لان النزاهة مفهوم كبير و شامل يحتاج إلى ألف معيار و دليل ، و النزاهة فقط لا تكون ببياض اليد ، فكم من بياض ناصع ذهب ببصر المبصرين ، و نزاهة شخص ما لا تكون بصلاته أو زكاته أو صيامه أو قيامه ، فذاك عمل بينه و بين ربه ، و الأولى أن نتساءل ماذا فعل لي أنا كمواطن و ما حققه لي أنا كشخص أو كشعب ، فما للرب للرب و ما للعبد للعبد ، و لا يجب أن نخلط الأمور و أن نضع كل مفهوم في الزاوية الخاصة به لتتضح الرؤيا ، و نتجنب أحكام القيمة السريعة المخادعة و الهدامة.

أما الأحزاب بكافة أشكالها و أنواعها فقد اثبت عدميتها على مر السنين لان كل حزب يحمل شعار الإصلاح فهو لا يصلح أن يمسك زمام التسيير ، فالأحزاب ليست إلا تمثيليات لأشخاص لا يخدمون سوى مصالحهم الشخصية (كل واحد كينش على كبالتو طيب) و جاهل من ينتظر تحقيق المعجزات على يد أحزاب فاسدة أو تحالفت مع الفساد فكلاهما سيان بل و يطبلون و يزمرون لها ، فهؤلاء من يشعلون الحطب لهم .

سيقول لك قائل تفكيرك عقيم و سلبي و ترى بعين الصفر ، فأتينا بالبديل إذن ؟

و لكي نكون منطقيين و واقعيين ، فلا يجب أن نكون عدميين أو سلبيين لهذه الدرجة و لا يجب أن نحدق إلى الصفر حتى لا نرى الصفر بعين الصفر و لكن هي قضية قناعات سياسية ترفض العبثية و الابتذال و لا تؤيد سياسة تسيير القطيع ، فلا يجب ترك الساحة السياسة نعم و لا انصح بتركها، لكن يجب أن يكون وفق منظورنا و قناعاتنا كشعب فلست ضد السياسة و لكن ضد أن تمارس بي و علي كمواطن.

فللأسف لا يوجد حزب يحترم نفسه لأنه و بكل بساطة لا يوجد حزب له رؤيا إستراتيجية مستقبلية ، فغالبية المتتبعين للمشهد السياسي يكون حكمهم سطحيا و خاليا من المنطق و العقل و يعتمدون في أحكامهم و وجهات نظرهم على العاطفة و الوازع الديني و المظاهر المخادعة و الخطب الرنانة.

لكن ما يجب أن نؤمن به هو أن الأحزاب شيئ بكل قراراتها و بشائرها و نكساتها و فضائحها و استطلاعات الرأي العدمية الخاصة بها..و الواقع المغربي المعاش شيئ أخر لا علاقة له بكل ما سبق.

نريد حكومة تندمج قراراتها و تتوحد وفق المطالب الشعبية و تتطلع لرغبات المواطن ، و على المواطن أن يلمس هذه التغييرات بل و يراه بأم عينيه ، نريد حكومة تنزل إلى الشارع و تعايش واقع المواطن و تشعر بآلامه و معاناته و تراعي طموحاته و أحلامه ، نريد حكومة تتسم بالسرعة في اتخاذ القرارات الايجابية و ليس مجرد كلام و وعود فارغة و قرارات و أحلام مستقبلية و تجارب دول أخرى لا تربطنا بهم علاقات لا تاريخيا و لا سياسيا و لا اجتماعيا ، نريد حكومة تتبنى رؤيا إستراتيجية قوية و شاملة لمستقبل أفضل، و ليس مجرد قرارات شعبوية أكل عليها الدهر و شرب.

و يجب قبل كل ذلك أن نتخلص من عقلية القطيع هاته و التي أضحت عنوان مواطن اليوم و طابعه اليومي ، و فضل انتظار المهدي المنتظر الذي سيأتي لينقذه و يصلح ما أفسده السابقون حتى لو كان هذا الاصلاح مجرد كلمات مرصعة ، فانا و أنت و كلنا مهدي منتظر يجب إصلاح و مواجهة الفساد القائم و المشاركة في تغيير الواقع المعاش فلما الانتظار إذن ؟ لما انتظار شخص ربما تكون أنت أحسن منه ألف مرة .

و للإشارة فقط فالاختلاف في الرأي ليس معناه أني مع أو ضد، فخطابي هذا أو أي خطاب أخر ليس قرانا منزلا علي تقديسه و احترامه و عدم الخوض فيه ، و لكن يجب مناقشته و إبداء الرأي بكل حرية لكن يجب أولا الانسلاخ من أي تبعية و التحرر من عقلية القطيع السائدة ، فالانتقاد اللاذع و البناء إصلاح في حد ذاته لمسار منحرف ، و عدم تقبلك للانتقاد دليل على عدم نيتك في الإصلاح .

 

مجموع المشاهدات: 1122 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة