الرئيسية | أقلام حرة | أين نحن من مجتمع المعرفة؟

أين نحن من مجتمع المعرفة؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
أين نحن من مجتمع المعرفة؟
 

 

للإجابة عن هذا الإشكال أتبع المنهجية التالية: في البدء أعرف مجتمع المعرفة، ثم أبرز السمات والخصائص التي تجعل مجتمعا معينا يوسم بمجتمع المعرفة، وأستخلص موقعنا، نحن المغاربة بصفة خاصة والعرب بصفة عامة، من مجتمع المعرفة.

يُعرفمجتمع المعرفة، حسب تقرير التنمية الإنسانية العربية،بالمجتمع الذي يسهم في إنتاج المعرفة وتطويرها، والاستفادة منها وحسن استعمالها وتوظيفها. وهو المجتمع الذي تتشكل مقوماته من نشر العلم والمعرفة وإنتاجها، وتوظيفها بكفاءة عالية في المجالات الاجتماعية. إن مجتمع المعرفة هو ذلك المجتمع الذي  يحقق الترقية الاجتماعية و التنمية الانسانية. والجدير بالذكر أن تقدم الشعوب في العالم يقاسبمعيار إنتاج المعرفة وتحديثها وتراكمها. أضف  إلى ذلك، أن المعرفة أصبحت مجالا للتنافس بين الدول والمجتمعات المتقدمة التي تتسابق فيما بينها على اكتساب مصادر القوة والهيبة والتفوق الحضاري.

 ويتميز مجتمع المعرفة بوجود مستوى عال من التعليم، ونمو متزايد في قوة العمل التي تملك المعرفة وتستطيع معالجتها، والقدرة على الإنتاج باستخدام الذكاء الصناعي، ووجود مراكزللبحوث قادرة على إنتاج المعرفة والاستفادة من الخبرات المتراكمة، وتوفير المناخ الثقافي، واستعمال الحاسوب و الانترنيت في إنتاج المعرفة، وتراكم الأبحاث العلمية باستمرار، وكثرة الإبداعات في مختلف المجالات.

وإذا تأملنا كل خاصية من خصائص مجتمع المعرفة وأمعنا النظر فيها من جهة، وأمعنا النظر في وضعية المجتمع المغربي بشكل خاص، والمجتمع العربي بشكل عام، من جهة أخرى، أمكننا القول إن الجهد مازال شاقا والمسار مازال طويلا من أجل أن يوصف مجتمعنا المغربي بمجتمع المعرفة،وذلك للاعتبارات التالية: فتعليمنا تعليم يقبع في الدرجات السفلى، حيث يشهد بذلك القاصي والداني، الوزير والمدير، الأستاذ والتلميذ، اليوم وأمسوالواقع المعيش. ولا حاجة إلى تأكيد تدهور أحوال المدرسة  والجامعة المغربيتين  رغم وجود استثناءات تستحق التنويه والشكر. أما مراكز البحوث فلا أقول منعدمة، ولكنها غير كافية لتحقيق نهضة علمية تذكرنا بالزمن الجميل، زمن ابن خلدون وابن طفيل وابن سينا.وأما استعمال الحاسوب والانترنيت فلم يغير من واقعنا المر شيئا كثيرا، لأنه استخدم في مسائل سلبية أدت إلى انحلال أخلاقي وتفكك أسري. ولم يوظف  الانترنيت توظيفا فعالا يخرجنا من عتمة الجهل إلى النور. أما الإبداعات فيمكن الحديث عن حضورها فنيا وغيابها علميا،  ذلك أنها حضرت في الغناء والتمثيل والشعر والأدب،  وغابت في العلم والابتكار والاختراع. وأرى أن المال وحده لا يكفي لجعل مجتمع معين يصنف ضمن مجتمع المعرفة. فعلى سبيل التمثيل لا الحصر، تملك دول الخليج  المال والبترول، ورغم ذلك، لا يمكن وصفها بمجتمع المعرفة  نظرا لكون مقياس تقدم الشعوب يعتمد على إنتاج البحوث العلمية والمعرفية، واستخدام الذكاء الصناعي، والاستفادة من التراكمات الثقافية. وهذه الخصائص غير متوفرة ، في حدود علمي، في مجتمعنا المغربي.

إن الرقي بالمجتمع المغربي وجعله يرقى إلى المراكز المتقدمة رهين بالاهتمام بالبحث العلمي والتنمية، والاعتماد  الفعال على الحاسوب، والأنترنيت، والقدرة التنافسية، في مجال إنتاج المعرفة على مستوى العالم،على اعتبار أن الاقتصاد القوي مرتبط بالمعرفة القوية والبحث القوي. والمعرفة مصدر قوة تتفوق على مصادر القوة التقليدية، فصارت تتفوق على  قوة الأرض وقوة المال، وأصبح الحديث عن المعرفة مقترنا بالقوة بل ان الاقتصاد الحديث  يعرفبالاقتصاد المعرفي الذي يعتمد على المعرفة باعتبارها ركيزة أساسية تحدد صورته وهويته وفلسفته. فما الحل  لتجاوز الصعوبات وتحقيق الطموحات؟

 

أعلم علم اليقين أن معرفة الداء تسهل الوصول إلى الدواء والعلاج، ولذلك أقول:  يتطلب مجتمعنا، إذن، توفير إمكانات خاصة و ميزانية ضخمة للبحث العلمي تناسب أهمية البحث العلمي وقيمته. كما يتطلب تشجيع الباحثين والدكاترة الباحثين لتحقيق نهضة فكرية وعلمية وثقافية تليق بمقامنا في خريطة العالم. وأرى أن العناية والاهتمام بالبحث العلمي رهين بتحفيز الباحثين وتشجيع المبدعين ودعم المهتمين بالبحث العلمي لتقليص الفارق، على الأقل، بيننا وبين مجتمع المعرفة.

مجموع المشاهدات: 6115 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (2 تعليق)

1 | محمد التقي
المعرفة هي الخطوة الاولى نحو التغيير
للأسف, كل ما ذكرته يا أخي صحيح, مجتمعاتنا تتذيل قائمة الامم للأسباب التالية : 1. العلم و المعرفة هي آخر ما يفكر فيه المواطن المغربي. أول اهتماماته الأخبار, السياسة, الاقتصاد, المجتمع, الرياضة و الصحة. 2. لا يوجد فضول معرفي علمي عند المواطن المغربي, وعندما نقول الفضول فهو حب المعرفة العلمية الذي يولد مع كل طفل في العالم. وللأسف : مدرستنا المغربية تقتل ذلك الفضول , وتقتل معه مستقبل الطفل, ومستقبل المجتمع. 3. في المجتمع, يميل الناس إلى السخرية من أي شخص مهووس بالتكنولوجيا أو بالعلوم الحديثة, " الله لا طفرتيه" , "طفروه حتى دوك لي قراو" , "القراي ديال الدرب" , "باراكا من التخوبير" ...كلها مصطلحات وجمل تعكس واقع المجتمع الذي وقع على وثيقة قطيعة مع العلم منذ زمن بعيد. 4. في المجتمع, تجد من يتحدث عن الرياضة, وعن قوته و مهاراته الرياضية او الاجتماعية أو المادية : يقال عنه أنه شخص "عندو مايقول". أما من يتحدث طول اليوم عن العلوم و التكنولوجيا , و الذي يتحدث عن النظرية الفلانية و النظرية الفلانية, و الخبر العلمي الفلاني... يقال عنه : "شبعان هضرة"... و يصفه الناس بالمتكبر. وأعتقد أن هذا الوضع سببه احساس المواطنين بالنقص في هذا المجال, ويعكس ايضا نوعا من "الغيرة" و "الحسد" لكل من هو متقدم في المواضيع العلمية و التقنية. 5. في المجتمع, مجتمعنا : التلميذ و الطالب يتعلم الرياضيات, يتعلم الفيزياء , يتعلم علوم الاحياء : لكن المدرسة المغربية لا تعلمه أكثر عن آفاق هذه العلوم , بل تكتفي بتدريسه العلوم فقط. بينما المدرسة الغربية, تقوم بتدريس الآفاق العلمية لكل شعبة من الشعب, قبل تدريس المادة العلمية نفسها. فهي تغرس في الطالب أحلاما و طموحات علمية لمشاريع مستقبلية , قبل أن تغرس فيه المعلومات العلمية التي غالبا ما تكون مملة اذا لم يكن معها طموحات. 6. في المجتمع المغربي : هناك ركود و كسل علمي ملحوظ, وكما قلت من قبل فإن غياب الطموح و غياب الحلم , يأتي معه غياب الرغبة في التعلم, ينتج عنه غياب حب المعرفة و بالتالي الركود العلمي.. الذي يؤثر على جميع الزوايا الاجتماعية, السياسية, الاقتصادية و الفنية. 7. في المجتمع المغربي : هناك تركيز على الكتب الأدبية والدينية و التاريخية فقط, و أحسب أن السبب هو صعوبة المعلومات العلمية و التكنولوجية . هذا الاقبال على الكتب الأدبية على حساب الكتب العلمية و التقنية, ينتج عنه كثرة الكتب الادبية في المكتبات (التي تبحث عن الربح المادي) , مما يجعل من الصعب على الباحثين في العلوم ايجاد كتب علمية مناسبة في المكتبات. 8. في المجتمع المغربي (وهذه أهم نقطة) : لايوجد فرص عمل مبنية على مشاريع علمية, المقاولون ومؤسسوا الشركات المغاربة لايملكون الشجاعة الكافية للبدء بمشاريع "صعبة", قائمة على منتوجات تتطلب معرفة علمية وتقنية كبيرة ... كصناعات الالكترونيك, أو صناعات الجو, أو الصناعات الفضائية ... لو قام المقاولون الشباب بفتح آفاق جديدة علمية للمقاولة المغربية بمشاريع علمية وتقنية في طبيعتها ... لأثر ذلك على المدرسة المغربية التي ستتجه نحو انتاج يد عاملة في هذه المجالات لتلبية حاجيات هذه الشركات من الشغيلة ذات الخبرة. و لَأَثر ذلك على الروح العامة للمجتمع المغربي الذي سيتجه نحو العلم كمصدر نفعي اقتصادي و فكري لا يُستغنى عنه.
مقبول مرفوض
2
2015/01/28 - 03:42
2 | محمد التقي
المعرفة هي الخطوة الاولى نحو التغيير
للأسف, كل ما ذكرته يا أخي صحيح, مجتمعاتنا تتذيل قائمة الامم للأسباب التالية : 1. العلم و المعرفة هي آخر ما يفكر فيه المواطن المغربي. أول اهتماماته الأخبار, السياسة, الاقتصاد, المجتمع, الرياضة و الصحة. 2. لا يوجد فضول معرفي علمي عند المواطن المغربي, وعندما نقول الفضول فهو حب المعرفة العلمية الذي يولد مع كل طفل في العالم. وللأسف : مدرستنا المغربية تقتل ذلك الفضول , وتقتل معه مستقبل الطفل, ومستقبل المجتمع. 3. في المجتمع, يميل الناس إلى السخرية من أي شخص مهووس بالتكنولوجيا أو بالعلوم الحديثة, " الله لا طفرتيه" , "طفروه حتى دوك لي قراو" , "القراي ديال الدرب" , "باراكا من التخوبير" ...كلها مصطلحات وجمل تعكس واقع المجتمع الذي وقع على وثيقة قطيعة مع العلم منذ زمن بعيد. 4. في المجتمع, تجد من يتحدث عن الرياضة, وعن قوته و مهاراته الرياضية او الاجتماعية أو المادية : يقال عنه أنه شخص "عندو مايقول". أما من يتحدث طول اليوم عن العلوم و التكنولوجيا , و الذي يتحدث عن النظرية الفلانية و النظرية الفلانية, و الخبر العلمي الفلاني... يقال عنه : "شبعان هضرة"... و يصفه الناس بالمتكبر. وأعتقد أن هذا الوضع سببه احساس المواطنين بالنقص في هذا المجال, ويعكس ايضا نوعا من "الغيرة" و "الحسد" لكل من هو متقدم في المواضيع العلمية و التقنية. 5. في المجتمع, مجتمعنا : التلميذ و الطالب يتعلم الرياضيات, يتعلم الفيزياء , يتعلم علوم الاحياء : لكن المدرسة المغربية لا تعلمه أكثر عن آفاق هذه العلوم , بل تكتفي بتدريسه العلوم فقط. بينما المدرسة الغربية, تقوم بتدريس الآفاق العلمية لكل شعبة من الشعب, قبل تدريس المادة العلمية نفسها. فهي تغرس في الطالب أحلاما و طموحات علمية لمشاريع مستقبلية , قبل أن تغرس فيه المعلومات العلمية التي غالبا ما تكون مملة اذا لم يكن معها طموحات. 6. في المجتمع المغربي : هناك ركود و كسل علمي ملحوظ, وكما قلت من قبل فإن غياب الطموح و غياب الحلم , يأتي معه غياب الرغبة في التعلم, ينتج عنه غياب حب المعرفة و بالتالي الركود العلمي.. الذي يؤثر على جميع الزوايا الاجتماعية, السياسية, الاقتصادية و الفنية. 7. في المجتمع المغربي : هناك تركيز على الكتب الأدبية والدينية و التاريخية فقط, و أحسب أن السبب هو صعوبة المعلومات العلمية و التكنولوجية . هذا الاقبال على الكتب الأدبية على حساب الكتب العلمية و التقنية, ينتج عنه كثرة الكتب الادبية في المكتبات (التي تبحث عن الربح المادي) , مما يجعل من الصعب على الباحثين في العلوم ايجاد كتب علمية مناسبة في المكتبات. 8. في المجتمع المغربي (وهذه أهم نقطة) : لايوجد فرص عمل مبنية على مشاريع علمية, المقاولون ومؤسسوا الشركات المغاربة لايملكون الشجاعة الكافية للبدء بمشاريع "صعبة", قائمة على منتوجات تتطلب معرفة علمية وتقنية كبيرة ... كصناعات الالكترونيك, أو صناعات الجو, أو الصناعات الفضائية ... لو قام المقاولون الشباب بفتح آفاق جديدة علمية للمقاولة المغربية بمشاريع علمية وتقنية في طبيعتها ... لأثر ذلك على المدرسة المغربية التي ستتجه نحو انتاج يد عاملة في هذه المجالات لتلبية حاجيات هذه الشركات من الشغيلة ذات الخبرة. و لَأَثر ذلك على الروح العامة للمجتمع المغربي الذي سيتجه نحو العلم كمصدر نفعي اقتصادي و فكري لا يُستغنى عنه.
مقبول مرفوض
2
2015/01/28 - 03:43
المجموع: 2 | عرض: 1 - 2

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة