الرئيسية | أقلام حرة | دائما حول مسألة "الإرهاب"

دائما حول مسألة "الإرهاب"

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
دائما حول مسألة "الإرهاب"
 

 

دائما في خضم سلسلة المقالات التي كنت قد نشرت بعضها مؤخرا حول هذا المسمى "الإرهاب"، في محاولة لتأصيل المصطلح، وبيان حضور عنصر القصد والترصد في استعماله عنوة دون غيره(ككثير من المصطلحات)، هذا على صعيد المبنى، أما فيما تعلق بالمعنى، فهي تحاول الكشف عن هلامية المفهوم، وتوظيفه السياسوي في الصراعات العقدية الاستئصالية، والانتقائية المقيتة المميتة في التوصيف بهبناء على الانتماء...

غير أن هذه المرة سيكون التعرض للتعرية من داخل الداخل، لبيان كيف تنطلي الحيلة حتى على من يصنفون حماة العقيدة والواقفين على باب الشريعة، حرس قلعة الفكر الإسلامي وسدنة معبد الهوية، المتطوعين المنبرين للدفاع عن الدين في كماله وشموليته... فيصبحون -بدلا من ذلك- منخرطين في ترديد ما فاه به سفلة الناس، إما بشكل آلي كمكبر الصوت، أو مثبتين للتهمة من حيث لا يدرون، عبر الدخول في جدلية النفي والإثبات، دون الالتفات إلى علة الدال ونهى المدلول..

وهكذا، فقد أصبح من المألوف أن تجد كثيرا من الشيوخ والدعاة والفقهاء يحكم تصرفهم هاجس هلع الابتعاد عن شبهة الرمي بالتطرف أو التشدد أو "الإرهاب"، كما يحدده ويتمثله ويصوره الآخر غير المؤهل أصلا-ماديا(قانونيا) ولا معنويا(أخلاقيا)- للبت في مثل هكذا قضايا، فتراهم يسارعون في اغتنام أية فرصة سانحة للظهور بمظهر "المعتدل""الوسطي""المتسامح"، عبر الإدانة والتنديد وشجب أي حدث يستنكره الغرب،دون الالتفات-أولا- للحسم في بيان حكمه الشرعي للعامة!! بل تراهم يبالغون في إبراز تلك المواقف، مركزين على تقييم مظاهر ذات الحدث الشائن وحده، دون الإشارة إلى سياق العام، ولا لكونه ربما هو مجرد رد فعل، ولا مقارنته بما يحصل في الجانب المقابل مما يقترفه ذاك المستنكِر الغربي، والذي(الفعل المقترف) يشكل الوقود العاطفي والواقعي لمثل تلك الأحداث المشينة، مكتفين(الشيوخ والدعاة والفقهاء)باتهام مرتكبيها بالإساءة للإسلام، مساهمين -بسبب عدم توازنهم هذا- في خلق فئة من الشباب مشككة في كل ما يصدر عن هؤلاء الخطباء ولو كان حكمة، متمردة على كل متكلم ولو كان متعقلا فعلا، متهمة الكل بالعمالة والخيانة والنفاق!!!

صحيح أن الجريمة تبقى جريمة كيفما كان حجمها، وصحيح أن الخطأ لا يبرر الخطأ، وصحيح أن الغاية لا تبرر الوسيلة، وصحيح أيضا أن العدل والإنصاف والاتزان مطلب مطلوب حتى مع الأعداء المعتدين،، لكن، ولكي يسمع الناس آراءكم،أيها الوعاظ، -وهو المنشود- يجب عليكم ألا تمثلوا بوقا ببغائيا مهمته مضاعفة علو موجة الدعاية الغربية، فتنجروا وراء الإغراق في بيان عيب الفعل وإدانته، مجردينهمن سوابقه وجذوره ومتعلقاته، معرضين عن تأصيل تجريمه بما يؤمن الناس به ويثقون فيه ويرتاحون له، نافخين جسده حتى يصير هو وحده الحدث الوحيد الأوحد،لدرجة أنيصبح قتل شخص -مثلا- انتهاك، مسلط عليه مسلاط ضوء كشاف، مقابل قتل عشرات أو مئات أو آلاف، مركون في ركن مظلم، أو -في أحسن الأحوال- تحت ضوء شمعة..أو كما قال أديب إسحاق: !!!

نعم، يمكن، بل يجب على الدعاة أن يدينواالجرم، لكن عليهم في نفس الوقت، وبالموازاة مع ذلك، أن يبينوا أن الحدث جريمة وفق الآليات المرجعية الشرعية والقانونية المعتمدة، وأن يذكُروا ويذكّروا بما نتج عنه هذا المنكر، في تناسبية حجمية تراكمية جامعة منصفة، من حيث الترتيب والتراتب، وكذا من حيث كم الجرائم المسببة والجرائم الناتجة وعدد ضحايا الفئتين...

هذا كان في ما يتعلق بـ"المستقلين" الذين يفترض أنهم يمتلكون نصيبا وافرا من الحرية التيتمكنهم من التمتع بشيء من المصداقية.. أما"الرسميون" فعالمهم مصيبة أخرى..

فحين يعقد وزراءفي دولمنظمةالتعاونالإسلامي -أعلى منظمةرسمية جامعة للمسلمين-اجتماعا<لبحثخطةلمكافحة "الإرهاب" والتطرففيالدولالإسلامية>، فهم يكونون قد اعترفوا -مبادرة وتطوعا-بلبس التهمة وإلباسها لشعوبهم ودينهم مجانا.. وفعلا ها هي النتيجة تظهر على الفور.. فمباشرة بعد ذلك، ها هو رئيس المجلس اليهودي في فرنسا -مثلا- يصرح أن المسلمين هم الوحيدون من يقومون بأعمال إرهابية!!!

 
مجموع المشاهدات: 1251 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة