الرئيسية | أقلام حرة | القبور في المغرب بدورها تحتج

القبور في المغرب بدورها تحتج

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
القبور في المغرب بدورها تحتج
 

 

بعد التضييق على أحياء جماعة العدل والإحسان جاء الدور هذه المرة على أمواتها، فعقب بلاغ النعي الذي أصدرته الجماعة تنعي فيه وفاة المرحومة خديجة المالكي زوج الإمام عبد السلام ياسين، انطلقت التخمينات في صفوف متتبعي ملف العدل والإحسان بشأن السيناريوهات المحتملة التي ستنتهجها الدولة لإرغام عائلة الفقيدة على إبعاد الزوجين في عالم البرزخ بعد أن عمد نفس نظام الدولة إلى الجمع بينهما بشكل قسري منذ عقدين ونيف في حصار تجاوز صداه الإنساني والحقوقي إلى خارج الحدود، خصوصا بعد رفض السلطة طلب الفقيدة، وهي على قيد الحياة، في الدفن قرب زوجها بمقبرة الشهداء.

غير أنه لم يكن أكثر المتتبعين تشاؤما يتوقع مشاهد التطويق الأمني للمقبرة وتكسير جماجم وعظام المشيعين وردم أتربة القبر المحفور مسبقا، ليتحول الأمر إلى قضية سياسية حيّرت عقول خبراء التحليلات السياسية، كما بعثرت مجلدات فتاوى علماء الشريعة في كيفية تقبيل الميت. لكن هناك من خلص إلى أن النظام المغربي أراد بتصرفه هذا، الانتقام من امرأة آوت وصبرت مع أكبر المعارضين الذي شهده المغرب الحديث، غير أن من هؤلاء المحللين من استصغر الطريقة الكلاسيكية والآلية القمعية المتجاوزة التي لازال ينتهجها هذا النظام لتطويع معارضيه، وهو الأسلوب الذي أسقطه في سابقة تاريخية، تابعها الإعلام الوطني والدولي بوافر من التندر والاستخفاف حين شاهدوا تدخلات قوات الأمن وهم يسقطون المشيعين، دون استحضار حرمة الميت، فوق قبور يكاد أهلها أن يرفعوا شعار "حسبنا الله ونعم الوكيل".

في الدول التي تحترم نفسها، يتعامل حكامها مع المعارضين بنوع من الحكمة والاحترام المصلحي الذي تقتضيه أسس الديموقراطية بما هي ربط للمسؤولية بالمحاسبة واحترام المتدخلين في الحكم. بالمقابل نجد الدول التي تنظر بمنظار واحد تعمد إلى تنميط المعارضين وشيطنتهم والتضييق عليهم. ما يفضي إلى عزل حركتهم بصيغة شعورية عن المجتمع، ومن ثمة  تتحول الممارسة إلى فعل ورد فعل، قد يصل في غالب الأحيان إلى عنف تتضرر على إثره البلاد والعباد كما يحصل الآن في أغلب الدول العربية. وإلى حين أن تدرك الدولة المغربية بأن انتصار الأفكار لا يأتي بين ليلة وضحاها، ولا يتأتى بالعنف والاستكبار، سيبقى الوطيس السياسي في المغرب مفتوحا على جميع الاحتمالات.

 
مجموع المشاهدات: 1627 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة