الرئيسية | أقلام حرة | شباط و بنكيران و ما بينهما...

شباط و بنكيران و ما بينهما...

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
شباط و بنكيران و ما بينهما...
 

 

يصعب فهم ما يقع. فالحقيقة تشبه قشرة البصل. كلما أزلت قشرة ظهرت أخرى. إلى ان لا يبقى في يدك شيء. ففي السياسة، تظهر حقيقة لتمحو  ما سبقها.  حيث إذا جمعنا عدد الحقائق و طرحناها مع بعضها، سوف لن يبقى شيء على الإطلاق.

فبينما شباط في تركيا يغازل أردوغان زعيم حزب العدالة و التنمية التركي، يوجد بنكيران، رئيس حزب العدالة و التنمية المغربي،  في مصر يبتسم للسيسي الذي قاد انقلابا عسكريا ضد مرسي، الرئيس الإخواني.

بالأمس القريب، بنكيران لم يخفي ميله لمرسي، الرئيس المنتخب لمصر، فرفع شارة رابعة في مؤتمر شبيبة حزبه.  و شباط لم يخف إعجابه بالسيسي، الرئيس الحالي، حيث قال عنه أنه " راجل و عندو عزيمة و إرادة و سيوصل مصر إلى النجاح ".

كما أن بنكيران لم يخف دعمه  لأردوغان، حيث استقبله بحفاوة إثر زيارته للمغرب. أما  شباط فقد انتقد زيارة أردوغان للمغرب و اعتبرها زيارة بين حزبين و علق على الحدث بقوله " أردوغان جا للمغرب وهي تشعل في تركيا وحنا ماشي بلاد الخوانجية".

اليوم، شباط أصبح  قادرا على الجلوس و التعامل باحترام مع حزب العدالة و التنمية التركي. كما أنه لم يخف أن الزيارة كانت موفقة و مفيدة. و بنكيران أصبح مستعدا للجلوس مع السيسي  و مصافحته. و يبدو أنه استفاد من خبرته حيث وصفه بالقائد الحكيم . فهل من الصدف أن يتعلم شباط الدرس السياسي من أردوغان و يتعلم بنكيران من السيسي؟  ما الذي غير موقف الرجلين؟ و هل موقفهما يعبر عن نضج سياسي لكليهما، و عن قناعة سياسية جديدة بعد طول صراع و تصادم  أم أن الموضوع برمته لا يتعدى لحظة انتهازية عابرة؟

في أحد الاستجوابات، قال شباط عن بنكيران بأنهما يتشابهان. نعم،  فالاثنين لا يتعبان و لا يستسلمان و يغيران مواقفهما بسرعة عجيبة. و لهذا يصعب الامساك بهما أو إزاحتهما من الساحة السياسية.

عندما أفكر بحزن في ألاف الدماء المصرية المسلمة التي أريقت في مصر في ساحة رابعة العدوية، أتساءل  لو كان بنكيران أو شباط مكان مرسي أو السيسي ، فهل كانت ستؤول الأمور في مصر إلى ما آلت إليه من عنف؟  

عندما أفكر في المرشد بديع المصنف من بين مائة عالم عربي، قابع في السجن و هو شيخ جاوز السبعين لأنه رفض الاعتراف بالسيسي رئيسا لمصر، تتملكني الحيرة. فهل التنظيم، أي تنظيم أهم من أرواح الناس؟

إن المواطن فقط لكي يحترم السياسي و هذا لا يعني بالضرورة أن يدعمه ، يريده ألا يغير موقفه و أن يظل صامدا ثابتا على مبادئه. و السياسي الثابت على المبدأ في ظل عالم متغير منقلب في كل لحظة مآله السجن أو الإعدام أم الاضطهاد. و هكذا يجد السياسي نفسه في معادلة صعبة. يوجد من يختار نار الجماهير و يفضل أن يحترق معها من أجل لعب دور بطولة مزعومة. و هناك من يختار نار الأوضاع و الأحداث فيجاريها فتحترق سمعته السياسية.

بينما كنت أفكر في الموضوع من زاويتي،  ناقشت موقف شباط و بنكيران الأخير مع صديقة لي تمارس السياسة، فأجابتني بطرافة و ببساطة أن المطبخ المغربي الوحيد الذي يمزج بين الحلو و المالح. و الخلطة النهائية عادة ما تقدم وصفة لذيذة ترتقي إلى مواصفات العالمية. إنه الاستثناء المغربي.

مجموع المشاهدات: 1516 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة