الرئيسية | أقلام حرة | التبوريدة في خدمة الدبلوماسية الموازية !!!

التبوريدة في خدمة الدبلوماسية الموازية !!!

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
التبوريدة في خدمة الدبلوماسية الموازية !!!
 

 

في هذه المدينة العجيبة "سوق السبت اولاد النمة" التي كل شيء فيها غريب، انضاف اليوم شيء آخر لا يقل غرابة ، المهرجان المنظم من طرف المجلس البلدي لمدينة سوق السبت ، نعم ، فهو من تنظيم المجلس و ليس من تنظيم المدينة ، لأن المدينة لا تحتاج إلى مهرجان من هذا القبيل و قد عبرت المدينة و سكانها عن ذلك صراحة و ضمنا في مختلف المواقف ، و لا يخفى على الجميع الوقفة التي نظمتها المدينة ضد مهرجان الرداءة والجهل، و لأن الغرابة ليست لها حدود ، فعنوان المهرجان هو كالتالي : الدبلوماسية الموازية في خدمة القضايا الوطنية ، عنوان غريب لمهرجان بعيد كل البعد عن عنوان كبير مثل هذا ، و نحن بأن اختيار عناوين المهرجانات التي تنظم في هذا البلد الحبيب في مجملها لا تكون إلا درا للرماد في العيون و خدمة لمصالح خاصة ، أو أجندات حزبوية ضيقة ليس لها من قريب أو بعيد علاقة ، لا بالتنمية و لا بالثقافة أو غير ذلك ، و لكن رغم كل هذا فلم يصل الأمر إلى ما وصل إليه في هذا العنوان ، فأي علاقة لمهرجان للفروسية و التبوريدة بالديبلوماسية ، و كيف يمكن للخيول التي ينفجر البارود فوق رؤوسها فتزلزل المدينة بأكملها أن تخدم الدبلوماسية الموازية ، لا شك بأن صاحب هذا العنوان قد اقترحه ربما لمهرجان آخر أو لندوة جامعية أو فكرية بإحدى الجامعات الخاصة بتدريس العلوم السياسية أو العلاقات الدولية أو ما شابه ذلك ، أو ربما هو من اقتراح شخص بعيد عن المدينة ولا يدري بأحوالها ، أو ربما لايعرفها أصلا ، بل حتى الندوات المبرمجة بعيدة كل البعد عن موضوع الدبلوماسية الموازية .

تشير الدبلوماسية الموازية إلى تلك الأجهزة التي تعمل في ظل وزارة الخارجية و أجهزتها الدبلوماسية إن صح التعبير و تنبني أصلا على العمل من الخارج لصالح الدولة و خدمة مصالحها و قضاياها الهامة من خلال وسائل متعددة قد تكون شراكات علمية أو ثقافية أو فنية أو اقتصادية لما تعمل قوة اقتصادية من داخل دولة أجنبية على الدفع بتلك الدولة على خدمة مصالح دولتهم الأصلية ، و هي كما يقول الباحث محمد الغريب بأن هذه الجهات الغير رسمية لها قوة دعم كبيرة من الجهات الحكومية و الاقتصادية حيث تكون لها قناعات راسخة من أجل الدفاع عن المصالح العليا للأمة و هو مصدر المقترحات التي تقوي جبهة الدفاع عن المصالح الإستراتيجية للبلاد ، و هو ما أكده صاحب الجلالة في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 34 للمسيرة الخضراء 34 للمسيرة الخضراء، الذي أكد فيه جلالة الملك محمد السادس مجددا على أهمية تفعيل الدبلوماسية الرسمية والموازية للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة وحماية حقوق ومصالح الوطن، مسجلة أن المسؤولية تقع اليوم، بالأساس، على عاتق الأوساط التي تأخذ بزمام المبادرة .

إننا من هذا المنبر نعبر عن سخطنا الكبير لما نعتبره بمثابة استبلاد للمدينة و سكانها و استغباء لأهلها و طاقاتها ، و نحن لسنا ضد الثقافة و الاحتفالبالموروث ولكننا ضد أن يستغل هذا التراث ليخدم مصالح خاصة أو يصبح بمثابة أداة ضد المدينة و تنميتها ، و إن كان الناس يحبون الفروسية فهم يحبون كذلك أن يروا مدينتهم تتوفر على كل المرافق الضرورية ، لا مجرد تجمعات سكنية مكتظة ، مدينة سوق السبت اليوم في حاجة للكثير من الأوراش التي كان بالإمكان أن تصرف أموال المهرجان فيها ، فالناس ليسوا جهالا ، فلو خيرناهم بين مهرجان و بنية تحتية جيد أو طرقات أو مستشفيات تحفظ كرامتهم أو علما و معرفة نافعين فبالتأكيد كانوا لن يختاروا مهرجانا للعبث ، خاصة و أن المدينة تعرف في السنوات الأخيرة انفجارا ديمغرافيا و سكانيا كبيرين جدا ، فهل هيأ هذا المجلس الجماعي متطلبات و ما يرافق هذا الانفجار ، فالناس يبنون المساكن بطرق جد بدائية هذا إذا لم تتدخل السلطة فتهشم تلك البيوت على رؤوسهم ، نعم نحن ضد البناء العشوائي ، و لكننا كذلك ضد المساطر المعقدة و المحسوبية و الزبونية قبل أن يحصل المواطن على رخصة للبناء و قبل ذلك أين هي مشاريع تهيئة المدينة بمرافقها التي يمكن أن تجعل المدينة فضاء صالحا للحياة ؟ كم هي مساحة المناطق الخضراء في المدينة ، المهرجان الحقيقي ، هو لما أرى الطرقات و الشوارع نظيفة أنيقة مرتبة ممن يحتلونها رغم أنوفنا ، المهرجان الحقيقي هو لما تتهاطل أمطار قوية و أنام مطمئنا لأنني لن أجد نفسي أسبح فيها ، المهرجان الحقيقي هو لما أرى ابني يدرس في مؤسسة تتوفر فيها شروط التعلم الجيد ، و مستشفى لا أخاف فيه من أن تموت زوجتي و هي تنجب طفلها فيه ، و يعامل فيه المواطن بكل احترام تجفظ كرامته ، بطبيعة الحال فهذا هو الإحتفال الحقيقي بالتراث و الثقافة ، و هذا هو مالا يمكن لأنصار مهرجان الدبلوماسية الموازية أن يفهموه ، لأنهم إن كانوا يفهمون لما فكروا في عنوان كهذا أصلا وفي الأخير فلا نطلب من المجلس البلدي إلا أن ينظف المدينة لما ينتهي المهرجان خاصة و أن الخيول أصبحت تعيش معنا في أزقتنا و تنتشر وسط أحيائنا مما جعل من كل المناطق المحيطة بساحة الفروسية بمثابة حضيرة كبيرة .

.

 
مجموع المشاهدات: 1127 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة