الرئيسية | أقلام حرة | محاكمة الرئيس الشرعي لمصر : سجين يحاكم سجاّن

محاكمة الرئيس الشرعي لمصر : سجين يحاكم سجاّن

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
محاكمة الرئيس الشرعي لمصر : سجين يحاكم سجاّن
 

 

 

لم يخلو يوم من أيام الحكم العسكري بمصر منذ انقلابه في الثالث من يونيو الى اللحظة التي نطق فيها بالحكم 20 سنة سجنا على الرئيس الشرعي المختطف ، أيقونة الصمود السيد الدكتور" محمد مرسي " غير شاهد لواقعة سَجْن أو اختطاف أو قتل.. ، وكلما أُعْلن عن جلسات "محاكماتية " هزلية كهذه رفع المُتَهمون رؤوسهم بثباث وكبرياء وعيونهم تقول لقاضي الإنقلاب .. اقضي ما أنت قاض فإننا على العهد باقون ولن نبدل تبديلا .

وهذا في حد ذاته يدفعنا الى اعادة النظر في مفهومي السجن والحرية كي تتسع المفردتين لما يقارب 90 مليون مصري يشعرون بأنهم سجناء في عقر وطنهم بل حتى داخل دورهم لان مصر تحولت بمرور الوقت وتكريس الإنقلاب الى ثكنة كبرى ، والاسم الذي حملته هذه الثكنة في معاجم السياسة الحديثة هو مصرالسيسية ، وقد يرى المغيبون فكرا في هذه الرؤية موقفا راديكاليا تجاوزته الاحداث ، لكن المفاهيم لا تخضع لما يجري لها من جراحات قيصرية و متعسفة بحثا عن جنين غير موجود اصلا في الرحم ، ويخطىء البعض اذا ظنوا بأن معارضي الإنقلاب العسكري المقبوض عليهم حتى الآن وهم عشرات آلاف.. داخل المعتقلات مسجونيين ، لأنهم بمقياس آخر اكثر حرية من ملايين يحملون زنازينهم كالسلاحف على ظهورهم ويسعون في الارض .والسجن ليس حبس شخص ما داخل زنزانة ، انه احساس أعمّ من ذلك ، يشعر به الانسان اذا وجد نفسه سجين ذاته لا يستطيع التعبير عما يحتدم بداخله من تناقضات ، واحيانا تنقلب المفاهيم والمعادلات كلها فيصبح المحبوس في سجون الطغاة هو الحرّ ، والطليق في الشوارع لكن عقله محاصر بالجبس هو المحبوس ما دام عقله محاصر بهواجس الخوف .

وسجن الطغاة للمصلحين اعتراف منهم رغما عنهم بخطورة حريتهم ، وبأن بقاءهم طلقاء يهدد كل اطروحاتهم ويحرجهم حتى امام انفسهم ، وقبل الإنقلاب كان المصريون قد ألفوا واعتادوا حريتهم حتى لم يعودوا يشعرون بها ، لأنها كالهواء الذي لا يشعر الانسان بضرورته الا في لحظات الاختناق ووقت غيابه.

ومن يقرأ ويشاهد ويسمع ما يكتبه أو يقوله أبناء وبنات الشعب المصري الجريح في صميم الوجدان تحت وطأة الحكم الإنقلابي هذه الايام يشعر على الفور ان أرض الكنانة كلها أصبحت سجنا وانها تحولت الى معسكر ، وأن من ينتظرون أن يتأتى الإصلاح على يد الإنقلابيين هم واهمون ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، وكم نشعر بالأسى ونحن نرقب أيامنا في التقاويم التي حجزت لكل ما هو مثير للشجن ، اذ نادرا ما يحتفل العرب بذكرى يوم انتصار جميل ، لهذا يعودون الى الماضي لعله يعوضهم قليلا عن كل ما فقدوا.. وحين كتب احد المصريين.. من يشتري حكم العسكر من عهد جمال عبد الناصر.. الى عهد عبد الفتاح السيسي بيوم حرّية ، لم يكن يعرض على التاريخ المصري صفقة او مقايضة ، بقدر ما كان يذكر حكم الإنقلاب العسكري بأنه أفقر الماضي لفرط ما اقترض واستدان منه.

السجناء المصريون وعلى رأسهم الرئيس الشرعي المختطف ، أيقونة الصمود السيد الدكتور" محمد مرسي " لا يرددون في زنازينهم ما قاله ابو فراس الحمداني عن الحمامة التي ناحت بالقرب منه ، لان فضاء مصر خلا من الحمائم بعد ان ملأت الهيلوكوبتير 

والرصاص الحي و الخرطوش السماء بدخان جثت المعتصمين المحروقة بميدان رابعة و الغازات السامة ، وهم ايضا لم يقولوا.. ان مِت ظمآن فلا نزل القطر ، لأنهم ظمئوا لكي يشرب الشعب المصري بأكمله ، وحين يُخْتَطفون أويعتقلون أو يستشهدون.. فمن اجل ان يعيش الشعب المصري بأكمله ، ومن حقهم ان يلوحوا بشارات رابعة والصمود والنصر من زنازينهم - ان كانت لها نوافذ -أو التكبير داخل أقفاص الإتهام أثناء جلسات المحاكمات الهزلية ، لهؤلاء السجناء الذين تعج بهم شوارع المدن والقرى داخل مصر ، ولا أدري من هو الذي يشفق على الآخر الآن ، هل هو السجين الحرّ في سجن الإنقلاب أم الرهينة الذي يتحرك داخل زنزانة بسعة دولة !؟. 

ان قدر السّجان هو ان يبقى حتى القيامة سجين خوفه وهلعه من ضحاياه ، اما قدر السّجين فهو ان يترجم الحرية من مشروعفكرة الى واقع صبحٍ آتٍ لا محالة بإذن الله تعالى ..أليس الصبح بقريب

مجموع المشاهدات: 2800 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة