الرئيسية | أقلام حرة | نبيل عيوش و عقدة أوديب

نبيل عيوش و عقدة أوديب

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
نبيل عيوش و عقدة أوديب
 

 

ليس من عادتي أن اكتب عن الاشياء و المواضيع التي تثير الناس و تخلق جدلا اعلاميا مزيفا، سرعان ما يتلاشى امام انجراف الذاكرة و تعريتها، فأنا أحب أن أنزوي وراء المواضيع التي لاترى بالعين المجردة، تلك المواضيع التي تغوص في عمق المتون، و هي المواضيع التي لاتجلب قراء و لاتثير الدهشة، و لاتستفز الهم الفكري و القلق التساؤلي، كما أنه ليس من عادتي أن أعلق على أمور و مواضيع نقلها الاعلام و شحدت الاقلام لتحليلها، فأنا أفضل أن أعيش الفكرة و الموضوع و أن أتناولها وفق مقاربة ذاتية، اذ أن اسلوب العنعنة و المتن و السند لم يعد مجدي لاستخلاص الحقائق و الرؤى، و في هذا السياق أرسل لي أحد الأصدقاء مقاطع مقرصنة من فيلم " الزين اللي فيك" لمخرجه و منتجه نبيل عيوش، ضاربين عرض الحائط - أنا و صديقي- قواعد منظمة الويبو و مبادئ اتفاقيتي التريبس و باريس لحماية الملكية الفكرية.

و بقراءة بسيطة لموضوع الفيلم و مضمونه حسب ما صرح به مخرجه أمام الاعلام الغربي بمهرجان كان السينمائي، و باستقراء لتلك المقاطع المتداولة و المبتدلة في آن واحد، تتراص مجموعة من الأسئلة حول الهدف من الفيلم؟ و ماهي الرسالة التي يقوم عليها؟ و ماهي المواضيع المعالجة؟ هذا بدون الحديث عن تقنيات الطرح و الابداع الغائبة، و عدم تناغم سمفونية الوصف و العقدة و الحل و مجرى النهايات المغلقة أو المفتوحة، التي وظفها المخرج و كرر فيها نفسه مثل ما فعل قبل ذلك في فيلم " علي زاوا"، لكن هذه المرة باسلوب أكثر ابتدالا و أكثر سطحية. فاذا كان الهذف من الفيلم هو تسليط الضوء على تراجيديا اللحوم المقددة، و كشف لعوالمهم الليلية و اساليبهم و تحالفاتهم و طرق عملهم، و إبراز لمنظومة تجارية قوية و متشابكة و قائمة على بيع اللذة، فأظن بأن المنتج و المخرج و المنفذ و

الممثل و البطل الضحية، قد جانبهم التوفيق، باستثناء اذا كان القائمون على الفيلم يستهدفون المشاهدين المحتملين من كواكب أخرى، أو عوالم متوازية غير مرئية، ﻻن ما يعرضه الفيلم هو شيء واضح و معروف و معلوم، و لايحتاج الى ابراز أو إظهار، ففكرة موضوع الفيلم متداولة و قتلت بحثا و تحليلا من طرف المختصين و الكتاب و هيئات الرصد و الإحصاء، أما رسالة الفيلم فهي غائبة لان النص مبني على حوارات وصفية، مستهلكة و متهالكة، مبنية على على محاكاة لعوالم العهر، مع مبالغة في مشاهد معينة كضرورة غوغائية، و ليس فنية، و بالطبع ففي ظل غياب الرسالة تنعدم الحلول، فالفلم يعتمد على عنصر الفرجة المتدنية، و هو ما يساوي خطابه مع الخطاب الإسلامي الراديكالي، فهذا الاخير يعتمد على مخاطبة المشاعر و الاول يعتمد على مخاطبة الغرائز، و كلاهما في فلك التدني يسبحان، و بالرجوع الى الهدف الاساسي من الفيلم، فهو ليس كما يصوره المخرج و الممثلين بأنه تحدي لفك شفرات المسكوت عنه، و محاولة لتوضيح الصورة النمطية للدعارة، و معانات مقدمي اللذة، و تحليل لعلاقة التابع بالمتبوع في تجارة البغي، بل الهدف هو الشهرة و ربما جائزة معنوية من مهرجان كان، لان الغرب يستهويه جدا، طابوهات المجتمعات العربية و الاسلامية، و يعتبر الحديث عنها، فتحا مبينا في سماء الحرية و الديموقراطية، و انتصارا للفكر الحر ضد الظلامية و غيرها من شعارات النصف الثاني من القرن الماضي، و بالتالي يكون الهدف من الفيلم غائب لان مخرجه أسرته صفة مرافقة للنجاح، و هي الشهرة، أي أن المخرج تأثر ببندول غريب عن صواب النهج و المنهج، حسب تعبير صديقنا فاديم زيلاد، لذلك غاب الهدف و الرسالة عن العمل، فعوض المخرج الفكرة بتحريك المؤخرة، و الحوار بخلاعة الكلام، كما أثر بندول السعي نحو مايريده الآخر، على العمل، ليظهر في صورة عقيمة لم تلد أي فكرة صالحة للإستعمال، حسب تعبير الرفيق غرامشي، و لم أجد في هذا السياق ابلغ من مقولة مخرج العري الايطالي تينتو براس بأن " توظيف الجسد في الأفلام قد يجلب لك المال و الشهرة، لكنه لايصنع لك مجدا". كما

 

أن جدي رحمه الله كان يقول في معرض وصفه لجيلنا بأنه " جيل قيمش، مايحشم ما يرمش" كناية على غياب الاحترام و الحياء. رحمك الله ياجدي.

 

 

مجموع المشاهدات: 2320 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة