الرئيسية | أقلام حرة | الدستور الجديد ها هو .......؟

الدستور الجديد ها هو .......؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الدستور الجديد ها هو .......؟
 

 

نظريا، الكلام في السياسة فن راق جدا. وعندما يتم الحديث عن الرقي في هذا الشأن لا نعني بذلك البحث عن الشهرة واستمالة الرأي العام بأي ثمن وبمختلف الوسائل كيف ما كانت طبيعتها... الكلام في السياسة، أي في تدبير شؤون المواطنين المختلفة والمتنوعة بحكمة ومسؤولية في الحاضر والمستقبل (التوفر على قدرة على القيام بإسقاطات ذات مصداقية)، هو في العمق إحساس مستمر بضرورة التعبير الاضطراري عن الرأي أو الموقف بصدق (بالقلب والعقل) عبر القنوات المتاحة في قضية أو قضايا تهم الوطن والمواطنين كلما اقتضت الضرورة ذلك. وعندما نستحضر، هنا، التفاعل ما بين الحمولة الفكرية للفاعل السياسي، كيفما ما كانت مرجعيته، ونسبة حبه للوطن وغيرته على مسيرة بلاده السياسية والاقتصادية والثقافية، تتحول كلمة "الوطن"، كرمز معنوي بقيمته الثقيلة جدا، إلى رقيب دائم لخطابات الفاعلين وتعابيرهم المختلفة الشفاهية منها والمكتوبة والإيمائية، ويشعر المواطن العادي، في حالة النجاح في تعميم هذه الرقابة على كافة مناحي الحياة العامة، بالاطمئنان والأمان والرغبة، بل والإرادة القوية في المشاركة المكثفة في البناء المعماري والاقتصادي والثقافي لبلاده. 

إن البحث عن تعميم الالتزام السلوكي السالف الذكر هو حلم لكل مواطن مغربي يسعى من خلاله أن يرى يوما الشخصية المعنوية لوطنه، المغرب بتاريخه الزاخر بالمكتسبات، مستقلة بقوة الإجماع الوطني ولا تترك مجالا للممارسات التي يخجل المرء المسؤول على ذكرها. ويتعلق الأمر بممارسات معروفة ذات طبيعة لا يمكن السماح باستمرارها بعدما تجاوزت الإنسانية النصف الأول من العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين. فعلى سبيل المثال، لا يمكن أن يسمح الوطن، وطن أبنائنا ووطن الملوك الثلاث المغفور لهما الملكان محمد الخامس والحسن الثاني وجلالة الملك محمد السادس ووطن المهدي بن بركة وعمر بنجلون وعلال الفاسي وعبد الله إبراهيم وعبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمان اليوسفي ومحمد بوستة ومحمد بنسعيد ايت يدر.......، لأي كان أن "يبهدل" الممارسة السياسية. الاستحقاقات المقبلة هي امتحان حاسم لا يمكن أن يسمح للبعض برفع أصواتهم في البرلمان متقمصين دور المدافع على حقوق المواطنين، وأن يحملوا وسائل الإعلام السمعية البصرية كلفة مرتفعة (الحيز الزمني للمشاهدة)، وهم في الواقع لا يمكن لهم أن يمارسوا السياسة إلا عبر شراء الذمم واستغلال الضعف المادي والثقافي للناخبين. نسمع مرارا كلاما غريبا في شأن بعض النخب حيث يتردد على مسامعنا مثلا أن البرلماني الفلاني كان أميا، وكان يبيع في وقت من الأوقات زيت الزيتون في الأسواق مثلا، وتمكن من تكوين نفسه ماديا، واستأجر أساتذة، وكونوه، إلى أن أصبح فاعلا مرموقا،.... يا سلام على "من جد وجد ومن زرع حصد"، و......... الانتخابات، إخواتي أخواتي في الوطن وفي الله، هي مناسبات سياسية متتالية في الزمن، لكنها مقياس لتقييم معايير الجودة في الاختيار. وهذا المقياس، إخواني أخواتي في الوطن وفي الله، هو المحدد الأساسي لجودة الفعل السياسي والمؤسساتي. فالمغرب، مثلا، من باب مسؤولية القيادات السياسية، والمسؤولية الجسيمة للمؤسسات في الدولة والمجتمع، أرى بصدق شديد، أنه مطالب بإعطاء صورة مغايرة لدوافع الاختيار في مختلف الاستحقاقات المقبلة (على الأقل تكون معايير الجودة في الاختيار متقدمة عما سبق). قد يقول البعض أن بلادنا تحتاج إلى "كوطا للأطر" كما هو الشأن لفئتي الشباب والنساء.... يا سلام على الغيرة على ربط جودة الفعل السياسي والإداري بالكفاءة والمسؤولية وحب الوطن.... وقد يقول آخر أن الأهم والانشغال الأساسي للبلد هو نسبة المشاركة،.... وما أدراك ما المشاركة؟،....أقول هذا لأنني أسمع كل يوم في المقاهي، والندوات، والمحاضرات، والخطابات،.... أن نجاعة الفعل المؤسساتي وجودته هو مرادف إلى حد بعيد لكفاءة ووطنية كل الفاعلين فيه والمسؤولين على قيادته.....أسمع كذلك اسطوانة وجود اختلال في التوازن المعرفي محليا ما بين المنبثقين عن سلطة الانتخاب والمنبثقين عن سلطة التعيين، وأن استمرار هذا الخلل يترتب عنه التبعية والخضوع.... أفبهذا يريد مروجي هذه الاسطوانة تكريس فكرة "المجتمع العاقر حزبيا".... إن الانتخاب هو مسؤولية الشعب، والشعب مطالب بالاختيار، وجودة الاختيار مسؤولية المؤسسات في الدرجة الأولى. فبلقطات فيلم عيوش الجديد "الزين اللي فيك"، أزال عيوش "الابن" ما يسمى بالدارجة "الخامية" أي الستار على ذلك الجزء من الواقع الذي يعرفه الجميع وعلى رأس هذا الجميع رئيس الحكومة، ووضع مراكز السلطة في كل مؤسسات الدولة والمجتمع أمام مسؤولية إعادة التفكير فيما تقوم به يوميا من واجبات.... الواجب اليوم يتطلب التفكير الطويل والكلام القليل.... يتطلب الرزانة والحكمة والأخذ بالفكرة النافعة...إنه واجب تجميع القوى المؤسساتية والمجتمعية للتقدم في مسار تقوية الثقة بين الآباء والأمهات والأبناء في كل الأوساط والفئات المجتمعية، وتقوية الروابط السياسية ما بين الأحزاب والمواطنين بصفة خاصة وما بين المؤسسات والمجتمع بصفة عامة.

إن الدستور الجديد ها هو.....؟ وهل هناك فعلا عجز في المجتمع، مجتمع المغاربة البسطاء، يحول دون تنفيذه؟

 
مجموع المشاهدات: 2126 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة