الرئيسية | أقلام حرة | سؤال التقييم في اوراشنا المغربية

سؤال التقييم في اوراشنا المغربية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
سؤال التقييم في اوراشنا المغربية
 

 

في نقاشاتنا اليومية حول التنمية والتطور نستحضر النماذج الغربية باعتبارها نماذج متأصلة راسخة وناجحة مؤسسة لفعل التحضر والتمدن، دون أن نتساءل عن أسباب وشروط التحقق التي اوصلت الفكر الغربي إلى ما هو عليه اليوم.

ثمة عوامل متداخلة يتقاسمها الذاتي من جهة والموضوعي من جهة ثانية، ساهمت في بناء صرح هذا التطور.

ويمكن اعتبار سيادة ثقافة التقييم والتقويم إحدى أهم الركائز الاستراتيجية التي تؤسس عليها الدول المتفوقة اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، وحتى اجتماعيا فعلها الديمقراطي القائم على المتابعة والمراقبة

والتشبع بروح المسؤولية والإلتزام وأداء الواجب بغض النظر عن السياقات السائدة.

ومن هنا يظهر جليا في لاوعي المواطن الغربي شعور بالذنب والندم حينما يخالف المنظومة القيمية والتربوية والقانونية التي نشأ في حضنها.

بين "الهناك والهنا"، مسافات وسنوات ضوئية على درب التطوير العقلي والنفسي. في مجتمعنا المغربي لايمكن لهذه الثقافة؛ ثقافة التقييم أن تراوح مكانها.

لقد انخرط المغرب منذ عقود في مجموعة من الأوراش الكبرى في السياسات العمومية، اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وإعلاميا.. دون تفعيل يذكر لمؤسسات التقييم والوساطة. وهو نفسه ما صرحت به الكاتبة العامة لمؤسسة الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان بالمغرب السيدة خديجة المروازي في أحد البرامج الحوارية المغربية.

وكل من حاول الإطلاع على معطيات هذا التغييب لفعل التقييم داخل مؤسساتنا سيصدم بحقائق تسير عكس مسير إعلامنا التلفزي الرسمي.

1) هيأة الإنصاف والمصالحة: مشروع ضخم جاء في سياق خاص واستثنائي، سياق القطع مع مرحلة سابقة تميزت بإهدار الحقوق، وتعويض المتضررين من مأساة السجون والتعذيب.

لاأحد أو قلة قليلة تعرف ما وقع وكيف وقع ولماذا وقع؟ وما هي المنهجية التي تم التعامل بها مع المعطيات والمستهدفين.

ماذا تحقق؟ وما لم يتحقق؟ الآن أقبرت المؤسسة وضاعت في غياهب النسيان والإهمال دون عملية تقييم تذكر.

2) المشروع الوطني الكبير: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تم صياغتها لإقصاء الهشاشة ومحاربة الفقر وتنمية المشاريع المدرة للدخل.. اليوم تحتفل بعشريتها التاريخية دون أن يعلم المواطن المغربي أسباب الفشل إن كانت قد فشلت ، أو أسباب النجاح إن كانت قد نجحت.

 

فقط لأننا لانعطي لأنفسنا فرصة التقييم والتقويم الحقيقي الكاشف والفاضح ، الذي يضع اليد على الجراح ويسعى إلى تضميدها بما يلزم من الضبط والحزم والمسؤولية والتربية الذاتية والمراقبة الآنية.

3) تقرير الخمسينية الذي يعتبر وثيقة تاريخية تسجل صورة المجتمع المغربي خلال خمسين سنة مضت على مستويات مختلفة، سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية..

تقرير تم إنجازه من لدن أطر ونخبة من الأساتذة والدكاترة لم يجد استجابة حقيقية ولم يلق آذانا صاغية لاستثمار ما تم الوصول إليه من حقائق ومعطيات. كما أنه لم يواكب بالتقييم والتقويم اللازميين لمعالجة الإختلالات التي يعانيها طريق التنمية بالمغرب.

 

4) مؤسسة "الهاكا" هيأة السمعي البصري للإذاعة والتلفزة المغربية، مشروع انخرط فيه المغرب لتجويد سياسته الإعلامية، وتقديم منتوج يحترم عقل وخصوصيات المغاربة.

مؤسسة تستخلص ملايين الدراهم من جيوب المواطنين المغاربة دون أن يفتح فيها المجال لتقييم سياستها الإعلامية باعتبارها مؤسسة عمومية.

هذا غيض من فيض لمن يسكنه سؤال الشواهد والأدلة على تغييب ثقافة التقييم والتقويم في الآن نفسه. 

فالتقييم والتقويم ثقافتان تسهمان في تحصين المكتسبات والإبقاء على مسارات التنمية مستقرة متنامية.

ثقافة كشف العيوب،وثقافة "شوف راسك في المراية" لتقويم الإعوجاجاتبشكل دينامي متحرك في اتجاه الغايات الكبرى لسياسات الدولة الإستراتيجية داخليا وخارجيا.

فما أحوجنا اليوم في ظل دستور جديد بنخب قديمة جديدة، وحكومة جديدة، وسياق اجتماعي وسياسي جديدين إلى ثقافة متأصلة اسمها ثقافة التقييم والتقويم.

 

 

ا

 
مجموع المشاهدات: 2143 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة