الرئيسية | أقلام حرة | الإنسان ثروة لا تنضب

الإنسان ثروة لا تنضب

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الإنسان  ثروة لا تنضب
 

 

يعتقد الكثير من الناس أن الثروة هي عبارة عن العناصر المادية الموجودة في الطبيعية من بترول وغاز وذهب وفوسفاط... وهم يتناسون أن هذه الأشياء المادية ليست ذات فائدة تذكر لو لم يوجد الإنسان، ومن ثم فإن المعنى الحقيقي للثروة  يتمثل في حصيلة تفاعل العناصرالمادية مع الإنسان، لذلك فإن تمكن الإنسان من إخضاع الموارد الطبيعية  لصالحه بغية إشباع حاجياته يمثل الثروة.

انطلاقا من ذلك فإن الثروة هي حصيلة استغلال الإنسان للموارد الطبيعية  وقد تمثل ذلك في انجازات عظيمة على سطح الأرض وعبر مختلف العصور أبهرت المفكرين والشعراء الذين تغنوا بقدرة الإنسان المدهشة وذلك منذ الإغريق والرومان وحتى العرب الأوائل الذين أكدوا بأن الإنسان هو "الخالق الوحيد للثروة" ومفجر جميع الحضارات.

إن السور الصيني العظيم، وبناء الأهرام في مصر، والسدود العظيمة في اليمن و المأثر التاريخية في أوربا، تشهد جميعها على هذه القدرة. كما أننا لو نظرنا لمنجزات العصر الحاضر لزاد إعجابنا بالإنسان الذي حقق الثورة التكنولوجية وتمكن من غزو الفضاء الخارجي واستطاع التحكم في قوى الطبيعة المدمرة والصعبة.

إذن فسكان البلد الواحد هم ثروته الأساسية  ويزيد من أهميتها البنية العمرية لهذه الساكنة، بحيث كلما كانت الأغلبية في سن العمل وفي مستوى تقني يساعد على التحكم في العناصر المادية  وإزدادت مستويات إرضاء الحاجيات والأذواق وتحققت التنمية بكل أبعادها.

لذلك سنحاول إبراز العناصر الأساسية  للرأسمال أو الثروة، من أجل تبيان منطلقات التنمية الإقتصادية كيتسنى لنا  فهم ورصد مفهوم الرأسمال القومي .

العناصر المادية: يقصد بها كل الموارد الطبيعية والثرواث المتواجدة  في البيئة، كالأنهار والغابات والبحيرات والمعادن وغيرها، ولاتقتصر العناصر المادية على الثروات الطبيعية وإنما تشمل كذلك الجانب المادي الذي طوره الإنسان كالطرق والسدود والجسور وهذه العناصر تسمى الموارد الإقتصادية.

الرأسمال غير المادي: يقصد به ثروة الأفراد من ثقافة وفنون وعلوم متمثلة في إنتاجات المفكرين والفنانين والعلماء من مؤلفات ولوحات وابداعات موسيقية كما أن الدول  تعتز بأثارها التاريخية وتراثها الإنساني الذي يعكس شكل تعامله مع الطبيعة في الماضي وقد يحدد شكل تفاعله مع العصر في الحاضر. وإذا احتسبت الدول مالديها من ثروة متمثلة بما لديها من مخترعين ومنظرين ومبدعين وفنانين ورسامين وشعراء وموسقيين فإن إحتسابها لا يعني إحتسابا لعناصر معنوية صرفة بل لكونها عناصر غير مادية دات أرباح كبيرة على الدول من خلال حقوق الإختراع أو حقوق التأليف، وهنا يمكن الإشارة إلى عدة تجارب استطاعت أن تبهر العالم في هذا المجال كاليابان والولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية...

في المغرب  الرأسمال المادي متنوع بوجود أراضي شاسعة وتربات خصبة وعدة أنهار وغابات ذات أصناف نباتية وحيوانية جد متنوعة ومعادن كثيرة في مقدمتها الفوسفاط والحديد والفضة والصخور النفطية إضافة إلى بنيات تحية في المستوى أما  بالنسبة للرأسمال  غير المادي فهذه البلاد تزخر بثقافات متنوعة  وبإرث إنساني يستحق الإهتمام ، وبرجال ونساء أبدعوا وما زالوا يبدعون في كل المجالات الفكرية والثقافية والفنية والعلمية ويكفي أن نذكر أن هذا البلد العزيز قد أنجب مفكرين وعلماء كبار من أمثال العروي والمهدي المنجرة ويضم حاليا طاقات شابة مؤهلة كلها حيوية  قادرة على الخلق والإبداع،  فلماذا ظل المغرب  متأخرا عن ركب الدول الصاعدة؟ 

لقد تأخر المغرب كثيرا في أن يصبح دولة  من الدول الصاعدة  في العالم، علما أن كل مقومات النجاح الإقتصادي متوفرة  من عناصر مادية وغير مادية ولكن للأسف الشديد أن المشكل الكبير في سياساتنا الإقتصادية والإجتماعية أننا نبخس عمل الإنسان  ونستهين  بقدراته الخلاقة ، ونسعى دائما إلى إرضاء بعض الدول من خلال تسخير كل عناصر ثرواتنا لصالحهامقابل الإستفادة  من خبراتها وإستثماراتها الهزيلة، كما نكرس في الداخل لمفهوم إقتصاد الريع  ونتناسى أن العنصر البشري  المحلي منطلق الثروة والضامن لإستمرارها إن أحسنا تعليمه وتكوينه وأوجدنا له الظروف المواتية للإنتاج والإبتكار.

 
مجموع المشاهدات: 1341 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة