الرئيسية | أقلام حرة | 2015 سنة التغيرات الكبرى في الشرق الأوسط.

2015 سنة التغيرات الكبرى في الشرق الأوسط.

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
2015 سنة التغيرات الكبرى في الشرق الأوسط.
 

 

 

على مشارف نهاية السنة 2015، ثلاث متغيرات كبرى أثرت بمجريات الأحداث في الشرق الأوسط، تولي سلمان و الهزيمة النسبية لأوردغان و الإتفاق النووي الإيراني الغربي.

 

بموت عبد الله بن عبد العزيز، فقد التحالف المصري الإماراتي حليفا أساسيا في حرب الدولتين ضد جماعة الإخوان، خاصة في الساحة المصرية و الليبية، الملك سلمان و بتغييراته المفاجئة التي جعلت ابنه و ابن أخيه الشابين على رأس هرم السلطة بما في ذلك من انعكاس على الوضع الداخلي للملكة و الأسرة، دشن عهده بحرب مباشرة في اليمن، مازالت مستمرة إلى حد الآن، حرب فرضت على الإمارت مثلا التخلي عن صالح، و فرضت أخيرا على السعودية التقرب من تنظيم الجماعة بعد أن سمته إرهابي، و ذلك باستضافتها مشعل و قبله الغنوشي، فالرياض تجد في حزب التجمع و الإصلاح اليمني الإخواني الحركة القادرة على صد الحوثيين و صالح، و تكوين قوة سنية تستنفر القبائل ضد المد الحوثي من جهة و ضد القاعدة من جهة أخرى.

 

لم يكن الوضع اليمني القوة القاهرة التي جعلت من السعودية تستضيف مشعل فحسب، عوامل حاسمة أثرت في هذا التقارب، أهمها تواجد السعودية ضمن تحالف تركي قطري، مساند للحركة و الجماعة، و لربما مهدت قطر لهذا التقارب وفق ضمانات و توافقات قد لا تخرج للعلن، و كذلك الإتفاق النووي الإيراني الغربي، الذي عجل لربما بهذا التقارب.

 

من زاوية أخرى، هل تقبل مصر و الإمارات مثلا بالتوجه السعودي الجديد؟ لا تجرؤ الدولتان على نعت ذلك مباشرة، لكن قد تتجه مصر و الإمارات إلى إرسال رسائل مشفرة تبديان فيهما الإنزعاج من تحركات الرياض، مصر مثلا و هي الأكثر حرية من أبوظبي الملزمة بقررات و قواعد مجلس التعاون، قد تلعب بورقة التقارب مع طهران و محورها العربي، أو تهمز إعلامها و أبواقها فيهاجم و ينتقد الرياض و حربها في اليمن و تدخلاتها في سوريا....لكن مصر المثقلة بمشاكلها الإقتصادية تحتاج مزيدا من المال الخليجي، و لا بديل لها،  فلا إيران و لا روسيا مثلا قادرتان على دعم مصر بالمال كما كانت السعودية و باقي بلدان الخليج تقدمه، محصلة القول مصر مقيدة بمشاكلها الإقتصادية، و هي ورقة رابحة بالنسبة للسعودية في حروبها ، حيث تحتاج لجيوش برية رخيصة الثمن تحارب عنها في اليمن مثلا أو في سوريا. وهذا ما وجدته اليوم في التحركات التركية لفرض منطقة عازلة و أمنة في شمال سوريا، التحرك التركي جاء ردا على نقل التنظيم  الداعشي و حركات يسارية محظورة معركة الحرب داخل تركيا نفسها، بالنسبة للحكومة التركية، ما يجري الآن على الحدود و الاستنفار الكبير التي تشهده البلاد و الاستقطاب، قد يؤثر ايجابا على شعبية الحزب الحاكم، الذي يبحث عن إجراء انتخابات مبكرة، أولربما  التحالف مع أحزاب قومية في حالة موافقتها خاصة و أن المعركة اليوم اتخذت مجرى آخر، لم يعد فيه التنظيم هو العدو فقط ، بل حزب العمال الكردستاني، لكن قد تسوء الأحوال، إن تم استدراج تركيا في حرب برية فاشلة في سوريا، تثقل ميزاينة الدولة و بالتالي الإقتصاد التركي، هنا لا محالة من أن حزب العدالة سيدفع الثمن غاليا من شعبيته، داود أغلو بحربه هذه يريد أن يثبت أنه رجل المرحلة لا كما يري فيه الكثيرون ضعفه و تبعيته لأوردغان.

 

وسط كل هذا التوتر، في العراق و سوريا و لبنان و مصر و اليمن، خرجت إيران لتفرح بانتصارها، إيران اليوم كما يرى محللون باتت دولة صديقة للغرب، خرجت من لائحة المحظورين، يرد لها مالها، و يشتري منها و يبيع لها الغرب المتعطش لفتح أسواق كبيرة تقيله من أزماته الإقتصادية، النصر الإيراني الذي هلل له الكثيرون من عرب الممانعة، و أذهل الكثيرين من عرب الإعتدال،هل  يبدو نصرا كاملا؟

 

الإتفاق الإيراني أزعج الرياض، و أزعج تل أبيب، ولم يزعج الغرب، لنقف عند إنزعاج تل أبيب، فالدولة العبرية لن تترك الإتفاق يمر كما يحلو لطهران، و لا لقيادة واشنطن و لا لباقي الدول الغربية المشاركة دون ضمانات كبيرة، و بعد انجلاء سكرة الفرح بالإتفاق، ستظهر التفاصيل الشيطانية و ستظهر اسرائيل بلوبياتها معرقلة مراحل الإتفاق، لكن الساعة و بما أن الوضع يحتم هدنة غربية ايرانية، حتى يتم القضاء على داعش نسبيا في العراق و سووريا، حيث الثقل الإيراني، قد تمتد الفرحة  إلى حين بروز أزمة تفجر الوضع و تتجه بالأمور إلى حيث مصالح أخرى و توافقات أخرى.

 

بالنسبة للعرب ، هم على ثلاث حالات، عرب الغساسنة و هم الموالون للغرب، المخدوعون الخائفون من الإتفاق، عرب المناذرة الهائمون في مقاومة و ممانعة طهران الفرحون بانتصارها، و عرب بين المنزلتين لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء، و بعضهم يلعب دور الوسيط كما عمان مثلا أو يتحرز من دخول أي حرب تؤثر عليه داخليا كما الجزائر، لكن بالمحصلة هم ليسوا على سواء، رغم كل ما يستجد من بروز قوى و أفول قوى، يبقى هؤلاء حكرا لتحالفات فوقية لم يصنعوها هم بارادتهم ووفق حسابات مدروسة، بل للأسف صنعت و رقعت وفق أجندة خاطئة نوعا ما،  و وفق ظروف  طارئة،  كما الحلف التركي السعودي القطري، الذي هو بالأساس تحالف كما يرى فيه البعض طائفي  قد يؤثر سلبا على الدول المعنية و على القضية المحورية  إن صدقت توجسات البعض من استغلال لحماس و لفصائل فلسطينية في حروب بالوكالة،يعيد بنا الذاكرة إلى سنوات الثمانينات  حين كانت الفصائل الفلسطينية تقاتل في لبنان و حتى في موريتانيا، المنطقي و  الأحرى أن يكون  التحالف تحالفا سعوديا مصريا قطريا إماراتيا....عربيا وفق رؤية استراتيجية موحدة لا ترى لا في إيران و لا تركيا عدوا.

 
مجموع المشاهدات: 1257 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة