الرئيسية | أقلام حرة | ذهبت القيم

ذهبت القيم

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
ذهبت القيم
 

 

تداولت في الأيام القليلة الماضية العديد من الجرائد الالكترونية شريط فيديو يوثق للحظة تحرش جماعي لفتاة بكرنيش طنجة، الشريط سرعان ما انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأثار موجة من الاستنكار والغضب إزاء هذا السلوك المشين.

 

ومن يتابع اليوم ما تنشره الجرائد في صفحات الحوادث أو من خلال ما يلاحظ من سلوكات البعض في الشوارع والأسواق العامة، يستنتج أن التحرش بمجتمعنا أصبح هواية شعبية.

 

كيفما كان نوع التحرش فهو أمر غير مقبول، ويجب أن يدان قانونيا وإعلاميا وتربويا نظرا لتداعياته النفسية والاجتماعية والفسيولوجية على الطرف الضحية، وإن استفحال مثل هذه السلوكات الخطيرة يشكل معولا يهدم كل القيم والأخلاق التي هي الركائز والأسس التي يقوم عليها أي مجتمع متحضر.

 

إن تربية الأفراد على قيم الخير والعفة وتحصينهم من الرذائل والأخلاق السيئة فيه حماية للمجتمعات وضمان للسلم والاستقرار، لذا فان التحكم في الوسائل والآليات التي تبني هذه القيم وتؤثر فيها سينعكس حتما على أخلاق المواطنين وسلوكاتهم.

 

فإذا كانت كل من الأسرة والمدرسة قد شكلتا لزمن طويل أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تلعب دور التكوين التربوي للفرد منذ طفولته ، فإن هذا الدور قد تراجع بشكل كبير لصالح وسائل الإعلام بشتى أشكالها، فقد أصبحت الفضائيات و مواقع الانترنيت عبر ما ينشر فيها من إنتاجات درامية خليعة و صور وأفلام إباحية، تغرس في وجدان متتبعيها سلسلة من العقد والمكبوتات الجنسية منذ نعومة أظافرهم سرعان ما تتحول الى سلوكات شاذة لعل التحرش الجنسي أهم تجلياتها.

 

وعوض أن تؤدي قنواتنا العمومية دور المدافع عن منظومة القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية إزاء هذا الموج الاعلامي الجارف، أصبحت هذه القنوات بما تبته من مسلسلات أجنبية وسهرات ماجنة وبرامج تافهة، تضرب عرض الحائط كل مرتكزات الهوية المغربية.

 

فكيف أمكن للقناة الثانية مثلا، أن تبث على المباشر افتتاحية مهرجان موازين الذي أحيته المغنية الأمريكنية ''لوبيز'' بما تضمنته من مشاهد العري وإيحاءات جنسية، وذلك في ساعة الذروة، أي في الوقت الذي كانت فيه معظم العائلات المغربية متحلقة حول الشاشة الصغيرة. ولنا أن نتصور ماذا كان موقف الآباء والأمهات مع أبناهم وهم يشاهدون هذه ''الكوارث'' مجتمعين؟

 

لا بد أن يعي إعلامنا الوطني دوره وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، فهو إما أن يسهم في بلورة الوعي الأخلاقي وتكوين الرأي العام بما ينتج '' مواطنين صالحين''، أو أنه سيكون سببا في تمييع المجتمع وهدم ثوابته وقيمه، حينها لن يأمن أحد على نفسه أوعرضه أوماله، وسينطبق علينا ما نظمه أحمد شوقي في بيته المأثور:

 

وإذا أصيب القوم في أخلاقهم .... فأقم عليهم مأتما وعويلا .

مجموع المشاهدات: 2212 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة