الرئيسية | أقلام حرة | إرهاب باريز ومحنة اتصال الازمات بالمغرب

إرهاب باريز ومحنة اتصال الازمات بالمغرب

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
إرهاب باريز ومحنة اتصال الازمات بالمغرب
 

 

عرت الأحداث الإرهابية التي عرفتها باريز  الأسبوع الماضي  واقع اتصالنا السياسيالبئيس. اتصال سياسي تعامل مع العمليا تالإرهابية بباريز- التي أثرت حتى في دستور الجمهورية الخامسة بفرنسا- كمواد إخبارية سطحية بدل  التعامل معها كأحداث ستغير فرنسا دستوريا وسياسيا  وشعبيا الامر الذي سيجعل من فرنسا ما بعد أحداث 13 نونبر ليس  هي فرنسا ما قبل هذه  الأحداث.

وفي عز تناول قنوات الإعلام  الدولية العمليات الارهابية  كانت قنواتنا تعيش في زمن آخر  جسد - في العمق- تخلف المؤسسات الإعلامية التابعة  للدولة في ان تكون في قلب الأحداث الكبرى ، مما يكشف عن أزماتها البنيوية في ما يتعلق بالاتصال السياسي او اتصال الأزمات.

أقول هذا الكلام لان ما وقع بفرنسا من عمليات إرهابية اثروسيؤثر على المغرب على  أكثر من صعيد  سياسيا اقتصاديا سياحيا إعلاميا.أولا تزامن العمليات الإرهابيةمع تواجد جلالة الملك بفرنسا.ثانيا تقديم المخابرات المغربية المساعدة للمخابرات الفرنسية  .ثالثا جل المتورطين في هذه العمليات فرنسيون من أصول مغربية. رابعا تواجد عدد مهم من المهاجرين  المغاربة بفرنسا.خامسا استغلال بعض المؤسسات الإعلامية الفرنسية أحداث باريز لتشويه صورة المغرب  والعرب  والمسلمين  بفرنسا خدمة لأجندات معينة.سادسا انا نعيش قرن المعرفة والاعلام حيث سلطة الصورة لا تضاهيها اي سلطة .سابعا تبعية المغرب لفرنسا في كل المجالات.

والمتتبع لتغطية  المؤسسات الإعلامية المغربية خصوصا الرسمية منها أحداث باريز  يصاب بالدوران ويجد صعوبة في فهم  عدم مواكبة هذه المؤسسات أحداث باريز بمهنية عبر  تقديم برامج تحليلية وتغطية مباشرة وحية لصناعة رأي مغربي حول العمليات الإرهابية التي ضربت عمق العاصمة الفرنسية  خصوصا وان المغرب كان حاضرا – بقوة- في جل النقاشات التي قدمتها القنوات الفرنسية  حول أحداث باريز للأسباب التالية:

1-كون الشأن الفرنسي يعد شأنا مغربيا: تبعية المغرب لفرنسا في كل المجالات لاتحتاج للبرهنة ، فالنخب المتحكمة في الاقتصاد والسياسة  والإعلام  والثقافة اغلبها منتوج فرنسي وتابعا لغويا وفكريا وثقافيا للمدرسة الفرنسية. والمغرب معروف بانه التلميذ المخلص لهذه المدرسة  بالاضافة ان جل المغاربة يتابعون بشكل كبير كل الشؤون الداخلية الفرنسية  وكأن الشأن الداخلي الفرنسي شأنا مغربيا، وعلى الأساس كان على القنوات المغرية ان تعد برامج تحليلية وتغطيات مباشرة وتفتح نقاشات بين الخبراء في الشأن الفرنسي  لتوجيه الرأي العام المغربي الذي طلق القنوات المغربية طلاقا خلعيا  وتابع أحداث الإرهاب التي هزت باريز عبر القنوات الفرنسية التي ارتفعت نسبة مشاهدتها داخل فرنسا وخارجها بشكل مثير،وبممارساتها هاتهأخلفت القنوات المغربية موعدها مع تاريخ الاحداث الكبرى  وبرهنت على ان التواصل السياسي واتصال الازمات بالمغرب يعانيان من محن حقيقية.

2-لقاء جلالة الملك بالرئيس الفرنسي حدث بالقنوات الفرنسية وخبر بالقنوات المغربية: اعتبرت جل القنوات الدولية استقبال  الرئيس الفرنسي ملك المغرب حدثا  سياسيا  مهما له اكثر من دلالة  بكونهأول رئيس دولة يستقبل بقصر الاليزيلتقديم كل تضامنه للحكومة  والشعب الفرنسيين  في محنتهما جراء الإرهاب الذي ضرب عاصمة الأنوار.

والغريب في الأمر ان المؤسسات الإعلامية الرسمية المغربية  لم تعط لاستقبال الرئيس الفرنسي لجلالة الملك اي تغطية مباشرة ومواكبة تحليلية  رغم  قوة رمزية الحدث وتأثيره على مستقبل العلاقات الجيو سياسية المغربية الفرنسية ، في حين تعرضت عدة قنوات دوليةللابعاد  السياسية والرمزية والدلالية لاستقبال الرئيس الفرنسي ملك المغرب في عز الضربات الإرهابية ، والأبعاد الرمزية  والدلالية لتجول جلالة الملك في شوارع العاصمة الفرنسية باريز واخذ صور مع بعض المغاربة المقيمين بالعاصمة الفرنسية. بل اكثر من ذلك كان جل المغاربة ينتظرون ان يعرف الاتصال السياسي  وخصوصا المتعلق منه باتصال الأزمات ان يكون حاضرا بقوة عبر لقاءات حوارية وبرامج تحليلية ومواكبات حية لحدث العمليات الإرهابية لكون المغرب يعد من الدول المخلصة لتبعيتها للمدرسة الفرنسية خصوصا وان الكل يعرف بان العمليات الإرهابية التي هزت شوارع باريز ستكون لها تداعيات سياسية واقتصادية  وسياحية على المغرب.

3-التعاون الاستخباراتي المغربي الفرنسي بين الإشادة الغربية والصمت المغربي : في الوقت الذي أشادت فيه كل وسائل الإعلام  الفرنسية والغربية بنوعية التعاون الاستخباراتي المغربي الفرنسي في مواجهة الإرهاب الذي ضرب فرنسا التجأت القنوات الإعلامية المغربية الرسمية الى الصمت وترك المواطن المغربي يبحث عن معلومة التنسيق الاستخباراتي المغربي الفرنسي بالقنوات الأجنبية الذي خصصت له برامج  ولقاءات خصوصا بجل القنوات الفرنسية  ، وعليه برهنت القنوات المغربية الرسمية بانها تعيش خارج  قرن المعرفة والاعلام  معتقدة انها بأمكانها لعب دور الرقابة على المعلومة جاهلة او متجاهلة  ان الثورة التكنولوجية اصبحت تقدم المعلومة في حينها مهما كانت قوة رقابة الدولة عليها.

 4-القنوات المغربية وازمة تواصل الازمات: أكدت أحداث باريز إرهابية ضعف القنوات الوطنية وتخلفها البين في امتلاك ثقافة تواصل تدبير الازمات  في وقت انتشرتوتكاثرت فيه الأزمات بمختلف أنواعها وأشكالها وفي مختلف مناطق العالم خصوصا بعد اتساع رقعة العمليات الإرهابية لداعش .وكان طبيعيا ان تمارس  القنوات الدولية الكبرى في زمن هاته الأزمات  الكثير  من  التعتيم والتضليل والتشويه للاسلام  وللمسلمين وللمهاجرين العرب المتواجدين بالغرب لتوجيه الرأي العام وصناعته 

وامام غياب إستراتيجيةإعلامية بوسائل الإعلام البصرية  المغربية  وتوفر موارد بشرية مؤهلة في تواصل تدبير الأزمات عبر  إعداد برامج تحليلية ومواكبات وتغطية حية  جذابة  داخ المشاهد المغربي  حول ما تقدمه القنوات الغربية  حول علاقات الإسلام  والمغاربة وداعش وحول الإرهاب الذي ضرب فرنسا خصوصا  في وقت فقدت فيه  بعض القنوات الفرنسية  معايير  الحياد والموضوعية والأخلاق في تغطيةأحداث باريز الارهابية  مما شجع  زعيمة  الحزب الفرنسي المتطرف وبعض الحركات والجمعيات الصهيونية  مطالبة الرئيس الفرنسي  بإغلاق  الحدود الاوربية امام المغاربيين والعرب والمسلمين، بل المطالبة  بطرد  المهاجرين  المسلمين القاطنين باروبا  وهدم كل المساجد وطرد ائمتها.ومن المؤسف ان قنواتنا لم تستفد من   احداث 11 شتنبر  التي هزت الولايات المتحدة الأمريكية  والتي حولت وسائل الإعلام- خصوصا البصرية منها-  في زمن الأزمات  والعمليات الإرهابيةإلى آلات مدمرة للفكر وللانسان عبر غسل دماغه بافكار مغلوطة ، وهذا ما قامت بع  بعض  القنوات الفرنسية اثناء وبعد العمليات الإرهابية التي هزت باريز حيث استغلتها القوى المعادية للاسلام والعرب والصهيونية العالمية لتشويه العالم العربي والإسلامي بكونه هو سبب شقاء الإنسانية.وأمام  هجمات القنوات الفرنسية على الاسلام والمسلمين والمغاربيين ، اصبح الإعلام البصري المغربي-اليوم- مطالب بأن يتعامل بمهنية مع الأزمات  في بعدها الوطني والإقليمي والدولي  مستثمرا في  في ذلك آليات تواصل الازمات  بموارد بشرية مؤهلة في المجال، لأنه لم يعد  مقبولا بان تتعامل قنواتنا البصرية مع الأزمات كأخبار  بل كأحداث تفعل في الإنسان والجغرافية والتاريخ  لان الممارسة  الإعلامية  في زمن الأزمات تصبح  جزء لا يتجزأ من الحرب نفسها حتى داخل الدول الديمقراطية ، لانه امام اتساع رقع الأزمات والإرهاب كما برهنت على ذلك أحداث باريز وتونس وتركيا ومصر وإيقاف الأمن المغربي عدة منظمات إرهابية كانت  تستهدف المغرب  فان إعلامنا الوطني عموما والبصري خصوصا  يتعرض لتحديات كبرى  في كيفية تدبير اتصالالأزمات والعمليات الإرهابية.

لذلك أعتقد أن الاعلام البصري  في حاجة ماسة للاستثمار اكثر في  الاتصال السياسي واتصال الازمات لجعل الشاهد المغربي يتابع الأحداث الوطنية والتقليمية والدولية من خلال قنواتنا الوطنية وليس من خلال قنوات أجنبية بهدف حماية المشاهد المغربي من أشكال الدعايات والتضليل التي تمارسها القنوات الأجنبية حول قضايا حساسة تتعلق بالإسلام  وبقيم المسلمين، ان المغرب الإعلامي في حاجة لإستراتيجية أمنية  تحترم مبادئي دمقرطة الخبر والمعلومة  والحق في  الوصول اليهما  خصوصا  في زمن الأزمات وزمن الإرهاب الذي عوض ان يصبح فيه الإعلام عاملا للحد منهما اصبح تحت ضغط المؤسسات الاقتصادية  والعسكرية الكبرى والسلط السياسية شريكا فيهما ، الامر الذي  اصبح يفرض على صناع القرار بالمغرب تحديد استراتيجية أمنية اعلاميةتستجيب لمتطلبات الأمن الوطني  فى زمن  اتسعت فيه دائرة الإرهاب.

 
مجموع المشاهدات: 997 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة