الرئيسية | أقلام حرة | مستقبل الإسلاميين بالوطن العربي

مستقبل الإسلاميين بالوطن العربي

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
مستقبل الإسلاميين بالوطن العربي
 

 

مرت خمس سنوات على اندلاع ثورات ما سمي بـ(الربيع العربي ، التي من تداعياتها وصول الإسلاميين إلى الحكم في كل من مصر ، و تونس ، والمغرب ، ومشاركة الإخوان المسلمين بليبيا ، وسوريا ، واليمن في الصراعات ،والحروب الأهلية التي مازالت قائمة إلى يومنا هذا .

في خضم الخمس سنوات تلك ، جرت مياه كثيرة تحت جسر الحكم ،والسياسة بالوطن العربي ، وبات إشكال حاضر ومستقبل الإسلام السياسي ،و الحركات الإسلامية مطروحا اليوم بشدة .

ولاستقراء واقع ، ومستقبل التنظيمات الإسلامية بالوطن العربي. لابد من تفكيك المصطلحات والمفاهيم  التعميمية والشمولية  ( الإسلام السياسي / الإسلاميين / الحركة الإسلامية ) ، وبناءا على الأدبيات والمشاريع المجتمعية ، والإيديولوجية والتمظهرات الدينية ، فان الحركة الإسلامية بالوطن العربي تنقسم إلى ثلاثة تنظيمات أساسية .

أولا حركات إسلامية ذات الفكر ،والمرجعية الإسلامية الاخوانية ،والتي تتمثل في الحركة (الأم( بمصر ، والتي ارتكبت أخطاء سياسية قاتلة بعد وصولها للحكم وقبولها بتحمل مسؤولية تغيير ارث سياسي ثقيل ينضح بالفساد والاستبداد ، والتخلف السياسي والمجتمعي ، فكان فشلها مسالة حتمية ، لان عقودا من الانحطاط الاجتماعي والحضاري العام لا يمكن معالجتها بالانفراد بالحكم ، أو بالجلوس على الكراسي والتسرع والتردد في اتخاذ القرارات لا يمكن معالجتها دون شراكات داخلية وخارجية.

ولقد أخطئت الجماعة حين أبدت رغبة واضحة في السيطرة على الحكم ،وحين لم تتفاعل مع الأحداث والتحولات الإقليمية ببرغماتية الفاعل السياسي الوطني ، أي أن الوازع الإيديولوجي - مشروع الخلافة - كان طاغيا ومتحكما في علاقة الجماعة مع محيطها الداخلي والخارجي ،  فكُشفت النوايا والأسرار مما خلق مستنقعا سياسيا ترعرعت فيه حركة تمرد ، التي  جعلها العسكر مجرد جسر للمرور إلى ضفة السلطة والحكم.

تعيش الجماعة اليوم مأزقا معقدا لا يختلف عن الوضع الذي يعيشه نظام الديكتاتور الجديد ،الذي من المتوقع آن تعرف في عهده أم الدنيا (تقدما) نحو العصر الحجري أو الطباشيري ، وهذا النكوص العام سيفرض على الجماعة اختيارين لا ثالث لهما

الاختيار الأول إذا ما نجحت المفاوضات السرية ، والمبادرات السياسية التي يعرضها النظام حاليا على قيادي الجماعة في السجون ، والتي من أهم بنودها تخلي الجماعة عن المطالبة باسترجاع الكرسي الضائع ، وقبولها بالتعامل مع الوضع القائم ، حتما ستعود الجماعة إلى المشهد السياسي بشكل تدريجي وبتنظيم مخالف لما كانت عليه في عهد مبارك ...

الاختيار الثاني  استمرار وجود بعض قيادات الجماعة بالسجون ، وآخرون مطاردون خارج مصر ، قد يؤدي إلى  تفكك الجماعة ،  والتحاق أعضاءها بالتنظيمات الإرهابية  ثم استقالة أعضاء آخرين من العمل الدعوي ، وانخراطهم في تنظيمات وأحزاب سياسية معارضة للنظام ،وهذا ينطبق على باقي الحركات الاخوانية بالمشرق في تفاعلاتها السلبية والايجابية مع أحداث الشرق الأوسط . عكس الحركات الاخوانية بالمغرب العربي لان واقعها يختلف عن واقع الحركة الأم ، ولكونها استطاعت أن تتعامل مع التحديات الداخلية والخارجية بمنطق رابح رابح حققت من خلاله مكاسب سياسية )حركة النهضة بتونس وحزب العدالة والتنمية بالمغرب .)

ثانيا الحركة السلفية من المؤكد أن الحركات الإسلامية السلفية بالوطن العربي تختلف عن الاخوانية،  ويصل هذا الاختلاف إلى حد التناقض من الناحية الدينية والسياسية. كما تختلف هذه الجماعات في ما بينها بسبب قضايا فقهية تؤدي في كثير من الأحيان بشيوخها وأعضاءها إلى تكفير بعضهم بعضا. وبهذا الخصوص أرى أن المراجعات الفكرية التي قدمها مجموعة من الشيوخ السلفيين في المغرب والأردن ومصر تبقى مجرد نقطة في واد ،  لأنها لم تحدث أي تغيير على المستوى الفكري بين  القواعد والفئات السلفية الشابة المتأثرة بفكر ( داعش ( و(القاعدة) ، و هنا يعم الصورة سواد قاتم حاضرا ومستقبلا،  لان الكل ينظر إليهما بعيون الماضي .

ثالثا تنظيمات إسلامية (شاذة(،  كالمليشيات الشيعية بالوطن العربي،  وجماعة العدل والإحسان بالمغرب،  وجماعة عبد الله كولن بتركيا ، والجماعة الاحمدية ...

 و قد يظن البعض أن هذه التنظيمات تختلف في ما بينها،  وهذا طرح خاطئ فالمشترك هنا هو البعد العقائدي الإيديولوجي،  والهدف المقدس،  ثم الاعتماد على  تنظير فكري فردي ،  و هذا التمظهر  ينهل من المفاهيم الصوفية الشيعية و الزرادشية،  التي جعلت الإمامة والولاية والخلافة عقيدة. كما تعيش جل هذه التنظيمات تضخما على مستوى الأنا الأعلى،  و ترى قياداتها أنها اكبر من مجرد تنظيم سياسي بل (بدائل( للواقع الديني والسياسي رغم أن واقعهم وتصوراتهم لا تحيل على المستقبل أصلا . و في الدين الشاذ لا حكم له،  ولا مستقبل له في السياسة ولا اثر له في التاريخ .  

 
مجموع المشاهدات: 1231 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة