الرئيسية | أقلام حرة | أزمة البطالة بالمغرب وصراع بمفاهيم عاطل ومعطل

أزمة البطالة بالمغرب وصراع بمفاهيم عاطل ومعطل

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
أزمة البطالة بالمغرب وصراع بمفاهيم عاطل ومعطل
 

 

       يواجه العالم بأسر مشكل البطالة، سواء بلدانه الرأسمالية الاقتصادية،  أو الفقيرة الهشة  إلا أن نسبة تواجدها تختلف من قارة لأخرى ومن دولة لنظيرتها، وما بين المجال القروي والحضري في نفس البلد، ويعتبر المغرب من ابرز البلدان العربية الإسلامية والإفريقية التي باتت تعيش في خندق الفقر والجوع والعار، نتيجة مجموعة من المشاكل وقد يكون أهمها المشكل الاقتصادي باعتباره المعيق الرسمي للتنمية،  وعلاجه هو علاج لجل المشاكل الأخرى ( الاجتماعية والثقافية والصحية...)، لكن بعد هفوة وخطأ تخطيطي للدولة تولد عنهما وباء يحمل عنوان البطالة، انتقل من وباء ليصبح آفة اجتماعية انتشرت في جميع أرجاء البلاد،  فالمقصود بالبطالة من طرف البعض هو عدم وجود فرص عمل مشروعة لمن توافرت له القدرة على العمل والرغبة فيه. ويمكن أن تكون البطالة كاملة أو جزئية كما قد تتخذ أشكالا متنوعا منها السافرة والمقنعة والاختيارية، ويبق الاختلاف سائدا في التعريف باختلاف زوايا ومنظور كل باحث ومفكر...

    وقد اتفق مع تعريف البطالة  بعدم وجود فرص عمل مشروعة لمن توافرت له القدرة على العمل سواء العقلية أو الجسدية أو التربوية  مع رغبة جامحة  للعمل. 

      لكن و  لتبقى  البطالة مرتبطة اشد الارتباط بنظام السوق وهيكلته وحجمه وعلى مدى فعالية رجال الأعمال والدولة ممثلة في سياساتها على البطالة والتقليل من أثرها في الوقت المناسب، ولذلك فإن الدولة الحرة والهادفة إلى تحسين حال وأحوال مجتمعها هي تلك  التي تسعى جاهدة إلى النهوض بالقطاع التنموي من خلال فحص وتوجيه اقتصادها، وبالتالي تحقيق التنمية الاجتماعية التي تأتي دائما وراء التنمية الاقتصادية المحضة، كلها عوامل ينتج عنها العيش الكريم لأبناء شعبها ومكونات مجتمعها، وذلك عن طريق توفير فرص الشغل وتشغيل جل المعطلين، حاملي الشواهد وكل من يتوفر عن كفاءة تؤول إلى تقديم خدمة لهذا الشعب الفقير.

       فكلما وجب على الدولة والحكومة كتمثيلية ورئيسها كقائد ومسؤول السعي والبحث عن حلول ناجعة لمشكل البطالة،  من خلال قرارات حاسمة وجادة التي تستنبطها من سياساتها العمومية ومخططاتها التنموية الوطنية، وذلك لتوسيع نطاق عملها وتستثمر جهودها لترجع على أبناء الشعب بالنفع  الصالح و العام.  إلا أنها سارت  تفاجئ الجميع الكبير ولا الصغير، الواعي ولا الجاهل، الحاصل وغير الحاصل بقرارات لا تبت بالخير لأبناء شعبها العزيز، مما يؤدي إلى تنافر بين ثلة  من الشباب المعطل والدولة ونتج عن ذلك مجموعات من الصراعات بعضها مادي ملموس كالقمع المباشر من طرف آليات الدولة والأخر معنوي غير ظاهر،  لكن يبقى خفيا وله سلبيات ونتائج أكثر من الظاهر ومن بينه الصراع ألمفاهيمي، ويتجلى في مفهومين أساسيين وقد يبدوا من خلال الأحرف أن لهما نفس المعنى لكن لكل منهما دلالة خاصة وطرح مضاد.

ترى ما المفاهيم التي تتشابه في الأحرف وتختلف في المعنى؟

     هما مفهومي العَاطل والمُعطل، قد يبرز ويتصور لنا وقد تموهنا مخيلتنا  مند البداية بعدم وجود فرق بين هذين المفهومين وأن استعمالهم في أي خطاب معلن، أو أي شعار يستعملان فيه استعمالا عفويا، لا ولم يستعملا هكذا، بل  لكل من كلا المصطلحين معنا  خاص وحمولة تروج لهدف محدد، فما هو إذن مفهوم العَاطل أو المُعطل؟ 

     قد يعتقد الكثير بعدم وجود فرق بينهما، لكن الفرق لم يعرفه إلا مستعمليهما، بالرغم من التعريف الذي يتفقه عليه  الكثير من المفكرين والباحثين في الحقل الاجتماعي والمعرفي واللغوي باعتبارهم أن العاطل هو المعطل ولا فرق بينهما، وهو بالتالي ذاك الإنسان القادر على العمل والراغب فيه والباحث عنه، لكن لا وجود للمبحوث عنه ( العمل).

    في حين تم شرحه في القموس العربي هكذا عَطِلَ عَطَلاً ، وعُطْلاً ، وعُطُولا ، فهي عاطلٌ والجمع  عواطلُ ، وعُطْلٌ ، والمفعول معطول عنه،  عطِل الشَّخصُ،  بطَل،  بقي بلا عمل وهو قادِرٌ عليه، كما تم شرحه وتعريفه من طرف منظمة العمل الدولية  حيث عرفت العاطل بأنه ( كل من هو قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى). بنفس الشيء يتم تعريفه في الاقتصاد السياسي التقليدي أن العاطل هو الشخص الذي يبحث عن عمل ولم يجده مع الرغبة فيه، وبعد هذه التعاريف البسيطة التي يغلب عليها مفهوم العاطل ويغيب عنها مفهوم المعطل والذي لم يتم تعريفه وشرحه كثيرا من طرف المهتمين بالشأن الاجتماعي عامة ومشكل البطالة بشكل خاص، كلها أسباب جعلتنا  نبحث عن الفرق بينهما، إذن  ما الفرق بينهما ؟ ومن يستعملهما ؟

         يستعمل مفهوم "العاطل" من طرف الفئة الحاكمة أو الدولة كتنظيم من أجل التصدي والرد عن مطالب أبناء الشعب، بأنهم عاطلين عن العمل برغبة منهم،  بمعنى أن العمل موجود إلا أن الرغبة في العمل غائبة،  ولا يرغبون في العمل  وذلك واضح من خلال ملاحظتنا ومتابعتنا لقضايا الشباب المغربي عن طريق الملاحظة المباشرة أو المشاهدة التلفزية التي تنعت فيه الدولة الشباب المعطل بشباب عطل نفسه بنفسه. ( إذن  صنع هذا المفهوم من طرف الدولة للدفاع عن نفسها). 

       أما مفهوم "المعطل" الذي نتج من فعل عطل يعطل تعطيلا،  أي عطل الشيء بعد أن كان  يعمل وصالح ونشيط،   لكن بعد دخول هذا الفعل عليه جعله معطلا وغير صالح للعمل، ولنسقط هذا المثال على إنسان كفئ وقادر عن العمل وحاصل على شواهد عليا لكنه معطل، من عطله إذن؟  الكثير من المعطلين يردون ويعتبرون بان الدولة هي التي قامت بتعطيلهم وهذا ظاهر من خلال الشعارت التي تتخذها بعض الهيئات والجمعيات المدافعة عن الشباب المعطل في المغرب ( تنسيقية حاملي الشواهد العليا، جمعية المعطلين، جمعية حقوق الإنسان...) .

 ( إذن هذا المفهوم صنع من طرف حاملي الشواهد للضغط عن الدولة). 

        بات واضحا أن الدولة تجر الحبل دائما لجهتها قصد استنكار أو نكر وعدم الاعتراف بحقوق أبناء شعبها، وأمة ترابها، وذلك في مجموعة من المواقف الغير الرجولية وللا مسؤولة، جعلت شبابها يفقدون مواطنتهم شيئا في شيئا في اتجاه إعلانها مباشرة من خلال مظاهرات رسمية واقعية، بعد أن أعلنوها بشكل غير مباشر أثناء منح أجسادهم لقرش المحيط رغبة في الوصول لبلاد الرفاهية والديمقراطية الفعلية، بلاد روسو ومونتيسكيو بلاد الحضارة والثقافة والحقوق... " فاللهم غبار العمل و لا زعفران البطالة ".

   

 
مجموع المشاهدات: 3057 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (2 تعليق)

1 | ياسين
صحيح
نعم ما قلته صحيح في بعض الاحيان الدولة تريد التهرب من دورها ... وتسعمل عبر اعلامها العمومي بعض المفاهيم الخداعة
مقبول مرفوض
0
2016/02/14 - 01:42
2 | fati
البطالة معظلة كبرى
لا يمكن الحسم في مشكل البطالة لأنها بمثابة مرض متجدر وعلاجه ينطلب عقود وقرون...
مقبول مرفوض
0
2016/02/14 - 03:08
المجموع: 2 | عرض: 1 - 2

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة