الرئيسية | أقلام حرة | الدولة الوليمة ووليمة الدولة

الدولة الوليمة ووليمة الدولة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الدولة الوليمة ووليمة الدولة
 

 

تعتبر الدولة إحدى أهم و أكبر الولائم الحديثة سواء من حيث المحاكاة و التطرف الخطابي أو من حيث الغطرسة والتطرف السياسي الواقعي باسم الأولى ، أو أن لها ولائم هي الأخرى والتي تتنوع بين من شعب و دول حسب مقدرتها الاقتصادية و السياسية .

فقبل الحديث عن ذلك لنقف أولا عند مفهوم الدولة كتصرف جماعي و السياسة كعلم تدبير شؤون هذه الجماعة لأن العلاقة قائمة و أطرافهما متشابكة .

لأن الدولة تقوم على أساس علاقات متبادلة و لا يمكن أن تقوم بدون المؤسسات السياسية والقانونية والعسكرية والإدارية والاقتصادية … فوظيفتها تسيير حياة الفرد والمجتمع وضمان اشتغاله و إنشغاله بشكل منسجم، وهذا يعني أن ضرورة وجود الدولة يوحي بأن المجتمع غير قادر على تنظيم نفسه وضمان استمرار الرابطة الاجتماعية، والدولة بما لها من أجهزة لتدبير الشأن العام للمجتمع، هي مالكة السلطة أو السلط في المجتمع، في مختلف الميادين.

أما السياسة فهي السعي نحو السلطة وممارستها بشكل عمومي داخل الدولة، على إعتبار أن السياسة هي علم تدبير شؤون المجتمع و عليها يتوقف نشر وتثبيت القانون بواسطة قوة عمومية. 

و بذلك فهي ممارسة عملية وتقنية وواقعية تعني مجموعة من الوسائل والإجراءات الموجهة لامتلاك السلطة والمحافظة عليها .

لنرجع بكم إلى ما أردت أن أوصله من خلال هذه الأسطر في موضوع الدولة الوليمة أو وليمة الدولة ، لأطرح سؤال مركزي حول متى وكيف تكون الدولة وليمة و كيف تتخد الدولة ولائم لها ؟

لنوضح الأمر بالتدرج و في النقاط التالية :

نبدأ بالدولة كوليمة و التي سأقف فيها عند نقطتين أساسيتين و هما :

  الدولة كوليمة لرجال السلطة : و هو الأمر المتعلق بالتنافر الذي من الممكن أن نجده بين أعضاء الحكومة و بين الأخيرة و المعارضة و بين بعض الأحزاب و النظام ككل .

فكما يقول المثل أن الدولة تم اختراعها لمن ليس لهم حاجة و وجود القوانين الكثيرة تكون في حالة إذا ما كانت فاسدة جدا . لأن الحكومة لم تكن ولم تعد تنشأ عن انسجام سياسي بين أطرافها حتى لو كانوا في موقع سياسي خارجي واحد ، بل الأمر متوقف على مصالح متعددة تلتقي في المنبع و هو الدولة كوليمة لهم و هو المبدأ السائد إلا أن الاستثناء حاضر في بعض الدول .

  الدولة كوليمة لفئة مختارة من الشعب : والتي غالبا ما يصطلح عليها بالدارجة العامية "باك صاحبي " وغيرها ... إلا أن إمعان النظر سيحليك على العلاقة القائمة بين هذه الفئة ورجال السلطة ، ليعتبروا بمثابة رجال سلط خفية تساهم في التسيير و إتخاد القرار بشكل غير مباشر و بالتالي تكون الدولة وليمة لهم في الخفاء .

أما الحديث عن ولائم الدولة فهي الأخرى تدفعنا للتطرق لفكرتين أساسيتين و هما :

  ولائم الدولة داخليا : فالمقصود بداخليا هو ما يوجد داخل رقعتها الترابية ، والتي غالبا ما تتنوع بين الشعب و الشركات وغيرها .. إلا أن الواقع الغالب في الأمر هو الشعب .

لأنها تتخذه كوليمة لامتصاص الأموال عن طريق الضرائب و نزع الملكية بتعويض لا يرقى لمصاف المساواة في عالم الأثمان . وقد يصل الأمر إلى طلب الهبات من الدول الأخرى سواءا به أو عن طريقه .

  ولائم الدولة خارجيا : و المقصود بذلك تلك الدول الأقل قوة على مستوى السيادة و العلاقات الدولية ، ففي إطار هذه العلاقات دائما ما تجد منطق الدولة الأقوى و الأضعف وذات المستوى المتوسط .

وموازين القوة هاته تختلق أو تسبب في أن الدولة الأضعف تكون وليمة للأقوى ، و يستمر الأمر بالتراتبية في الولائم إلى أن يصبح الأمر كما ولو كنا أمام سلسلة غدائية من عالم سياسي و إقتصادي يحكمه منطق السيطرة للأقوى .

ولعل القول بأن الدولة يجب أن تكون ضامنة وليست مسيرة قول له قيمة و رؤية متبصرة ، لأن الشعب و المواطن لم يعدوا أن كون مجرد "كائن" كـ "ذبابة" يأكل من  "جيف" فمنه من يموت ومنه من يتداوى و الآخر بين الاثنين قابع .

إلا أن الإشارة واجبة على أن الصورة ليست قاتمة السواد ، إلا أن الإشكالات موجودة وعويصة أيضا . لذلك وجب العمل على فرزها و تحليلها بعين بناءة وقادرة على ابتداع أو استقاء أفضل و أنجع الحلول التي قد تعالج أو تكشف الداء في إنتظار تشخيص الدواء .

أما خلاصة القول فتفرض أن نشير إلا ضرورة التمييز بين الدولة والحكومة لأن الأولى كمفهوم هو أكثر اتساعا من مفهوم الحكومة، حيث أن الدولة تمثل جميع المؤسسات حتى لو لم تكن حكومية، وتستوعب جميع الناس فيها كمواطنين ورجال السلطة الدونية .

على أن نختم الحديث بالتساؤل حول  الوليمة الأقوم وطريقة تقويم هذه الولائم بكل أنواعها لتنبثق دولة أضخم و أقوى في شتى المجالات و أن لا تكون بالدولة الغبية .

 
مجموع المشاهدات: 1205 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة