الرئيسية | أقلام حرة | الجمعيات المغربية بالمهجر: التحديات والآفاق

الجمعيات المغربية بالمهجر: التحديات والآفاق

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الجمعيات المغربية بالمهجر: التحديات والآفاق
 

 

كانت زيارتي لمدينة برشلونة الإسبانية في الآونة الأخيرة فرصة جيدة للوقوف على حجم المشاكل والمعيقات التي تعترض الجاليات العربية المسلمة بصفة عامة، والمغربية بصفة خاصة ،في بلاد المهجر . فما الحملات الشرسة التي شنها الغرب المسيحي على كل الأجناس العربية باسم محاربة الإرهاب، والتي وصلت إلى حد المطاردات الهوليودية بين الأزقة ،وحتى بداخل قنوات الصرف الصحي بحثا عن المشتبه بهم في قضايا إرهابية، إلا دليل على تردي أوضاع الجاليات المسلمة ببلاد العام سام من الناحية الأمنية ، ناهيك عن الاضطهاد الاقتصادي والاجتماعي ،الذي يطالها بفعل الأزمة الاقتصادية التي اختلقها الأوربيون قصد ترحيل أكبر عدد ممكن من الجاليات من فوق ترابهم، وأمام هذا الوضع الحالك الذي أصبحت تعيشه كل الجاليات،ولاسيما المغربية ،نجد بالمقابل بروز دور جمعيات مغربية تنشط على الأراضي الإسبانية وخصوصا ببرشلونة،تحاول كُلٌّ من موقعها واهتماماتها مد يد العون لكل فرد من أفراد الجالية المغربية، لمساعدتهم على الاندماج، وفي نفس الوقت حرصهم الشديد على تلقين أبناء المغاربة الثقافة المغربية والحفاظ على الهوية الإسلامية، فهناك العديد من المشاريع والبرامج الهادفة تعمل على انتشال أبناء المغاربة من الضياع والإقصاء، كما تساهم في نشر ثقافة التسامح، إلا أن معظم هذه المشاريع لا تلقى ترحيبا وتشجيعا ودعما ماديا ومعنويا من طرف السلطات المغربية، التي عليها أن تدعم مثل هذه المبادرات بكل الوسائل المتاحة سواء اللوجيسية  أو المادية ، لأنها في آخر المطاف ستكون هي الرابح الأكبر من عملية التأطير التي تشرف عليها هذه الجمعيات، كإعطاء صورة حضارية عن المغرب والمغاربة ، الابتعاد عن التشدد والتطرف ، خلق جيل من المغاربة خاضع لتكوين علمي رصين يؤهلهم  للوصول إلى مناصب مهنية مهمة في البلد المحتضن تُشرِّف المغرب والمغاربة قاطبة، ولم لا تمثيل الوطن الأم في المحافل الدولية كذلك ، فهذه الخدمات التي تسعى كل الجمعيات المغربية التي تنشط في الديار الاسبانية  توفيرها و أجرأتها على أرض الواقع ، تستدعي منا وقفة تضامنية و دعما لا مشروطا لهذه الجمعيات بغية المساهمة في تلميع صورة الجالية المغربية في المهجر ، فمن خلال لقائي ببعض ممثلي هذه الجمعيات ببرشلونة والاضطلاع على بعض من أهدافها، اتضح لي أن اليد الواحدة لا تصفق، فرغم المنحة البسيطة التي تمنحها السلطات  الإسبانية للمؤسسات الجمعوية المغربية، إلا أنها تبقى غير كافية لتأطير التلاميذ وأولياء أمورهم  تربويا وتنشيطيا  ، لهذا نحن نناشد السلطات المغربية بما فيها القنصليات أن تخصص إمكانات مادية محترمة تساعد وتشجع في نفس الوقت ممثلي هذه الجمعيات على بذل مجهود أكبر لتأطير أكبر عدد ممكن من المنخرطين ، كما يجب تزويد هذه الجمعيات بأطر أكفاء في مختلف التخصصات، ولا سيما على مستوى التأطير الديني، ومن هذا المنبر ندعو المؤسسات الدينية، وخصوصا الفقهاء والعلماء وكذلك أئمة المساجد، أن ينخرطوا جميعا في صياغة مواضيع ونصوص دينية تحفز المتعلمين أو المستفيدين على التشبث بتعاليم الدين الإسلامي دون الخوض في أمور جانبية تربك حسابات أبناء الجالية المغربية، وتسقطهم في المحظور، وذلك بفهمهم للدين الإسلامي فهما خاطئا، كما على وزارة التربية الوطنية أن تساهم هي الأخرى  في تزويد المؤسسات الجمعوية والتعليمية بمقررات تربوية تساهم في تمكين أبناء المغاربة من اللغة الأم ، اللغة العربية، و تساعدهم كذلك على التعريف بتاريخ المغرب وحضارته وثقافاته ، كما يجب إخضاع المؤطرين لدورات تكوينية مستمرة تساعدهم على صقل مواهبهم ،والتمكن من آليات تلقين المعارف وأساليب التنشيط . فعلى ذكر الدعم المادي يجب أن يكون هناك عدل ومصداقية في توزيع الثروة على الجميع ، كما لا يجب المتاجرة بمشاريع الجمعيات التي تكون الأكثر نشاطا ،أو إقبارها حتى لا تسلط عليها الأضواء من طرف هيآة وأشخاص يطاردون نجاحات الآخرين أينما حلوا وارتحلوا .وخلاصة القول نحن نثمن مجهودات كل الفعاليات ،سواء جمعوية أو حقوقية  ، تعمل على نشر الثقافة المغربية ببلاد المهجر ، وتكوين مواطن صالح قادر أن يتقبل ثقافة الآخر وأن يتعايش معها دون أن يفقد أو يتنازل عن هويته ومرجعيته الدينية السمحة.

مجموع المشاهدات: 1190 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة