الرئيسية | أقلام حرة | جاء برلمان .... ذهب برلمان

جاء برلمان .... ذهب برلمان

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
جاء برلمان .... ذهب برلمان
 

 

    توالت البرلمانات في الحياة السياسية البرلمانية المغربية ، إذ ذهب برلمان وجاء برلمان ،و يا كم من تشكيلات برلمانية مرت علينا وداست انتظارا تنا ودهست أحلامنا وقضت على كل آمالنا وآمال أبنائنا ، دامت أكثر من 50 سنة  وظل المواطن ومازال كما كان ، فمنذ التجربة البرلمانية الأولى لسنة 1963الى الآن كنا وما زلنا تحت قصف الخطابات ودوي الكلمات عبر أبواق الإذاعة والتلفزيون المغربي في نقل مباشر لقاعة الجلسات العامة المكيفة ذات الكراسي المريحة المغطاة بثوب متناسق الألوان مع قاعة نصف دائرية من تصميم يوحي بأن ممثلي الشعب هم فعلا متحلقون حول الشأن العام للمواطنين- كما لو كنا في ديموقراطية يونانية أو اسكندينافيا - هذا يعد بمغرب خال من المديونية وآخر يعد باستئصال الفقر بالمرة من التراب والوطني وآخر ثاني يحلف باليمين الغليظة بأن يقضي نهائيا عن البطالة ويحدث مناصب الشغل بل سيتم طلب اليد العاملة من الخارج ؟ وذلك سوف يقطع دابر الفساد من جذوره ،إلآ أن التماسيح والعفاريت حالت دون ذلك بالرغم من عفا الله عما سلف ، عم الفساد البر والبحر .  

عجيب منطق برلمانينا ، أغلبية ومعارضة على السواء  ، لديهم خيال سياسي واسع لدرجة أنه يمكن وصفه بالخيال العلمي وافلامه ، فالواقعية غائبة والصدق منتفي والأمانة منعدمة ، كل ما هناك هو كلام وكلام مرصوص البنيان كتب من قبل محترفين في الخرجات والتنميق والتزويق وقرء من قبل من يتهجى الحرف ويستعصي عليه نطقه كما لو كان سيقوم بقضاء حاجته وهو في حالة انقباض.

 برلمان مغربي تراكمت له السنوات في الأقدمية ولم يراكم تجارب سياسية تسير به الى فكر سياسي برلماني يعكس المستوى السياسي للمواطن ويرقى به بين الشعوب المتقدمة ، برلمان مغربي له من السلبيات أكثر من الإيجابيات ، برلمان لا يمثل الشعب في كل الجوانب ينطق بكلام غير مفهوم بالرغم من التدريج والتلهيج كلام غير سياسي ولا لون له مجرد ضجيج  يملآ الفراغ الذي تتسم به الساحة السياسية التي اكتظت بمن هب ودب ليمارس السياسة بلا علم ولا دراية ، من قال أنهم جاؤوا لممارسة السياسة ؟ بل هم جاؤوا لغرض واحد هو التصفيق والتطبيل للسياسة الحكومية ، وقبض المقابل من سفريات للخارج وتغطية صحية وتقاعد مريح وممرات للوصول للمنافع المادية لهم ولأبنائهم وعائلاتهم ، وفي نهاية الحوصلة العامة صفر إنجازات والحوصلة الخاصة أصفار عديدة بعد الفاصلة في الحسابات البنكية باسمهم وأسماء العائلة ولا من يراقب ولا من يحاسب من أين جاء كل ذلك ؟                                 إن مكونات البرلمان المغربي المختلفة تشكل وحدة واحدة في المنهج والسلوك كأنه خرج من معمل واحد ، أنه بالفعل كذلك، فالأحزاب المغربية عبارة عن تفريخ لهيئات تفصل وفق أهداف النظام السياسي. فالمهندس السياسي له تصاميم تسير وفق خطط ومنهجية ولها أفاق مستقبلية يتحرك في المساحة السياسية حسب ما يلبي حاجياته واستقراره.

 فالتاريخ السياسي البرلماني والحزبي على السواء في تكرار مثير ، فالأغلبية البرلمانية لا تحيد عن مكونات معروف عنها أنها تقبل الإملاء السياسي عليها وتجيد تلك العملية بل وتتقنه فهي تشكيلات مفبركة في كل تفاصيلها من المؤتمرات التحضيرية الى التأسيس وانتخاب زعمائها الى كيفية اتخاذ قراراتها والتعبير عن مواقفها بل وصياغتها  فمن حزب الاستقلال الى حزب جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية الى الحركات الشعبية  منها الاجتماعية والاتحادية  الديموقراطية والدستورية الى الاتحادات الاشتراكية المنهجية منها والموحدة والمنظمة وغيرها من المسميات الى حزب التجمع الوطني للأحرار الى الحزب الديموقراطي والى الحركة الدستورية والعدالة والتنمية ثم حزب الأصالة والمعاصرة ومازالت جعبة المهندس السياسي في المغرب حبلى بالكثير من هذه النماذج الحزبية التي تملآ الساحة السياسية بالغوغائية وتحجب الحقائق الاجتماعية والاقتصادية لتأتي يمنطق آخر غير منطق الواقع المعاش الذي نكتوي بناره وتنقلب في ضيق شديد بين مطرقة الحياة ومتطلباتها وسندان سياسة لا ترحم الضعيف وأغلبنا ضعفاء

         فالبرلمان المغربي وقع له ما وقع للغراب لما أراد تقليد مشية الحمام أي في سياقنا لما أراد تقليد الديموقراطية الغربية ، فلا هو من هناك ولا هو من هنا ، الديموقراطية تستوجب الشفافية في كل شيء لا نخفي حقائق على الشعب لأن المفروض أن ممثلي الشعب يتقمصون ذوات ذلك الشعب ويحسون بكل جوارحه ما يجري في واقعهم وما يثقل كاهلهم ، غير أن برلمانيي المغرب بسرعة فائقة ينسلخون من جلدتهم كما تفعل الأفعى لما تغير جلدها وتتركه تتقاذفه الرياح ، مثل هذا المشهد هو الذي يجعلنا نرفض هذه التجربة البرلمانية التي دامت طولا ولم تتمخض على شيء،  و لم تفض سوى الى هدر الأموال العامة والضحك على الذقون بديموقراطية شكلية لا هي من هنا ولا هي من هناك .

     فها هو البرلمان منذ القرن الماضي يكرر نفس "الإنتاج" السياسي والتشريعي، كمن وقع على شيك على بياض للحكومات مهما كانت توجهاتها ، بحيث أصبح مؤسسة للتصويت على الغث والسمين لا يفرق بينهما ، لأن الأغلبية البرلمانية سلمت مقاليد وجودها المطلق للحكومة بالرغم من أن هذه الأخيرة  ليست منبثقة منها ، وإلا كيف تفسر وجود وزراء في صفوف تلك الحكومة لا علاقة لهم بتلك الأغلبية التي من المفروض أن تختار وزراءها من ضمن من يصطف في أحزابها ، كما هو منطق الأغلبية في الغرب مخترع ومختبر  الديموقراطية ،أو نكون نحن لنا ديموقراطية من نوع آخر  ؟ 

  من كثرة ما جاء برلمان وذهب برمان لم نعد نبالي من ذهب ومن بقي ،من صار في الأغلبية و من في الأقلية كلهم كما لو كانوا في نفس السلة ، لم تعد للسياسة مذاق ولا طعم ، النقاش البرلماني لا يفيد الطالب الباحث عن مصطلحات ومعادلات وتحليلات سياسية واقتصادية ونظريات في المالية العامة وزوايا جديدة لمنطق التسيير الإداري والمساطر القانونية ، وللم يعد يفيد المواطن الباحث عن قرار يخفف عنه عبئ الحياة اليومية بخلق مناصب للشغل وفتح أوراش اقتصادية وفتح آفاق للشباب في التكوين والإبداع بسن قوانين تشجع البحث العلمي والمخترعين وتراعي ظروف المساكين بخفض الأسعار للمواد الأساسية ، وفتح أبواب المستشفيات للعلاج وليس غلقها بممارسات منفرة للمرضى والأصحاء على السواء، برلماننا المغربي لو حرصنا على تعداد نقاط الضعف فيه لما انتهينا من ذلك لو جئنا بكل الصفحات ، لكن ليكن في عوننا لتقبل مثل هذا البرلمان الذي يقول ما لا يفعل ويمرر مشاريع قوانين تقطع الأرزاق وتزيد في مأساتنا .لكننا ساهمنا في جزء كبير في صناعة هذا الصنم الذي لا يحرك ساكنا وجعلناه يتحدث باسمنا من خلال التصويت عليه ، فلنكن حذرين في المرة القادمة وكل المرات لكي نصوت على من خبرناه في الحياة اليومية ولن تنطلي علينا الوعود والكلام المعسول ، ولتكن للشعب ذاكرة الفيلة حتى لا ننسى يوم 7 شتنبر القادم ونصوت على أبناء الشعب الفعلي 

مجموع المشاهدات: 847 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة