الرئيسية | أقلام حرة | تأملات في شرعية ومعقولية الحملات الانتخابية وتمويلها

تأملات في شرعية ومعقولية الحملات الانتخابية وتمويلها

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
تأملات في شرعية ومعقولية الحملات الانتخابية وتمويلها
 

 

خصصت الدولة لتمويل الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في مطلع شهر أكتوبر 2016 خمسين مليار سنتيم، منها 20 مليارارُصدت لتدعيم الأحزاب وتمكينهم من إقامة وتنظيم حملاتهم الانتخابية!!..

وبالاقتصار على الحديث فقط على المبالغ المخصصة للأحزاب، وبغض النظر عن مصير تلك الأموال هل ستصرف فيما اعتُمدت له أم أنها ستستقر في جيوب وحسابات من يتقنون "توزيع لوزيعة" كما هو معتاد، فإن هذا المبلغ يبقى ضخما وغير مستساغ للشعب المغربي، بالنظر إلى حالة البلد الاقتصادية، خاصة وأن مثل هذه الحملات تتكرر في الانتخابات الجماعية والبرلمانية ولا تفصل بينها مدد طويلة!!..

ولن نتقيد في حديثنا هنا بحدود "الوطن" ما دامت القاعدة فيه هي التآلف بين الإخوة/الأعداء "المتصارعين" المفترسين من أجل سيادة الفساد والإفساد وترسيمهما والتطبيع معهما، وأيضا ما دام المستفيدون من "الرزمة" سيُحاجّون أن المسألة "كونية" فلم الإنكار فقط على هذا البلد الأمين،، وهذا ديدنهم: إذا تحدثتَعن حق حُرم منه هذا الشعب دون الناس أجمعين، أو بشأن امتياز خُول لمسؤول بهذا البلد دون بقية مسؤولي العالمين، حدثوك عن الخصوصية، أما إذا ذكرتَ اتباعا أو تقليدا لا يراعي الخصوصية الحقيقية الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية أو التربوية... رد عليك "أولوا الفهم والتفويض" أنها مسألة عالمية معولمة، وأننا نعيش في قرية صغيرة لا يمكننا الخروج فيها عن نهج "السلف" أو القدوة!!..

لذا فإن التأمل في المسألة يحبَّذ أن يكون من حيث الأساس، أي كأن المسألة وليدة اللحظة كونيا، مع استحضار أن إسقاط "التحليل"على حالتنا يمكن أن يكون مفيدا..

إن من محددات الأحزاب أنها منظمات مدنية، تشتغل في الحقل السياسي بوضع رؤى وبرامج لتسيير الشأن العام وقيادة المجتمعبما تتوفر عليه من هياكل ونخب وقواعد ومتعاطفين متغلغلين في المجتمع،تجمعهم أو تقرب بينهم تلك الرؤى المتطابقة أو المتوافق عليها..لها مبادئ عامة قارة عليها اجتمع أعضاؤها، لا تتغير لديها إلا تكتيكات مرحلية أو إجراءات تقنية قد يفرضها الواقع أو المتغيرات، أما الاستراتيجيات العامة والفكر فهما ثابتان..

وبهذا المعنى تكون كل شروط الاستقلالية متوفرة لديها، وبالتالي فهي مستغنية عن أي دعم كيفما كان نوعه..فهي مؤسسات لا تسعى إلى الربح،يمارس منتسبوها عملا تطوعيا..فلمَ الدعم من أموال شعب غالبيته لا ينتمي إلى أي "حزب"، ولا يؤمن بأي "فكر"، ولا يستهويه أي "برنامج"؟؟!!!..

إن الأحزاب هي كيانات تشرئب لتأطير المجتمع بشكل تطوعي، لذا فالمفترض فيها القدرة المادية والكفاءة الشخصية والكم الكافي والانتشار الواسع والاستعداد للتضحية ما دام الأمر انبراء وبروزا تطوعيا، وما دامت لا تشمل غالبية دافعي الضرائب(عدديا يشكل كل المنتسبين لكل الأحزاب نسبة مهملة من الشعب)..

إن حزبا يحتاج أن يعرّف بهفي كل استحقاق(بعد سنوات أو عقود من التأسيس) ليناقض مفهوم الحزب، وحزب لا يملك الآليات التقنية والبشرية الذاتية لإيصال "برنامجه" لهو أضعف من أن يسيّر شؤون المجتمع، وحزب يعرّف سكان مدشر بمرشحه/مرشحهم لهو "حزب أشباح"!!!..

التساؤل المبدئي عن "مشروعية" الدعم من أموال الشعب يبقى مطروحا أيضا بالنسبة للنقابات القطاعية، حيث يوجد من المواطنين من هم غير عاملين إطلاقا، أو عاملون في قطاعات أخرى، أو غير منخرطين... وأيضا يُطرح بخصوص تمويل الجمعيات المحلية أو المجالية غير التنموية التي لا يستفيد منها الشعب ويمولها: لمَ يمول دافعو الضرائب في الدار البيضاء جمعية "فنية" "ترفه" أبناء حي في السمارة؟؟!!!..

يمكن أن نتفهم تقديم دعم لجمعيات تنموية ما دامت تقدم مشاريع محلية ذات جدوى لسكان منطقة معينة وتحتاج تمويلا يفوق انخراطات ومداخيل تلك الجمعية، لأنها تعتبر حينها رديفا لأجهزة الدولة ومساعدا لها وامتدادا لحقل اشتغالها، وعليه يسوغ تقديم الدعم مع المراقبة والمواكبة والإشراف والرعاية والتعهد، ولكن،ومع هذا، من مالية منطقة نفوذ الجمعية أو تواجدها أو تغطيتها..

 
مجموع المشاهدات: 1234 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة