الرئيسية | أقلام حرة | التشريفات والأوسمة

التشريفات والأوسمة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
التشريفات والأوسمة
 

 

صحيح أن البعض غضب كثيرا من الأوسمة التي تسلمها "الفنانون" المغاربة الشباب دون آخرين ممن يستحقون، وتفاجأ البعض الآخر من الطينة التي تم الإحتفاء بها وتشريفها من طرف الملك، وبالرغم من قبولنا أو رفضنا لذلك، فإن مسألة الغضب غير مطروحة هنا بتاتا لكن ما يجب بالضرورة الوقوف عنده وعدم تجاوزه حتى يتم هضمه والإقتناع به شكلا ومضمونا وهو ما يلي: 

-  أولا: على الشباب المغربي أن يتفهم أمراً في غاية الأهمية وهو ألا يقعد وينتظر وساما أو تشريفا من أي جهة كانت دون أن يكون قد أعطى لهذا البلد ما يرفع من شأنه الإجتماعي والسياسي دوليا أو وطنيا ويزيد من دخله القومي الإقتصادي، أو يدفع عنه خطرا أو يجلب له نفعا، وما دون ذلك فهو العبث.

-  ثانيا: صحيح أن العديد ممن تم توشيحهم لا يعرفهم أحد، بل تعرفهم فقط جهات تروج لهم، وبالتالي ليست لهم في رأينا الأهلية والقيمة الإجتماعية التي توجب تشريفهم ومنحهم تلك الأوسمة، بل وبكل بساطة لم يجلبوا للبلد شيئا يذكر. لكن ربما والله أعلم يمكن أن يفسر هذا الأمر بما تم تفسيره لقضية الإسباني كالفان الذي ربح بطرق مبهمة عفوا ملكيا بعدما عبث كيفما شاء بمؤخرات أطفال مغاربة. 

-  ثالثا: إن الأوسمة التي يمكن للمواطن أن يحرص على تحقيقها في هذا البلد أو خارجه هو وسام العلم أولا وقبل كل شيء، فكلما زادت درجتك في مراتب العلم زادت أوسمتك عالميا، ثم ثانيا وسام التربية والأخلاق فكلما كانت لديك أخلاقا كلما كنت أكثر حضارة وانفتاحا وكلما كانت لك القدرة على الفعل المباشر والتأثير الكبير والعميق في ميادين شتى في محيطك وفي بلدك. 

 - رابعا: وهذا مهم أيضا، لا يجوز للشباب بهذا الغضب أن يتحول نحو الوجهة التي قادت أولئك الشباب نحو الوسام، فينحو نحوهم التفاهة ويقتفي أثرهم عساه يظفر بوسام أو حمالة، لأنهم بكل بساطة ليسوا قدوة بتاتا، ولا يمكنهم أن يكونوا كذلك بدون حمولة علمية ولا تربوية أخلاقية. فتجد الكل يستعد لفعل ما فعلوه ويتبع تلك الموجة وذلك التيار الجارف من الإنحطاط الذي لا تخدم البلد نهائيا.

 - خامسا: لا يمكن للشعوب التي تحترم نفسها، والتي ما تزال تحتفظ داخلها بمعايير العقل والمنطق للحكم على الأشياء، أن تعترف لتافه بشيء مما يعمل، ولا يمكنها أن تُقِرّ بفساده سواء في إذاعته أو في مرقصه أو في سفاهته.. 

الأوسمة يا سادتي حتى ولو أمطرتكم ليست شيئا في حد ذاتها ولا تعطي الإعتراف ولا النجومية لأحد، لأنها لا تزيد للشخص ولا تنقصه شيئا، بقدر ما هي ترويج بشكل احتفالي مهرجاني على أعلى مستوى لعقلية ولثقافة يريدها الحكام والقائمون على تسيير الشأن الوطني في هذا البلد أن تكون قاعدة شعبية، وثقافة، وعقلية تسود داخل المجتمع ويعترف بها الناس، ولا ينكرونها بالرغم من فسادها، وبالرغم من انحطاطها التربوي، لأنها لا تبني بل تهدم مقومات العمران الأخوي الذي يكون مبنيا على أساس كفاءات وقدرات عالية ومردوديات مادية مرتفعة ومرجعيات أخلاقية وعلمية.

- كما لا يخفى على الجميع حضور الجانب الأمني المتطرف في مسألة تسليم الأوسمة لشخصيات بعينها ولقطاعات محددة بعينها مما يصب في نفس الإتجاه السياسي والثقافي المستهدف، فقد تجد في السنة المقبلة نوعية أخرى من أصحاب الأوسمة، وشخصيات أخرى من عالم آخر.

لكن كل هذه الحركة البهلوانية وهذا السلوك الغريب يعتبر للأسف الشديد سياسة وإستراتيجية لا يفقهها إلا القائمون عليها، بل ونعتقد نحن من جهتنا أنها تعبير عن فشل ذريع في إنتاج حلول مستعجلة للشباب في هذا البلد، وإلقاء أي ملف من ملفاتهم العديدة إلى زاوية الإهمال. لذلك لا يستحق الأمر كل ذلك الرواج الكبير الذي عرفته المواقع الإجتماعية  سواء بالرفض أو بالإستنكار أو بالإستهجان.

 
مجموع المشاهدات: 1138 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة