الرئيسية | أقلام حرة | زوجتك نفسي..

زوجتك نفسي..

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
زوجتك نفسي..
 

 

واقعة الكوبل "بنحماد" و"النجار",تعيد ذاكرتي للوراء,إلى طريق الليسي,عندما عرفت لأول مرة ما يسمى "زوجتك نفسي",أيام حجاب العجاج,الذي كنت ألبسه كلما اكفهر جو مدينة العيون,واختلط الهواء بالرمال,وخفت أنا على شعري من التلف,على فكرة لم يكن قد خرج بعد بانتين بديل الزيت,لكن كان هناك "شال" الوالدة,الذي كنت أستعيره لتغطية راسي,وحينها فهمني بعض "البعالك" الملتزمين غلط,وعرضوا على هذا الزواج الأصلع,بدعوى المساعدة على العفة,والمشاركة في غض بصر أخ..

أتذكر آني حينها خلعت الشال لأتفاهم مع أول من عرض الأمر,بعدما نحيت بريستيجي وأناقتي جانبا "قالوا لك فاتحة جمعية خيرية لرعاية المتخلفين عقليا",وكما نزل علي من العدم,غاب في رمشة عين,حتما ليلعب بجوار بيته حتى لا تقلق والدته عليه..

كنت قد سمعت بمن وصل معها التدين منتهاه,ووافقت على الأمر,وصارت تلتقي مع الحبيب خلسة,ليتبادلا القبل على عجل,ويلعبا "الاحيه" وهما يرتجفان خوفا,وكل ثانية وأخرى يوقفا اللعب, ليصغيا السمع لعل عزولا ما قد يقطع عليهم الخلوة العاطفية,وأول ما يموء قط يقفزا واقفين,وهما يتقاتلان مع بنطاليهما,وأول ما تمر سيارة,يتخيلاها "صطافيط",ولهذا بصقت على الحب وما يجي منه إذا كان هكذا " اخ" على حب الرعب والموتى الأحياء هذا.

لا اعرف ما هو الأجر الذي تناله من تساعد في انتشار لعبة "الاحيه" الخفية,وهي تدخل بيت والدها وتعلف وتشرب,وبعد ذلك تتسلل لتلعب وتعود,كان شيئا لم يكن,وهذا البيت يقوم به والد يأكل من عرق جبينه,لا يحني الرأس لأحد,يعمل ليقي من تحت رعايته المذلة والهوان,وفيه أخوة لا يرضون بالدنية,ثم تأتي "زرمومية" تضرب كل ذلك في الصفر..

ولا افهم ما المتعة التي قد تحس بها امرأة قبلت بتزويج نفسها عرفيا,وهي تتمعشق مع بعلها العرفي,في كرسي السيارة الضيق,أو خلف جدار متهدم,أو وسط النباتات والأشجار على أجمل تقدير,لان معظم من يلجا لهذا الزواج,ليس له القدرة على استئجار غرفة في فندق نصف نجمة,أو يستخسر في من تقبل به أربع جدران تقيها البرد الذي يجعلها ترتجف أكثر من رعشة الرغبة,ويلزمها بعد كل "ماتش" كي "بوصفير" و"بوزلوم" المتولدين من الرعب,وعلاج الروماتيزم الناجم عن البرد..

أين الحب في علاقة كهذه,أين التضحية والمواقف,أين التصرفات النبيلة التي تجعل المرأة تحس بأنها تطير بلا جناحين, وبأنها ملكة,بل أين المودة بين شخصين يلتقيان لماما ليقضيا وطرهما خلسة,وأول ما يضاف شخص للمشهد يتنكر كل منهما للأخر,أين السكينة وهما يرتعشان خوفا من الأهل,من الناس,من القانون,وكل شهر تضع هي يدها على قلبها,منتظرة الزيارة الحمراء بفارغ الصبر..

حينما تقبل المرأة بهذا النوع من النكاح,وتعمل نفسها فهيمة عصرها,وعالمة زمانها,تخرج نفسها من المنطقة الآمنة,وتخوض في المياه الراكدة,متنصلة من قيم المجتمع الذي تعيش فيه,وقوانين النظام الذي يسود,تحرم نفسها بنفسها من حقوقها الواجبة,مسقطة "البق" على رأسها بإرادتها,بداخلها صراع بين عقلها وهواها,ومع من زوجته نفسها بورقة ثمنها عشرون سنتيما,وخربشات قلم عدول خارج عن القانون,مفاوضات وجلسات مطولة من اجل إقناعه  بالزواج الرسمي, وها وجهي لا تزوجك,فما كان على استعداد ليقدم من اجله الغالي والنفيس, قد رآه ولمسه وذاقه,فما الذي قد يجعله يأتي خاطبا راغبا,حاملا الطيافر,سائقا "بقرة" لبقرة سلمته كل شيء وجلست رفقة الحمداوية تغني رائعتها التي تسلي المتاعيس " دابا يجي يا الحبيبة..دابا يجي"..

الرجل يعشق من يخنقه,هذه المقولة ليست إلا وصف عامي لنفسية الرجل,الذي يعشق بطبعه صعبة المنال,مترسخة في أعماقه عقلية جدوده من أيام الكهف,حيث كان يزدري الفريسة التي تسعى إليه في كهفه,ويصر على مطاردة الغزال "الشارد",والذي هو على استعداد للتربص به أيام وشهور,وكلما صعب وقوعه,ازداد هوسه به,حتى إذا حدث ووقع,لم يدع شخصا إلا وحدثه بما أوقعه,وكيف تم الإيقاع به..

قد يأكل اللحم,لكنه يحتفظ بالجلد والرأس,تذكارا ينقله لأولاده وأحفاده,كموروث عائلي نفيس,أما الصيد الذي جاء على رجليه إليه,فأكيد انه لف يديه وقاية قبل أن يحمله بأطراف أصابعه ويرميه في اقرب مكب نفايات..

 

مجموع المشاهدات: 2338 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 | محمد
تحية
تحية لك و لمن رباك
مقبول مرفوض
0
2016/09/07 - 01:50
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة