الرئيسية | أقلام حرة | إضاءات فوسفاطية حول تصريحات النقابيين قبل صدور الميثاق

إضاءات فوسفاطية حول تصريحات النقابيين قبل صدور الميثاق

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
إضاءات فوسفاطية حول تصريحات النقابيين قبل صدور الميثاق
 

 

لا شك أن الميثاق هو أرضية عملية تحدد إطار اشتغال مختلف المتدخلين في الشأن الفوسفاطي وفقا لمساطر معينة، بهدف تطوير ثقافة الممارسة المفضية إلى ترسيخ استراتيجية عملية لمعالجة القضايا القطاعية.

إلى ذلك، أثارني تصريح الكاتب الوطني للاتحاد العام للشغالين على هامش حفل توقيع الميثاق، حين تطرق إلى طموح جاذب لتنزيل صيغة الاتفاقية الجماعية واصفا ذلك ب "النهار لكبير"، ما يجعلنا نقف أمام سؤال الجدوى من هذه الاتفاقية، والتي ستكون بديلا للمفاوضات الجماعية المعمول بها حاليا. ولأن الاتفاقية الجماعية هي ملزمة للأطراف بما تحمله من إيجابيات في إلزام الإدارة وثنيها عن المماطلة والتسويف في تنزيل محتوى العقد، وسلبيات ترتبط أساسا بتقليص هامش الحرية النقابية، حيث إن المسؤولين النقابيين سيصطدمون أثناء تفاعلهم مع قضايا العمال بمساطر قضائية صارمة تمليها شروط الاتفاقية التي لا تقبل شيئا إسمه الاحتجاج أو نضال الشارع، ما دام العقد يلزم الأطراف بالامتثال، فإن الحديث عن ذلك يلزمنا كثيرا من التريث والتفكير إلى الحد الذي يتطلبه التعقيد الكامن في الموضوع.

حديث سيدفعنا دفعا إلى محاولة استقراء دعوات بعض الإطارات النقابية إلى تفعيل واستدعاء المادة 104 من مدونة الشغل المقررة للاتفاقية الجماعية، علما أن المفاوضات الجماعية هي الصيغة الأنجع والأنفع للنقابات على مستوى الاستقطاب والتعبئة في صفوف العمال، لما تتضمنه من انسيابية في ديباجة بروتوكولات تسيل لعاب الشغيلة، أكثر من إشباع نهمهم دون تحقيق ذلك سوى بسياسة التقطير والتنقيط. غير أن غرابة السؤال ستتلاشى بمجرد علمنا أن الاتفاقية الجماعية ستكون في صالح الإطار الذي يطمح إلى الانخراط في المنظمات النقابية العالمية التي لا تعترف إلا بعدد الاتفاقيات المبرمة والعقود الموثقة لذلك، في إطار الانفتاح وتوجيه البوصلة نحو السند الخارجي، حالة ما إذا تم ترحيل الإدارة خارج الحدود الجغرافية للوطن، انسجاما مع صفة "الشركة المساهمة".

وارتباطا بالموضوع، استوقفتني كلمة الكاتب الوطني للفدش الذي تحدث عن ميثاقين اجتماعيين، غافلا أو متغافلا عن ميثاق سنة 2005 زمن كان الوزير الأول هو ذاته رئيسا للمجلس الإداري للمجمع، قبل أن تتحول الصفة إلى الرئيس المدير العام بمجيء مصطفى التراب الذي استبدل الرؤية السطحية إلى عمق الحساب الاستراتيجي، في مقابل السلم الاجتماعي، وهذا ينم حسب استقراء منطوق المسؤول الفيدرالي عن عدم استيفاء الشرط الزمني لقبول الاتفاقية الجماعية والتأقلم مع مقتضياتها، في ظل تباعد المسافات الإدارية بين المراكز وفي غياب الالتزام الجماعي أيضا.

وفي السياق ذاته، أشار ممثل الكدش بغمز خفي إلى التحديات الكبرى، الاقتصادية منها والبشرية، مركزا على هذه الأخيرة، وكأنه يدعو الإدارة إلى إعادة النظر في مديرية الموارد البشرية، التي تعاقب عليها أكثر من ستة مدراء، في تلميح واضح إلى عدم الاستقرار في جهاز مؤسساتي يعتبر القلب النابض في جسم المجمع، وإلى فشل ذريع في إيجاد الحلقة المفقودة في سلسلة معدنها من الذهب النفيس.

 

غير أن استدعاء عبارة "التنازلات" في أول خروج إعلامي لكاتب الاتحاد الوطني للشغل مدرجا إياها في سياق كلامه في ذات الحفل، كون النقابات قدمت تنازلات من أجل هذا الاتفاق، حسب تعبيره، كانت بمثابة رصاصة موقوتة من شأنها فتح تخمينات العمال على جميع الاحتمالات، وإن كنت أعتقد أن هذا التصريح مرده إلى حيثيات الشق التنظيمي المؤطر للحوار خاصة المادة الثانية من الميثاق المنقضية صلاحيته والتي على إثرها كادت السنة الماضية أن تمر بيضاء دون مفاوضات، كما أن هناك احتمالا آخر يخص تمثيلية الأعضاء باللجنة النقابية المشتركة CIS، في وقت كان حري به استبدال العبارة بكلمة "توافقات" بين الأطراف لا سيما أن الفوسفاطيين لم يعد بمقدورهم تحمل أي تنازل أكثر مما هو حاصل الآن في ملفات مصيرية.

مجموع المشاهدات: 1202 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة