الرئيسية | أقلام حرة | مهزلة الاحد: بين شعاراخونة المجتمع و مخزنة عالم السياسة

مهزلة الاحد: بين شعاراخونة المجتمع و مخزنة عالم السياسة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
مهزلة الاحد: بين شعاراخونة المجتمع و مخزنة عالم السياسة
 

 

أثارتني الكثير من التصريحات التي أدلى بها المشاركون في مسيرة يوم الأحد و المنظمة من طرف أشخاص نعتتهم وزراة الداخلية بالممجهولين و أختير لها شعار "ضد أسلمة الدولة و أخونة المجتمع"، منهم من تحدث عن شخص بنكيران و من هم من تحدث عن انخفاض المنح الممنوحة للجمعيات ومنهم من تحدث عن التقاعد و عن الحصيلة الديبلوماسية للمغرب في ملف الصحراء ،هذا ليس بالغريب أو المثير لكن أن يتحدث الشباب عن تضليلهم من طرف المنظمين و عن المبالغ المالية الهزيلة الممنوحة لهم فهذا يثير شكوكنا و غيظنا و يولد الحقد من دواخلنا، فمنهم من صرح بالقول بأنه استفاد من أضحية العيد من طرف شخص معلوم انتقل من فاعل خير الى طالب للمعروف. إنه أبشع أنواع الإستغلال و التوظيف السياسي للأموال أمام أعين وزارة الداخلية التي لا يخفى عنها أي شيء، والتي ذهبت بعيدا عندما صرح وزيرها أنه لا يعرف إلى حدود الساعة من يقف وراء التظاهرة و ذهب بتضليله هذا إلى القول أن الدعوة انطلقت من العالم الافتراضي، و أن الداخلية لم تمنح أي ترخيص لأي جهة ما من أجل تنظيم وقفة او مسيرة معينة.

 

يتضح للعيان مند الوهلة الأولى أن المسيرة المنظمة من حيث اللوجيستك الموظف في فعالياتها من لافتات وسيارات وحافلات لنقل المحتجين ليست بالعشوائية أو بالعفوية، بل هي مسيرة مخطط لها مسبقا من لدن أشخاص أو تنظيمات تملك من الأموال والنفوذ ما يمكنها من حجز حافلات لنقل المسافرين ومنح 100 درهم للمحتجين بالإضافة الى توزيع وجبات الغداء والفطور التي احتج عليها المشاركين واصفين إياها بالمتواضعة .

 

رفعت خلال المسيرة شعارات كثيرة لم تحدد الهدف من المسيرة بل سقطت بها في مستنقع الضبابية وزادها هذا تضليلا عندما رفعت شعار أخونة المجتمع، كأن المنظمين يحلمون بنسخ تجربة مصر ويرغبون بإضفاء خطابها على المشهد السياسي المغربي. أعتقد أن المهندسين لمهزلة يوم الأحد مقتنعون بأن ما وصلت اليه مصر اليوم يعتبر نموذجا راقيا يجب ان يسلك شعبنا منحاه. عفوا يا سادة.. إن من يحلم بالديمقراطية و يسعى إلى تجسيدها أو متشبع بأفكارها أو على الأقل يحمل شعارها لا يمكن أن يوظف خطاب العداء للإسلاميين أو المناداة بإقصائهم عن حقل السياسة، إن الديمقراطية هي ممارسة الإختلاف و التشبع بقيم الحوار و تقبل النقد مع الدفاع عن حق الآخر في التعبير و إبداء مواقفه، ووضع الكل في دائرة التصارع على البرامج ومنح سلطة الإختيار للشعب للبث في مسألة الإصلاح .

 

لقد أثار شعار "بنكيران سير فحالك الحكومة ماشي ديالك" حفيظتي وتساءلت كثيرا عن الهدف من توظيفه، فلو رفع هذا الشعار إبان تنصيب الحكومة لكنت سعيدا بسماعه و حتى بترديده، ولكن أن يتركه هؤلاء الى حدود صافرة النهاية، فإن هذا يحمل الكثير من الدلالات وعلامات الإستفهام و يجعلني أتساءل عن المغزى من رفعه. فهل هؤلاء الغاضبون من الإسلاميين يتخوفون من اعتلاء العدالة مرة أخرى للصدارة ؟ في الحقيقة هذا ما تشير له كل الوقائع ولعل هذا التخوف وحده كفيل بنزع شارة الإستقلالية عن الغاضبين لنكون أمام خطاب آخر يلوح في الأفق يسعون إلى فرضه بالوصاية. فليتحمل المهندسون إذن مسؤولية ما قد تصنعه أياديهم، فتوظيف ضغط الشارع قد يجلب ردة الفعل ويمنح الإسلاميين حق توظيف نفس الخطاب، آنذاك لن ينفعنا لا العويل ولا الندم و سنسقط في مستنقع أحداث مصر، إن توظيف الشارع في غير مكانه أمر خطير جدا و استمرار الداخلية في غض البصر يبشرنا بأن القادم أسوء، و ينبؤنا بشعارات قد يكون المستقبل القريب مجسدا لها "يسقط يسقط حكم التحكم و الشرعية لبنكيران. "

 

كلما حاولت الداخلية النيل من سمعة بنكيران إلا وتزايدت شعبيته و تعاظمت انتصاراته بل و تجدر خطابه، فإن كانت معركته بالأمس مع العفاريت والقوى الخفية فقد صارت اليوم معلنة على محيط الملك، وتصريحات الأمين العام لحزب التقدم والإشتراكية لا تخرج عن هذا السياق.

 

لقد أصبح بنكيران يسوق لرسالة مفادها أنه لا يشكل اي خطر على المخزن إن استمر في منصبه، لكن عزله وإقصاءه قد يكون بداية تشكل الإعصار، لقد كان بنكيران داهية عندما ترك للمستقبل المجال ليوضح الكثير من تلميحاته المبهمة، بنكيران الآن بات متمرسا وعالما بخفايا اللعبة، وإفشاء أسرارها قد يضعف الدولة العميقة و استمراره في الحكم قد يزيد من احتمالية إضعافها اكثر.

 

و تماشيا مع الخطاب الاخير للملك محمد السادس بعثت الداخلية في ظرفية وجيزة ثلاث رسائل، منها ما هو موجه للداخل ومنها ما هو موجه للخارج والغاية منها أن الإنقلاب قادم لا محالة.

 

الرسالة الموجهة للداخل:

 

إن إلقاء القبض على شيخي حركة التوحيد والإصلاح وهما في و ضعية تلبس، وتسريب محضر الضابطة القضائية له دلالة واحدة ووجيزة، أن لا أحد معصوم من الفساد وإلقاء القبض على شخصية ذات رمزية دينية، و هي في وضعية مخلة بالآداب تقر على أن الكل يعيش في فلك الفساد

 

. الرسائل الموجهة للخارج:

 

1_منع طارق القباج من الترشح : تحث ذريعة عدم تقديم أي تراجعات، مع التأكيد على معاداته لليهود لا تخرج عن دائرة السعي نحو استمالة اللوبي اليهودي لدعم المنعرج الذي قد تسلكه استحقاقات 7 اكتوبر، و الزج باليهود في المعترك هو انتصار ضمنى لصورة المغرب على مستوى الخارج.

 

2_ مسيرة 19 سبتمبر: ان من يعتقد ان مسيرة يوم الأحد هي رسالة موجهة للداخل مخطئ لعدة اعتبارات:

 

أولا: من حيث الشعارات.

 

إن توظيف شعار لا لأخونة المجتمع له دلالة سياسية أكبر، لا يمكن للمغاربة فهم المغزى منها او التصديق باسطوانتها، لكن تحمل إشارات للغرب على أن هناك وضعا خفيا وأن الإسلاميين باتوا يشكلون خطرا لابد من حصره أو الحد من ثأثيره مما قد يضفي الشرعية أكثر على نتائج استحقاقات الإنتخابات القادمة

 

ثانيا: على مستوى توظيف النسيج الجمعوي.

 

إن الأعداد التي حجت الى الدار البيضاء هي تصريح ضمني بأن حزب العدالة والتنمية أو الإسلاميين أمسوا مجرد فريق منعزل عن الشعب والتأكيد على عفوية المسيرة و استقلاليتها فيه إشارة بأن إسلاميي المغرب لا تأتير لهم.

 

ثالثا: اختيار الدار البيضاء لم يكن اعتباطيا بل رسالة في حد ذاتها من أجل طمأنة المستثمرين على اسثتماراتهم و رؤؤس أموالهم.

 

اننا اليوم امام مرحلة تاريخية مهمة قد تعود بالمغرب الى ما قبل 20 فبراير و قد يزحف على مكتسبات شعبنا من جديد، و نعود الى زمن الكولسة والتخطيط و الحكم الفردي المطلق و عودة الدواليب التقليدية من جديد الى فضاء تسيير البلاد.نعم نحن لسنا بماركة في عالم الديمقراطية و لم ندخل بعد نادي الديمقراطية، لكننا نعلم ايضا ان التنازلات المقررة في دستور 2011 لم تأتي الا عن طريق ضغط الشارع لذلك لابد من تأسيس نواة تحمي مكتسباتها.

مجموع المشاهدات: 1169 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 | rabah
rétrogradation
كيف القول بالخشية من العودة اللا الحكم الفردي , وكأنا خرجنا من هذا الوضع وبنكيران يقول ويكرر ان الملك هو الذي يحكم , لا زال الحكم فردي بمنطوق وروح الدستور . اجل لم يعد مطلقا , ولكن اذا عدنا لاختصاصات مستشاري الملك والمؤسسات التابعة مباشرة للملك , فالحكم مطلق اما البرلمان والحكومة هي مرافق يتصارع عليها من يشكلون ما يسمى بالطبقة السياسية , من اجل احتلال المقاعد والمناصب للاحتماء والاغتناء واقتسام الكعك
مقبول مرفوض
0
2016/09/22 - 09:53
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة