الرئيسية | أقلام حرة | قراءة نقدية في صحافة الأصالة و المعاصرة

قراءة نقدية في صحافة الأصالة و المعاصرة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
قراءة نقدية في صحافة الأصالة و المعاصرة
 

 

و مما لا شك فيه ، أننا صرنا إلى عهد الابتذال ، بعدئذ تحولت حرية الرأي عن نسقها الراقي ، صوب منحى مخالف لمنطق العقل المستنير ، فأن ترى الفرد منا يوظف ملكته التعبيرية ، بأسلوب لا ينم إلا عن انعدام النضوج ، لهو فصل الهزل الذي يوقع أمتنا في موضع انحطاط . و هو الموقف ذاته الذي استوقفني ، و أنا أقرأ مقالا للصحافي علي بوزردة ، من جريدة أخبار الساعة التابعة لحزب الأصالة و المعاصرة ، و الذي كلف نفسه عناء كتابة نص مطول ينتقد فيه حزب العدالة و التنمية بأسلوب ساخر ، و قد نفث فيه كل سمومه اتجاه هذه المؤسسة الحزبية .

 

و للأمانة فقط ، فان الذي أثار حفيظتي في المقال المكتوب ، لا يتعلق أمره بقضية انتقاد هذا الصحفي لحزب المصباح ، فذاك حقه المكفول له قانونيا كما طبيعيا ، و لا يسعني سوى تقبله برحابة صدر ، هذا كون طبيعتنا نحن البشر لا يدعو فيها شيء للمثالية ، و إنما هي لدائمة الخضوع للنقصان ، ما يستوجب أهمية انتقادنا في سبيل تصحيح مسار حياتنا . لكن الداعي إلى الاشمئزاز في كل هذا ، هو استخدام هذا الصحافي في نصه منهجا رخيصا للكتابة ، لا من حيث الأسلوب التعبيري و لا التركيبي ، و الذي توضح جليا انه يعاني من إعاقة ، للذي انعدم في مقاله من احترافية . و إني لست أرى داعيا في توجيه الصحفي بوزردة نقده لحزب المصباح ، على شاكلة حبكة قصصية مهترئة ، ما كان الأطفال الصغار ليجدوا بدورهم متعتهم في قراءتها ، لما يعانيه مضمونها من غياب خلاصة مستفادة .

 

لقد كان من الجدير بصاحب المقال ، الصحافي علي بوزردة أن يكتب نصه بأسلوب خطابي مباشر ، ينتقد فيه ازدواجية خطابات بنكيران كما يبدو له ، فيستدل عن رأيه ببراهين من الواقع السياسي ، للدفاع عن مشروعية و جهة نظره و تعزيز انتقاده ، بدلا من لجوئه إلى استخدام تلك اللغة الصبيانية، التي لم تعبر البتة عن مهنية صاحب المنشور . و إني حقا لم أرى دافعا للصحافي علي بوزردة ، يكرهه على إتباع أسلوبه الخطابي ذاك ، الذي يشعر المرء بوجود ضعف كبير في التعبير ، ونقص شديد في الاحترافية أثناء تفحصه للمقال . و أكاد أجزم أن هذا النص، و الذي تم تحرير معظمه على هيأة سيناريوه قصصي هزيل، ما كانت لتقبل شركة ضعيفة الإنتاج وسيئة التدبير في مجال الرسوم المتحركة، بجعله نصا قصصيا لأحد مسلسلات الأطفال الصغار.

 

و ليعلم القارئ ، أن الذي شد انتباهي إلى وجوب انتقاد صحافي الأصالة و المعاصرة ، في مقاله المنشور تحت عنوان " حكاية الفانوس في زمن الجرار " ، هو ذاك الانطباع الغريب الذي انتابني ، و أنا أقرأ نصه المتهالك لغويا وخطابيا ، حيث أحسست و كأني أتابع دردشة رجل عامي ، قد توسطه أصدقاءه بأحد المقاهي و هو يحادثهم بلغة سوقية محضة . و لهذا، فقد صعب علي تقبل فكرة تصنيف مقاله المكتوب ضمن خانة الصحافة، كونه لا يعبر إلا عن حديث عامي تمت إعادة صياغته حرفيا باللغة

 

العربية. أما و بخصوص تطرقه لموضوع الريف المغربي، وما خلفه به الاستعمار من كوارث مهولة، فقد تعذر علي العثور عن سبب منطقي يجعله ملزما بإدراجه في مقالته، اللهم إن كانت غايته من وراء ذلك التغزل برئيس الجريدة و استمالته إليه، فذاك موضوع آخر .

 

وعن وصفه بن كيران بالفقيه الملتحي ، فاني لا أراه سلوكا عائدا على أحد بالنفع ، كما أنه انتقاد بلا فائدة و لا أرى طائلة منه ، فأمين حزب العداالة و التنمية العام ، له كامل الحرية في اختيار الطريقة الأنسب له في التعاطي مع حياته ، فأن يكون ملتحيا أم لا فذاك أمر يعود إلى حريته الشخصية ، ناهيك عن أن امتلاكه لذقن أو حلقه إياه لن يعرقل تقدم البلاد في شيء . أما في ما يتعلق بالتهكم من خطاب عبد الإله بن كيران المعتمد ، في صورة تواصله مع الناخبين المغاربة ، فاني لا أراه مضرا في شيء كما يبالغ الصحفي علي بوزردة في قدحه له ، فسواء أكان شعبويا أو نخبوي الصيغة ، فان الشعب يتجاوب معه ويفهم اصطلاحاته ، و هنا يكمن مربط الفرس .بل انه موقف لا يستوجب منا كل هذا الزخم من الاستغراب ، فاحتواء خطابات بن كيران على لغة شعبوية ، هي تلك حال اعتدناها جميعنا عند سياسيي بلدنا ، باعتبارنا أمة تفتقد إلى فئة النخبة في الميدان السياسي ، ما يجعل القاعدة تسري عليهم جميعا ، و لا يوجد فيها استثناء كما يوهم نفسه صاحب المقال ، و هو المحتاج بدوره إلى من ينبهه لضعف خطابه ، وفقا لما جاء من مهزلة في المقال .

 

و أخيرا ، فان ما أود قوله من كلام ، هو نصحي لأمثال هذا الصحفي من جريدة أخبار الساعة ، التابعة لحزب الأصالة و المعاصرة ، في أن يبذلوا مجهودات أكبر بمجال الكتابة ، و يخضعوا لدورات تكوينية و تدريبية ، تعينهم على التخلص من هذا الابتذال في التعبير عن حرية الرأي صحفيا ، و تطور مهاراتهم في الكتابة و النقد الساخر بشكل أفضل . بل إن ما أدعوا إليه هذا الصحافي، هو عدم استباقه للأحداث و غلوه في التفاؤل بنجاح حزب الأصالة و المعاصرة، و خسارة حزب العدالة و التنمية المغربي، إذ أن النهاية لم تقل كلمتها بعد، إلى حين فرز أصوات اقتراع السابع من أكتوبر لهذه السنة ، فلعل الفوز لن يكون حليف هذا الفريق و لا ذاك ، و إنما من نصيب طرف ثالث .

 

كما أننا نتمنى و بقلب خالص ، تجند كافة هيئات السلطة الرابعة ، بما فيها جريدة " أخبار الساعة التابعة لحزب الأصالة و المعاصرة ، للبحث بشكل عملي و موضوعي في الكشف عن حقيقة التظاهرة ، التي أقيمت في مدينة الدار البيضاء بغاية الإطاحة بحزب العدالة و التنمية ، المستغل فيها وبشكل بشع عدد لا يستهان به من المواطنين ، هذه التظاهرة التي لا يزال يغشاها غبار الغموض ، و تتبرأ كل الجهات من تحمل مسئوليتها . و بالفعل ، إنا لنرجو تمتع صحافتنا الوطنية بشيء من النزاهة ، عوضا من استغلال مثل هذه المجريات كأداة للمزايدات الانتخابية ، كما حدث مع صاحب المقال من جريدة أخبار الساعة ، الذي أدخل الصحافة في مستنقع من الميوعة .

مجموع المشاهدات: 1062 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة