الرئيسية | أقلام حرة | هل انتهت مهمة حزب الأصالة والمعاصرة.. ؟؟.

هل انتهت مهمة حزب الأصالة والمعاصرة.. ؟؟.

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
هل انتهت مهمة حزب الأصالة والمعاصرة.. ؟؟.
 

 

أثبت التاريخ والتجربة السياسية في المغرب بشكل دائم أن ظاهرة "الحزب الأغلبي" أو "الحزب الوظيفي" كما يحب البعض تسميته، تكون مهمته في العادة محدودة الزمان والمكان، وأنه بمجرد انتهاء تلك المهمة يتم الاستغناء عن الحزب والدفع به للاصطفاف إلى جانب أحزاب الإدارة الأخرى، لتكون وظيفته بعد ذلك هي تأثيث المشهد وتكميل بعض فصوله كلما طلب منه ذلك ليس إلا.

 

فكثيرون أثارتهم الرسالة المفاجئة الأخيرة لأمين عام حزب الأصالة والمعاصرة "إلياس العماري" التي دعا فيها إلى ما سماه "مصالحة تاريخية مع القوى الوطنية"، وهي الرسالة التي اعتبرها الكثيرين إقرارا بالهزيمة من الرجل ورفع للعلم الأبيض إعلانا للاستسلام بعد صراعه مع حزب العدالة والتنمية...

 

قد لا تكون "الرسالة-البيان" ولا مضمونها مهمان في حد ذاتهما بالنظر إلى أنه مهما كان أو يكن يبقى إلياس العماري واجهة إعلامية فقط، لأن من يدير ويتحكم بشكل فعلي في الحزب ومن يحملون على عاتقهم فرض مشروعه على أرض الواقع السياسي والمجتمعي أرغمهم ضغط وحساسية الشارع منهم منذ 2011 للعودة إلى الخلف والتحرك من خلف ستار دون أي ظهور علني لهم.

 

لكن بغض النظر عن ما يمكن أن تحمله الرسالة من جديد للمشهد السياسي، فإن المتمعن بنظرة سريعة للوراء ومن خلال التجارب التاريخية السابقة المشابهة لتجربة حزب الأصالة والمعاصرة، سيكتشف لا محال أن ما أعلن عنه إلياس العماري قد يكون بشكل أو بآخر إعلان عن نهاية وأفول مشروع حزب الأصالة والمعاصرة من المشهد السياسي المغربي،

 

وذلك إسوة بالنماذج السابقة التي أعلن نهايتها بمجرد فشلها في مهمتها ودورها الذي أنشئت من أجله.

 

فمشروع "البام" أنشأ خصيصا لمهمة واحدة وهي مواجهة حزب "العدالة والتنمية" (الإسلامي) وكبح جماح شعبيته التي تتزايد وتتمدد بشكل مستمر داخل المنظومة السياسية..، وبما أن الانتخابات الأخيرة كان آخر فرصة للحزب لتنفيذ مهمته والتي فشل فيها، فذلك يعني بشكل آلي وتلقائي نهاية المشروع وإعلان دخول الحزب مرحلة العجز السياسي.

 

ففي عودة سريعة للتاريخ سنجد أنه كلما تم إنشاء تكتل سياسي خاضع للسلطة داخل المشهد إلا ونجد أن ذلك التكتل سرعان ما يتفكك بمجرد فشله في المهمة أو حتى نجحه فيها، ومرد ذلك بالأساس أن التأسيس عادة ما يكون مقرونا بهدف واحد أوحد يكون محدد الزمان والمكان.

 

فمنذ تجربة "الأحرار المستقلين" التي شكلت تحالفا مع الحركة الشعبية وحزب الدستور الديموقراطي (الشورى والاستقلال سابقا) مع السنوات الأولى للاستقلال التي كان هدفها مواجهة تمدد وزحف حزب الاستقلال للهيمنة على المشهد السياسي آنذاك كقوة سياسية تهدد وجود وسلطة القصر نفسه.

 

ومن بعدها تجربة جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية "الفديك' التي أسسها صديق الملك الحسن الثاني آنذاك أحمد رضا اكديرة سنة 1963، والتي كان الهدف منها الوقوف ضد قوة اليسار ممثلا في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.

 

ثم مرورا بحزب التجمع الوطني للأحرار الذي أسسه صهر الملك أحمد عصمان سنة 1977، لمواجهة أحزاب الكتلة والتي جاءت في ظرفية سياسية حساسة للغاية لم تكن تقبل أي انقسام أو أي تشكيل سياسي معارض لسياسة القصر (تداعيات المحاولتين الانقلابيتين وتدويل قضية الصحراء..).

 

وصولا بعد ذلك لتجربة حزب الاتحاد الدستوري مع "المعطي بوعبيد" سنة 1983،و الذي جاء كبديل لعصمان وكمنقذ لتجربة حزب التجمع الوطني للأحرار، خاصة بعد فشله في منع الأزمة الاقتصادية المتزايدة التي تعيشها البلد نتيجة انخفاض أسعار الفوسفات بشكل كبير، تزايد نفقات حرب الصحراء، وتزايد الاحتقان في الشارع...).

 

فالقاسم المشترك لمثل هذه الأحزاب أنها ظهرت وتقوت و تنامت في فترة قصيرة جدا، إلا أن نجمها خفت بشكل سريع كذلك، زد على ذلك أنها لا تتأسس في العادة نتيجة لحاجة

 

اجتماعية أو سياسية ولا حتى أديولوجية، وإنما هي عبارة عن تكتل أو شبكة أكثر مما هي حزب في حقيقتها.

 

هذه "الشبكة-الحزب" تكون مهمتها هي القيام بالأعمال والسلوكات السياسية التي تتحاشى السلطة الظهور في الصورة حولها أو من التي يمكن أن تشكل حرجا لها، أو بمعنى آخر أن وظيفة الحزب الأغلبي هي ضبط المؤسسات التي يصنع فيها القرار بما يحول دون خروجها عن إرادة المخزن، أو بما يجعلها لا تلعب أدوارا تتجاوز الإطار المسموح لها بذلك، خاصة في الفترات التي يضطر فيها النظام بتقديم تنازلات للمعارضة تمكنها من ولوج هذه المؤسسات.

 

وهناك هدف ثاني لهذا النموذج من الأحزاب و هو السعي لتبييض وشرعنة ممارسات و سلوكات السلطة "غير أخلاقية" وحتى غير الشرعية (الريع الاقتصادي والسياسي ، إبعاد الخصوم والمعارضة السياسية عن دوائر القرار، التحكم وضبط التكتلات و الخريطة السياسية...) أو أي شيء يمكن أن يشكل مصدر إزعاج أو منافسة المخزن في سلطته عليه.

 

ففشل التجربة الحالية ل-صديق الملك- لو تحققت، فستعتبر كذلك إعلان لفشل تكتيك ونهج سياسي دأب النظام السياسي في المغرب على العمل به كلما أحس أن الأمور بدأت تنفلت من يده، إذ من سوء حظه أن الأمور لم تعد كما في القرن الماضي حيت لا إعلام ولا رأي عام قوي ومتتبع لكل ما يدور في دواليب السلطة وصناعة القرار، ولا أي قوة أخرى يمكن أن تشكل عقبة أمام مثل هذه الأساليب، بما يعني أن تكتيك"حزب السلطة" لم يعد يفي بالغرض الذي كان يحققه في السابق، إذ يبدو أن الحركية والتحول السريع في المشهد أكبر بكثير من تخطيطات وحسابات النظام هذه المرة.

 

فبفشل المشروع قد يكون لزاما على النظام السياسي البحث عن بدائل أخرى نظرا إلى التغيرات الجذرية التي عرفها المشهد السياسي وخاصة في شقه الانتخابي حيث تم الانتقال من التصويت المبني على العلاقات الاجتماعية (الأعيان، القبلية، العمل الإحساني..الخ)، إلى التصويت السياسي الذي يتم على أساس البرامج السياسية للأحزاب، وهذا ما يجعل المهمة المقبلة لو فكر القصر في إعادة تكرار الأمر أكثر صعوبة بشكل كبير من ذي قبل إذا لم تكن مستحيلة (على الأقل بالشكل الحالي).

 

نهاية رهان "الحزب الأغلبي" إذا لو تمت في هذه الفترة، فهي إيذان بنهاية "سلوك سياسي شاذ"، نهاية قد لا تعني فقط زوال وأفول نجم حزب أريد له أن يكون أكثر من حجمه الطبيعي..، بقدر ما هو نهاية مشروع كان يمكن أن يكلف البلد ثمنا باهضا للغاية، وكان سيرجعه لسنوات وربما عقود للوراء لو تكلل له النجاح وسار وفق خطة راسميه، بل يمكننا القول أنه قد تكون تجربة حزب الأصالة والمعاصرة في عمقها هي نهاية عصر سيطرة

 

المخزن على المنظومة السياسية برمتها وبالتالي الإعلان الحقيقي عن بداية تشكل الديمقراطية الفعلية في المغرب.

مجموع المشاهدات: 1126 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (2 تعليق)

1 | مواطن
اضربوا الطبول والمزامير ههههه
مقبول مرفوض
0
2016/10/21 - 01:47
2 | مغربي
الأهم يا صديقي هي رسالة العماري وهي ليست على الاطلاق إقرارا بالهزيمة كما تصورها كل ذي عقلية تفضل ما كان جاهزا ومبسطا في مجال الفكر وبالأحرى في مجال السياسة المتفلت من المبتذل والسائد لدى العامة بالمعنى الرشدي . الامر يا صديقي فوق الامنيات وشعار الربح والخسارة . والحفر فيما وراء الظواهر وما هو بالحفر بل مجرد اجترار وتكرار . للمصالحة هي مصالحة شعب مع ذاته ووقفة تأمل المصير وما نتوقعه مستقبليا بعد أن استأسد التبسيط والضحالة ومن افلت منها لازم ما كان مكرورا بلا برهان نحتاج لمساءلة واقع بات مسيرا بالابتذال وطبعه الغش والاسفاف في كل مناحي الحياة وصار ت عقلية القطيع تغتال كل محاولة لبناء المجتمع على العقل والقانون وانشاء دولة الحق والمواطنة يتعايش فيها الجميع مع امتلاك لبصيرة تسمح بتدبير الاختلاف.
مقبول مرفوض
0
2016/10/21 - 04:27
المجموع: 2 | عرض: 1 - 2

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة