الرئيسية | أقلام حرة | خطبة الجمعة

خطبة الجمعة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
خطبة الجمعة
 

 

إن ما شهده مسجد يوسف بن تاشفين بمدينة فاس من احتجاج و مقاطعة صلاة الجمعة بسبب توقيف إمام المسجد يكاد يكون ثورة هادئة للمصلين ضد احتكار الدولة للحقل الديني،و محاولتها تمييع و تليين و تلطيف خطب الجمعة،و جعلها خطب روتينية فارغة المضمون والمعنى،و بعيدة كل البعد عن دورها الأساسي والمتمثل في إرشاد وتوجيه وتوعية المصلين بتعاليم الدين من عقائد و عبادات و معاملات...إن ردة فعل المصلين تعد سابقة من نوعها في مساجد المملكة،إذ أنها تعطي إشارات قوية إلى من يهمهم الأمر، و تعبر عن سخط المصلين و عدم رضاهم على سياسة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، كما أنها تعلن رفضها لخطب غير هادفة، عنوانها الملل و الضجرالذي يصاب به مرتادو بيت الله بسبب المواضيع الموسمية المتكررة و التي لا تمت بصلة للواقع الذي يعيشه المسلم في حياته اليومية، ولا تعكس بحال من الأحوال ما يتخبط فيه المسلم من صراع داخلي يجعله يطرح سؤال الهوية الدينية.ان تدخل الدولة في الشأن الديني وحرصها على ضبط سلوكاته خصوصا الشاذة منها هو أمر محمود،لكن ما يثير الانتباه هو أن هناك تيارا يريد أن يجعل من خطب الجمعة مُقَبِّلة لطبق الكسكس،و ألا يسمع لها أثر بعد صلاة ركعتي الظهر. لا يختلف اثنان على الدور التوجيهي المناط بخطب الجمعة و كذلك حرصها على مطابقة سياسة الدولة في الشأن الديني و المتمثلة في الوسطية و الإعتدال ومحاربة التطرف و التشدد،إلا أنه ما يسترعي الانتباه هو غياب خطاب ديني واضح المعالم والأهداف،بحيث يكفيك أن تادي صلاة الجمعة بمسجدين موجودين بنفس الحي لتجد نفسك أمام خطبة جمعة تسوق لأفكار ظلامية، وأخرى يمكن تسميتها وغالبا ما تكون فارغة المضمون. « Express » خطبة

إن دور الدولة في توحيد الخطاب الديني هو دور أساسي و حتمي بحيث لا يمكن المضي في سياسة التوقيفات، وان يبقى الأمر مقتصرا على مقاربة جزرية كلما تعلق الأمر بخطاب فيه شيء من الوضوح والواقعية في التعامل مع الشؤون الدينية والدنيوية. إذا كان المغرب يعد نموذجا رائدا في المجال الديني عبر إصلاحاته وبرامجه المتعددة، بما في ذلك برنامج تكوين الأئمة،و كذا مراجعة البرامج و المناهج

التعليمية،و تعزيز دور المساجد ودور القرآن في إنتاج نموذج للمسلم المعتدل،المتسامح والمتعايش مع ديانات أخرى، فإن الحقل الديني بالمملكة لازالت تشوبه نواقص كثيرة،إذ يتعين القيام بمجهودات مضاعفة لتفادي الخطاب المزدوج للجهاز الوصي،تجنبا للإصطدام الذي قد يحدث بين الخطاب الرسمي والخطاب العامي السائد في المجتمع.

مجموع المشاهدات: 1435 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة