الرئيسية | أقلام حرة | تحول الاقتصاد إلى قاطرة سياسية

تحول الاقتصاد إلى قاطرة سياسية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
تحول الاقتصاد إلى قاطرة سياسية
 

 

عالم المال والأعمال

 

كانت العولمة Globalization إحدى أبرز السمات الاقتصادية السياسية التي تفتقت عنها عبقرية إنسان نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة ؛ وهي عبقرية رجال المال الذين سعوا إلى تنمية ثرواتهم عبر تكتلات اقتصادية متعددة الجنسيات وعابرة للقارات ومن ثم قلب المعادلة القديمة السياسة تقود الاقتصاد .

 

وللعولمة أوجه عديدة ، لعل أبشعها هو حينما امتد نفوذ أصحاب المال والثراء ليشمل ردهات السياسة ودوائر ومواقع القرارات في عدة دول غربية ، ومن ثم أمكنها التحكم في معظم خيوط السياسة الدولية : من عقد الصفقات وتوسيع الشراكات والتحكم في الأسواق العالمية من حيث مواد الإنتاج وجغرافية التسويق وأسعار التكلفة .. هذا فضلا عن ارتباط التوازنات المالية بأسواق العملة .

 

تجارة السلاح كنموذج لتنمية الثروات

 

لا جرم أن بنية الحكومات الغربية تحتكم ؛ في توجهاتها السياسية الكبرى ؛ إلى مكوناتها الاقتصادية العملاقة ، والتي تتشكل عادة من رجال المال والأعمال وأرباب الشركات الذين يحملون لواءهم بحكم الشركات الاقتصادية المتنوعة الرابطة بينها .

 

ولعل تجارة الأسلحة أشهر مثال ؛ على الساحة الدولية ؛ بالنظر إلى بؤر التوتر التي تسم مناطق واسعة من العالم ، تأتي في مقدمتها منطقة الشرق الأوسط كنتيجة حتمية لاندلاع نيران الربيع العربي . وتفيد آخر الإحصائيات بأن منطقة الخليج وحدها تحتل أكبر رقم لمبيعات الأسلحة الغربية ؛ والذي من المحتمل ـ في العشر سنوات المقبلة ـ أن يتجاوز ألف مليار دولار ؛ تتزعمها شركات عملاقة مثال لوكهيد مارش الأمريكية ، وبوينغ ، بي إيه إي سيستيمز البريطانية Systems BHI، وشركة رايثون الأمريكية RAYTHON ، وشركة نورثروب جرومان المريكية NORTHROOP... هذه الشركات وغيرها أصبح لها نفوذ قوي في السياسة الدولية والمتحكمة في توجهاتها الاقتصادية .

 

بالنسبة للمغرب زمن الزعامة السياسية انتهى

 

ألفت أحزابنا السياسية ؛ فيما مضى ؛ أن تتشكل من عناصر معظمها قادمة من قطاعات التعليم والتقنية والفلاحة وقلة منها تنتمي لميدان الأعمال ، لكن هذه التشكيلة ؛ وفي ظروف إقليمية ودولية ووطنية متميزة ؛ وجدت نفسها متجاوزة ليتم تطعيمها بعناصر اقتصادية مقاولاتية أو بالأحرى تركيزها على استقطاب عناصر بهذه الخصوصيات ليكون في مقدورها خوض أي سباق انتخاباتي أو مقاولاتي . إلا أن المواطن المغربي العادي وحتى بعض الأحزاب السياسية المغربية المحافظة كحزب العدالة والتنمية لم تع بعد سياسة المرحلة ، فما زالت زعاماتها تراهن على الفعل السياسي وحده كمطية لتحقيق النماء المنشود ؛ في حين أن الأسواق ومفاتيح الصفقات كلها بيد الشركات والمقاولات وأرباب المال والأعمال .

 

الصراع يحتدم بين السوسي والفاسي

 

المغرب كما هو معلوم ؛ تابع في رسم ملامحه السياسية العامة ؛ إلى التوجهات الغربية وإملاءاته من حيث التسويق والتصدير ومراكز النفوذ ، وتسعيرة المحروقات ... وقد تعززت بنيته الاقتصادية بانضمام قطاعات خاصة ؛ ربما تحتكر حصة الأسد في القطاع الخدماتي وترويج السلع المختلفة سواء في قطاعات السيارات أو توزيع المحروقات ، أو الاستثمار في الإنتاج الفلاحي والبحري إلى جانب قطاع الاستثمار البنكي ...

 

هذا ؛ وقد سبق لحكومات مضت أن كان لها شركاؤها في عقد الصفقات ، والتحكم في أسواق الخدمات والتجهيزات العامة ، ومن ثم كان ما يشبه التحكم في المسارات الاقتصادية للدولة ، من خلال نفوذ مراكز هذه الشركات وأرباب المال والأعمال ، وبالتالي وجد رجل السياسة التقليدي نفسه مكبلا بإملاءات وتوجهات اللوبيات الاقتصادية والتي تسعى ؛ بالدرجة الأولى ؛ إلى الرفع من سقف أرباحها وامتيازاتها ، وتنميتها في اتجاه توسيع رقعة نفوذها إن على المستوى الوطني أو القاري وأخيرا التحاقها بتكتل اقتصادي عابر للقارات .

 

يوجد بالمغرب أثرياء يصنعون القرار ، منهم من يُجرّون قسرا إلى السياسة ، ومنهم من هو مستعد لمغادرة البلد خوفا على رساميله ، ومنهم من تمردوا فكان مصيرهم رسالة موعظة للآخرين ؛ وفي جميع الحالات يلاحظ الباحث المتتبع للمؤشرات التنموية العامة في المغرب أن العنصر الفاسي كان ومنذ وقت مبكر هو المحتكر الأول لكل القطاعات الاقتصادية والخدماتية ؛ سواء في مجال الأبناك ، أو التجهيز أو التصدير أو التجارة عبر بوابيتها التصدير والاستيراد .. وقد ظل هذا الاحتكار منسجما مع التوجهات السياسة العامة للبلاد إلى نهاية الألفية الثانية المنصرمة وبداية الثالثة ليطفو على السطح عنصر اقتصادي منافس جديد نشيط له مراكز ثقل ونفوذ في تجارة السلع والخدمات والنقل والفلاحة والصيد والمحروقات وحتى التمويلات مما جعله منافسا شرسا للعنصر الفاسي ، إنه العنصر السوسي النشيط الذي يعرف ـ لدى المغاربة ـ مثال الرجل الصبور والنشيط والدؤوب الحركة والكتوم لمشاريعه المقاولاتية والنزيه والصارم في تعاملاته ، وهناك مؤشرات ؛ ولو أنها غير كافية ؛ تلمح إلى تلقيه زمام قيادة اقتصاد المغرب في الظرفية الحالية لعدة اعتبارات سنكشف عنها في أوانها.

مجموع المشاهدات: 787 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 | مراد
اقتصاد
انه التبعية للغير وهدا هو حال دول العالم الثالث لاتقدم ولا هم يحزنون
مقبول مرفوض
0
2017/01/22 - 03:59
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة