الرئيسية | أقلام حرة | صاحب الظل الطويل..المغربي

صاحب الظل الطويل..المغربي

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
صاحب الظل الطويل..المغربي
 

 

كان ذلك العام الماضي,عندما جمعتني مراسلة الكترونية مع احد الزملاء,صحفي مخضرم له هيبة وشنة ورنة,شخص جاراني في حبي للكتابة والرسائل,صبر على شروطي واحترم حدودي وخطوطي الحمراء لفترة طويلة,وكان من بين الأسئلة التي سألني إياها هو عن سبب عدم ارتباطي,وقد أجبته آنذاك بان لدي أحلام أتوق لتحقيقها..

 

سالني عن تلك الأحلام,فسكتت مطولا,أمعن التفكير في تلك الأحلام البسيطة أتستحق الذكر؟ قبل أن أهز كتفي واكتب "إتمام دراستي الجامعية",لابد انه تعجب حتى انه توقف عن الكتابة لدقائق,حتما لم يكن ليعرف شدة هوسي بالدراسة,ولا يمكن أن يتخيل كم تشبثت بمقعدي الدراسي,ولا كم قاومت وناضلت وصبرت,كم بكيت خوفا من المغادرة,كم ليلة استيقظت فزعة وأنا اصرخ لتحتضنني والدتي وهي تحاول تهدئتي وهي تظن أني لربما رأيت تمساحا أو عفريت,وأنا كل اللي مخوفني أن يغلق باب المدرسة دوني,أو أن اصل متأخرة ..

 

لم يكن ليتخيل أني لم أتغيب يوما عن الفصل,ولا أني الوحيدة التي لم تضرب قط,ولا .."ماذا لو تكفلت أنا بدراستك",ذهلت وأنا اقرأ الجملة التي قطعت تفكيري,ولا اعرف لماذا تخيلت نفسي "جودي ابوت",بنظراتها المشدوهة,وجدائلها المنتصبة..

 

كنت أتقاسم مع "جودي " نفس المعاناة,نفس حب الرسم والكتابة,كنت لأقول نفس الشخصية,لكني عادة ما أكون رزينة وصامتة,كنت أرى نفسي فيها,ولطالما حسدتها على "جيرفز بندلتون",ذلك الشخص الذي تكفل بها وبدراستها وبكل ما قد تحتاجه فتاة في سنها,بسبب رسالة كتبتها من قلبها فوصلت لقلبه..

 

كم كانت حياتي ستختلف لو كنت وجدت من يدخلني مدرسة على نفقته الخاصة,يشتري لي كل الكتب,يتذكرني كل عيد,يراسلني,فانتظر رسائله,وبعد قراءتها أعطرها واحتفظ بها,لأعيد قراءتها كل ليلة قبل النوم,حتى إذا نمت كانت أحلامي وردية وتخلصت من الكوابيس..

 

كم كانت حياتي ستتغير,لو كان لي مثل حظها,ضاعت طفولتي ومراهقتي وشبابي بانتظار "صاحب الظل الطويل",كان ذلك هو الحلم الذي يجعلني انهض كلما سقطت ,وحينما كانت تقفل الأبواب وتوصد,وعندما اتعب من إيقاظ "زهري" النائم,وابكي ما شاء الله لي أن ابكي,كنت امسح دمعي,وازحف إلى فراشي لأضع راسي على مخدتي وأتفنن في وضع سيناريو أخر لحياتي بذوقي أنا,فأغمض عيني وابتسم ثم أنام..

 

بعد اشهر,وبعد كل الوعود والخطط ,بدا أخونا في الله يصاب بالتحور والتغير,حتى جاء اليوم الذي خرج لي مباشرة "الدار اللي لاهي تقراي فيها على حسابي..لكن أنا مرة مرة نجيك",في البداية لم افهم كيف سيأتي لبيت طالبة,لكنه تفضل مشكورا وشرح لي,طالبا مني بعض المرونة والليونة,بل وشرح لي حتى كيف تكون تلك المرونة وتلك الليونة..

 

كنت طوال فترة المراسلة غير مصدقة أن "كاع" هذا حظ ,لكني فعلا حزنت لفترة, بعدما كشف صاحب الظل الطويل عن وجهه المغربي,قبل أن أتذكر أن "جيرفز بيندلتون" لم يكن عربيا,فأكيد انه لو كان من "هنا" لكان ساوم "جودي ابوت" و لكانت رفضت,وانتهى الرسوم في الحلقة الرابعة..

مجموع المشاهدات: 2706 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 | صاحب الظل الطويل
ياغير ماهو مغربي
جميل سردك للقصة و اقتباساتك...رغم النهاية دراماتيكية لكن (الغالب الله) حقيقة كنت انتظر نهاية سعيدة و ماشاء الله قدر و فعل. اتمنى المرة القادمة نرى حلقات عديدة و لا تنهي القصة في أربع حلقات، استعملي خيالك قليلا و ابعدينا عن الحياة الواقعية، فالشعراء و الادباء يبعون الوهم لندمن عليه نحن قراءه و نهرب من الواقع في لحظة ما.
مقبول مرفوض
0
2021/01/26 - 03:51
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة