الرئيسية | أقلام حرة | حنين إلى العسكر

حنين إلى العسكر

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
حنين إلى العسكر
 

 

الجيش عماد الدولة، كما أن الجيش قد يكون وبالا على الدولة، فالخلافة العباسية ضعفت حين تحول قادة جيش الأتراك الذي أسسه الخليفة العباسي المعتصم  بولاء خالص له دون العرب و الفرس، إلى السياسة و التدخل في شؤون الحكم بعد موته، و الدولة العلوية الفيلالية دخلت في أزمة حكم، بعد موت مولاي اسماعيل، حين  تدخل قادة جيش عبيد البخاري الذي أسسه في دوامة خلع و تنصيب أبناء السلطان واحدا تلو الآخر، و سلطنة الأيوبيين انتهت على يد قادة جيش المماليك المستقدمين من وسط أسيا، كما كان جيش الانكشارية مصدر ضعف للخلافة العثمانية، حيث تدخل قادته كذلك في خلع سلاطين، و تمردت فرقه و عاثت فسادا، و استمر تهديده حتى اواخر القرن التاسع عشر.

 

الحالات السالفة الذكر، تشابهت في مسائل، تكوين الجيش من خارج المجتمع و فئات الرعية و الشعوب الخاضعة لنفوذ السلطان لضمان الولاء للحاكم فقط و النأي عن تأثير مكونات و فئات الدولة من قبائل و مجموعات عشائرة قد تنافس الحاكم، تحول قادة الجيش من حماية البلاد إلى السياسة و التجارة و الامتلاك استثمارا لحالة الرخاء و القوة التي عاشتها الدولة،  ثم التحكم و التدخل في خلع و تنصيب السلاطين و الخلفاء في حالة الضعف بموازاة حالات التمرد و النهب التي يقوم بها صغار الجند.

 

ما تعيش بلدان عربية اليوم، قد لا يماثل ما سبق، إلا في توجه الجيش للحكم و مباشرة السياسة و التحكم في الاقتصاد، مع العلم أن دولا بعينها عاشت منذ استقلالها على حكم العسكر، رغم العناوين البراقة التي صاحبت ذلك، من ثورات ضباط أحرار، إلى جنرالات اقتصاد و دولة لواءات مثلا، لكن ظلت عقيدة الجيش عقيدة ولاء للدولة، مانعة إياها من التشرذم و الإنزلاق في أتون الحروب الأهلية، و كانت صمام أمان، و الدليل على ذلك، ما عرفه العراق من فشل دولة و انتشار إرهاب، حين قرر بريمر حل الجيش العراقي، و ما تعيشه ليبيا حين تحول جيشها النظامي إلى عصابات القذافي و كتائبه، ليلعب الإعلام دورا في شيطنته و تقزيمه، و هاهي اليوم ليبيا في فشل و حرب عصابات بعد سقوط النظام و الجيش.  

 

بين العراق و ليبيا و اليمن، تتغلغل ميلشيات تدعي الولاء للسلطة الشرعية و التي هي في حالتها على وهن و هشة و غير متحكمة في فلتان هذه العصابات المؤجرة، فالحشد الشعبي المكون من فرق تابعة لأحزاب أو شخصيات نافذة، قد تغير ولاءها أو تدخل في صراع متبادل، كلما تشتد أزمات العراق الداخلية، و في ليبيا تتعدد الأسماء من جيش ليبي إلى حرس وطني و آخر رئاسي و آخر لمنشئات النفط علاوة على ميليشيات مناطقية و حزبية و كلها تدعي الولاء لإحدى الحكومات الثلاث في حين تمثل نفسها أو قادتها.

 

الدولة قد تعني الجيش، بالنسبة لكثيرين، رغم تواجد باقي المؤسسات، لذا يحن البعض في  هذه الدول الفاشلة، إلى حكم العسكر، ولذا يرغب الكثيرون مثلا في دعم خليفة حفتر بعقيدته العسكرية لحكم ليبيا، كبارقة أمل تنهي حالة التشرذم و الفلتان.

مجموع المشاهدات: 857 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة