الرئيسية | أقلام حرة | لا تقصُصوا رُؤياي عليهِنّ

لا تقصُصوا رُؤياي عليهِنّ

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
لا تقصُصوا رُؤياي عليهِنّ
 

 

قبل أيام بالمكتبة وأنا تائه بين مئات الكتب التي تفتح شهيتي أكثر من حبات دوائي " نوراكس " التي تدّعي ذلك فقط، لفت انتباهي كتاب باسم " كل شيء يعرفه الرّجل عن المرأة " لألان فرانسيس "، كان الكتاب يبدو كبيرا وفكرت لحظتها أن الكاتب شيء من اثنين : إمّا أنه أنيس منصور بعيون غربية، أو أنه كاهنٌ يدعي أشياء فوق الطبيعة، فالمرأة حسب علمي مخلوق لا يعرف حتى الطريق لنفسه.. قصدت الرّف لأطّلع على ما جادت به قريحة آلان وسحبت حاشيته بهدوء، ولأنه أصرّ على الالتصاق بالكتب بجانبه سحبته بقوة نسبية تليق بمعركة نبيلة مع كتاب.. فتحته فوجدت كل أوراقه بيضاء، حاولت أن أفكر أن الأمر يتعلق بإغفال طبع أو ما شابه لكن كل النسخ الأخرى كانت بيضاء كثلج سيبيريا! بالنّهاية اقتنعت أنّ آلان كان صادقا مع نفسه وهو يُقرّر إصدار فكرة مُماثلة وسأكون مُمتنّا إن وجدت يوما كتابا لإحداهنّ بعنوان " كلّ شيء تعرفه المرأة عن نفسها " .. فإن كان الرجل لا يستوعب تقلب أحوال الطقس عند المرأة ، فالمرأة نفسها مخلوق غريب من الصّعب أن تنطبق عليه النظريات وأن تحُلّه المبرهنات بالرياضيات.. والحقيقة أني لا أذكر أني سمعت يوما رجلا يتحدث عن الدفاع عن حقوقه لكن منذ بدأت أعي العالم حولي و أنا أسمع من النساء تلك الجملة التي تصيبني معانيها بالغثيان، فبعض النساء خُلقن من أجل مهمة محدودة وهي الدفاع عن حقوق المرأة، وحتى وإن لم يكن هناك انتهاك أو مسّ بهذه الحقوق فإنّ ذلك المُحرّك الداخليّ في المرأة تجده يدفعها لإعلان حالة الطوارئ دوما.. ففي عقلها الباطن اللاّواعي هناك متحف صغير بمجموعة من العُقد التي توارثتها المرأة من سنوات والذي يجعلها تلبس درعا ومُستعدّة لخوض المعارك ضدّ كل إنسان قدّر له أن يكون ذكرًا رغم أن واقع الحال يختلف كثيرا عن الملاحم التي تُقيمها هذه الجمعيات والتي تتغنى بها كثير من النّساء! و أذكر أنّني في إحدى الندوات العلمية التي تناولت موضوع التّعدّد كنتُ قد أدليت بمداخلة موضوعية في الأمر بعيدا عن الاعتبارات الشخصية ونظرتي الذاتية للموضوع.. وحدث أن كنت الشخص المغضوب عليه يومها، رغم أني حاولت أن أُفهمهُن أن مسألة التّعدد لا تخضع لرغباتنا وإنّما هي رُخصة كفلها القرآن وحتى القوانين الوضعية مثلها مثل قاعدة " للذّكر مثل حظ الأنثيين "، ولقد قاطعتني حينها فاعلة حقوقية مؤكّدة لي أنها ستستمرّ في النضال حتى تُسقط هذه الأفكار القديمة.. ناقشت معهنّ بعد ذلك مسائلا متنوّعة وخرجت بقناعة وحيدة.. فحين يتعلق الأمر بقضيّة يكون طرفها جنس ذكر أو أنثى ليست مُلطّخة بعُقدهم الحقوقيّة .. فإنّ التركيبة العصبية لهؤلاء النسوة تصير دائرية تدور في مُنحنى متّصل لا يعرف إشارات المرور ولا قواعد المنطق ولا حتى أبسط قواعد الإبستيمولوجيا أو الأدب .. عدت بعدها لمنزلي و أنا غير مُصدق أنّه لم يتمّ نفيي للرُّبع الخالي:D ولو كانت فعلا هذه الجمعيات تدافع عن حُقوق المرأة، لدافعت عن تلك المرأة التي تتجمّد حُقوقها بأعالي الجبال وتلك المرأة التي يرى وليدها النّور على ظهر الحمار، لدافعت عن تلك المرأة التي يتقوّس ظهرها من حمل الخشب ولا تعرف أحمر شفاه ولا غنج.. وفي الختم.. ، ليس معنى هذا أن الرّجل حمل وديع.. وليس معناه أن المرأة جنسٌ غير لطيف

مجموع المشاهدات: 725 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة