الرئيسية | أقلام حرة | انسوا كل وقع ما قبل سابع أكتوبر وركزوا فقط على ما بعد التاسع والعشرين منه

انسوا كل وقع ما قبل سابع أكتوبر وركزوا فقط على ما بعد التاسع والعشرين منه

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
انسوا كل وقع ما قبل سابع أكتوبر وركزوا فقط على ما بعد التاسع والعشرين منه
 

 

انسوا قليلا "بام" 2007- 2016، هذا حزب انتهى وانتهت مهمته، هو حصان تم الرهان عليه بكثير من الكلأ والموارد لكن خيب آمال أصحابه، وكما القاعدة فقد ادخل إلى "إسطبل السلطة" حتى إشعار آخر، لكن كما العادة لن تكون له مهمة رئيسية بعد ذلك، بل سيكون لغرض الأدوار الثانوية والمكملة فقط، وان شئنا أن نعطي توصيفا لحالته بعد الآن فيمكن أن نطلق عليه "طابور خامس" للمخزن سيتم استدعائه في يوم من الأيام في حرب جديدة لكن لن يكون هو من يقودها.

 

على الجهة الثانية ركزوا جيدا مع حزب "التجمع الوطني للأحرار" ما بعد 29 أكتوبر تاريخ تعيين (في صيغة انتخاب) "أخنوش" أمينا عاما للحزب، وانسوا قليلا كذلك ما قبل هذا التاريخ، فما بين ما قبل وما بعد تغيرت الأدوار بشكل كلي، وان شئنا أن نطلق توصيفا لحالة الأحرار اليوم فيمكن أن نطلق عليه "بام جزء 2".

 

الوظائف والأدوار التي تعطى لحزب السلطة الرئيسي لم يعد حزب الأصالة والمعاصرة هو المسؤول عنها، مشعل "التحكم" في ما بعد سابع أكتوبر انتقل إلى حزب التجمع الوطني للأحرار وقد تم اختيار أخنوش بتدبير المرحلة ريثما يتم تجهيز قمقم جديد في دواليب السلطة ليتولى الزعامة ضد الأحزاب المستقلة خلال المرحلة المستقبلية.

 

يعني اليوم وبأمر الواقع فحزب الأحرار هو ذلك التحكم بعينه الذي بنا عليه بنكيران وحزبه حملته الانتخابية، وهو نفسه الذي وضعه كخط أحمر للتحالف معه، بمعنى أن من يجب أن يكون ذلك الخط الأحمر بأمر ذلك الواقع نفسه اليوم هو حزب أخنوش وليس البام.

 

لا تأخذوا الأمر وتبنوا الموقف بما قيل بين هذا الطرف وذاك خلال حملة الانتخابات حيث وقعت أم المعارك والتي عرفت أوج التلاسن والضرب تحت الحزام، ولا تقفوا كثيرا في هذا المعطى الذي لم يعد هو الحاسم في الظرفية الحالية، فنتيجة سابع أكتوبر قلبت الكثير من المعطيات وجعلت ما كان حراما سابقا هو الحلال اليوم والعكس صحيح.

 

لنأتي الآن إلى الشيطان أي تلك التفاصيل التي تصنع الفارق والتي في العادة لا يلعب عليها الآخرين.

 

عقلية المخزن عندما يريد أن يقوم ب"مهمة قذرة" لا يختار أيا كان لذلك ، وفي العادة يكون الشرط الأساسي في ذلك الشخص هو ألا تكون له علاقة مباشرة بتلك الأطراف، أي أن اختيار الشخصيات من الروافد الهامشية يلعب دورا كبيرا في الاختيار لما يوفره الشرط في هؤلاء الأشخاص من مزايا لا يمكن أن تتوفر فيما سواهم إلا في حالة استثناءات قليلة، ومن أكثر تلك المزايا سهولة التخلي عنه عندما يراد ذلك دون أن يثير الأمر أي مجموعة أخرى في دوائر السلطة.

 

ركزوا معي في شخص "الياس العماري"، الرجل قيل فيه ما لم يقله مالك في الخمر، ونفس الشيء سيقال في أخنوش طبعا، لكن انسوا كذلك العماري كأمين عام وتذكروا عماري ابن البادية وذو الرافد الريفي (للفكرة شباط توفرت فيه كذلك نفس الشروط للمهمة لكن اختياره حزب الاستقلال صعب من الأمر بعض الشيء).

 

إلياس العماري عندما قبل المهمة قبلها بمنطق ابن البادية ذاك الحالم بتملك السلطة وتسلق سلم النجاح بأي طريقة ممكنة وبأقصى سرعة، هنا لا يهمه ما يقوله الآخرين "فالغاية هنا تبرر الوسيلة"، بل هو نفسه وهو في كنف القرب من دوائر القرار يكون أعمى بشكل تام عن كل هذه الأشياء، فهو يلهث للوصول إلى المنصب ولا يتسنى له في الغالب ذلك الوقت للنظر خلفه.

 

هو في الغالب فكر بنفس منطق الطرف الذي استغله للمهمة، فالرجل لا ننسى انه كان تعامل مع المخزن وساومه بالطريقة القذرة التي يشتغل بها الأخير نفسه، فقد كان ناشطا في الريف وكان قاد جمعية لضحايا الغازات السامة الاسبانية، وفتح بذلك ضرسا للدولة شكل لها حرجا في علاقتها بالجار الشمالي، بل يجب الاعتراف أن الرجل كان لعبا ماهرا في علاقته بالمخزن، إذ في فترة من الفترات كان هو الوحيد الذي يمكنه لعب دور "شعال

 

العافية" والاطفائي في الآن ذاته، ولم يكن أحد غيره يستطيع القيام بنفس المهمة بالمهارة ذاتها.

 

لكن الكثير الأمور بعد السابع أكتوبر تغيرت، الرجل اليوم دخل في حالة من "صدمة التجاوز"، تلك الصدمة التي تعتلي أي شخص تم التخلي عنه فجأة دون سابق إشعار وبين عشية وضحاها وجد نفسه مهملا في ركن ضيق داخل السلطة، حيث يكتشف دون أن يدري كيف ان كل ذلك الصرح العظيم الذي توهم أنه بناه تهدم كله في رمش أعين دون أن يجد حتى وقتا لاستيعاب الأمر.

 

هنا ردة فعل الرجل تلعب دورا هاما في قلب المعطيات، فرد الاعتبار بالنسبة إليه والانتقام من الطرف الذي تخلى عنه يشكل الهدف الأساسي الآن، اللهم إلا إذا تدخل من وظفوه للمهمة سابقا لترضيته وتعويضه بمنصب أو وظيفة كرسالة شكر بعد "نهاية فترة الصلاحية" (لكن يجب الإشارة كذلك فهذا الإحساس يمكن أن يخالج حتى الأطراف من الجهة المقابلة فابن كيران اليوم سيحس بصدمة التجاوز والتخلي عنه هو الآخر ، لكن الفرق أن للرجل مناعة أقوى من العماري لأن الحزب الذي ينتمي إليه سيمتص الجزء الأشد وطئة والأقوى من تلك الصدمة يعني سيتم تقسيم الألأم على الجميع.

 

العماري اليوم يرسل أكثر من رسالة إلى أكثر من جهة، منها المباشر ومنها المشفر، الرجل حولته نتيجة السابع من أكتوبر إلى حجمه الطبيعي وأنزلته من برجه العاجي إلى حقيقة الأمر الواقع، وهو أنه كان مجرد أركوز وهو الشيء الذي اكتشفه بشكل متأخر، بل انه يسعى حاليا لنفي كون سياسته هي إملاءات من أطراف داخل السلطة وهدد بالانسحاب لو صح ذلك. لكن بالطبع لا يمكن لأحد أن يصدق ذلك بل يمكننا الجزم بأن الرجل لم يصدق حتى نفسه فيما يقول. فالخطابات الأخيرة للرجل والتي تختلف كليا عن ما كان قبل فترة بنكيران تبين بشكل جلي أن الرجل كان من قبل لا يتصرف من تلقاء نفسه.

 

أما الأهم وهو عن الخطابات المشفرة فهي موجهة لأطراف هي تعرف أنها لوحدها المستهدفة دون غيرها، و لها لوح في أكثر من مناسبة بكشف ما حدث وما قيل في الصالونات المغلقة، (نفس ردة فعل البصري عندما تم التخلي عنه هو الآخر، ونفس الشيء مع رضا اكديرة وآخرون ممن تم التخلي عنهم بعد سنوات في خدمة السلطة مع اختلاف في المواقع والمهام).

 

ليس من مهمتنا ولا دورنا هنا الحكم على الرجل وعلى سلوكاته، لكن تحليل ردات فعله تبقى مهمة جدا لفهم واستشراف طبيعة المرحلة المقبلة.

 

فحاليا مع حالة الرجل الذي وجدت نفسه في مفترق طرق، فإدخاله للحكومة مع حزبه سيكون أقل الشرور وأخف الضررين، بل إن الأمر سيكون ضربة معلم لو يختار العثماني

 

العماري كحليف لتشكيل الحكومة، وسيكون بذلك قد وجهة ضربة تكتيكية وردة الصفعة التي وجهت للحزب بإعفاء بنكيران .

 

استقطاب العماري للحكومة سيمكن العثماني من ضرب التحكم بالتحكم، وسيكون الرجل اقل تنفيذا لإملاءات الطرف الآخر لأنه حاليا سيراهن على مصلحته وما يريده هو وليس مصلحة تلك الأطراف، والأكثر من ذلك أنه قد يستغل ذلك لرد الاعتبار لنفسه ويكون كثر دفاعا عن تجربة حزب العدالة والتنمية وهجوما على الدولة العميقة كشكل من أشكال الانتقام، كما يفعل اليوم حميد شباط عندما رفض طلبه بتولي نفس المهة في 2013 ، والتي انتهت قبل حتى أن تبدأ.

مجموع المشاهدات: 999 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة