الرئيسية | أقلام حرة | قراءة في المادة الثامنة المكررة من مشروع قانون المالية لسنة 2017

قراءة في المادة الثامنة المكررة من مشروع قانون المالية لسنة 2017

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
قراءة في المادة الثامنة المكررة من مشروع قانون المالية لسنة 2017
 

 

كما هو معلوم في مسألة نزع الملكية من طرف الدولة، في حالة وجود تعويض بخس أي لا يوازي القيمة الحقيقية للملكية يمكن للمواطن المتضرر اللجوء إلى القضاء، وغالبا ما تصل القضية حتى أمام محكمة النقض. في النهاية غالبا ما تصدر المحكمة قرارا يصب في اتجاه المواطن صاحب الملكية، والدولة تكون في هذه الحالة ملزمة بالدفع في اجل لا يتعدى في غالب الأحيان شهرين. لكن كل هذا سيعود جزءا من الماضي، لماذا؟

 

قانون المالية الجديد الذي عبر مرحلته الأولى بمجلس النواب ب 194 صوتا بالقبول ما يوازي ثلتي أعضاء هذا المجلس، والذي طرق أبواب المرحلة الثانية بمجلس المستشارين في 16 من الشهر الجاري في انتظار المصادقة عليه رسميا من طرف هذا المجلس. يتضمن بندا في المادة الثامنة مكررة، والذي يمنع السلطة القضائية في أي حال من الأحوال من حجز أموال أو ممتلكات الدولة. وكما جاء حرفيا في هذه المادة "في حال صدر حكم قضائي اكتسب قوة الشيء المقضي به، يدين الدولة والجماعات الترابية بأداء مبلغ معين، يتعين الأمر بصرفه داخل أجل شهرين من تاريخ تبليغ المقرر القضائي المذكور آنفا (...) و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخضع أموال و ممتلكات الدولة للحجز لهذه الغاية"

 

كل هذا يبرهن على أن الدولة أصبحت فوق القانون وحتى في وجود حكم قضائي معين يمكنها أن تمتنع عن الدفع. وتجدر الإشارة إلى أن هذا البند قد ألغي في الحكومة السابقة سنة 2015 لعدم موافقة

 

العديد من الأعضاء عليه، فتم شطبه. والآن تعاد نفس الكرة ومع الأسف القانون السالف الذكر قد تم التصويت عليه بالأغلبية في مجلس النواب، ولم يبقى له إلا شوط قصير حتى يدخل حيز التنفيذ أي بعد المصادقة عليه من طرف مجلس المستشارين. هذا لأن بكل صراحة مفهوم المواطن في مغربنا يبقى غامضا، مبهما وصعب التفسير للعديد ممن تفردوا بأصواتنا داخل قبة البرلمان و يفعلون ما يشاءون.

 

زيادة عما سبق، هذا البند سيكون ظلما للمواطنين وانتهاكا لحقهم في الملكية بصفة عامة. وكذا إهانة للقضاء وتحقيرا لأحكامه بصفة خاصة، التي لن تبقى لها قيمة تذكر بحيث أن السلطة التنفيذية ستطغى على السلطة القضائية، بينما هذه الأخيرة هي التي يجب أن تعلو وتسمى على السلطة التنفيذية. لا ننسى كذلك هذا البند تجاوز السلطة الأسمى في البلاد "الدستور" كما هو مذكور في الفصل 126 على أن "الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع" أي حتى الدولة ملزمة بتقبل القرارات و الأحكام الصادرة عن السلطة القضائية. أكبر من هذا فقد جاء على لسان ملك البلاد محمد 6 في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية في أكتوبر 2016، "كما أن المواطن يشتكي بكثرة من طول وتعقيد المساطر القضائية ومن عدم تنفيذ الأحكام وخاصة في مواجهة الإدارة، ومن غير المفهوم أن تسلب الإدارة للمواطن حقوقه وهي التي يجب أن تصونها وتدافع عنها، وكيف لمسئول أن يعرقل حصوله عليها وقد صدر بشأنها حكم قضائي نهائي". وتجدر الإشارة كذلك إلى أن هذا البند ضد توجهات المحكمة الدستورية أيضا، في القرار رقم 728-08 الذي يمنع الحكومة من سن إجراءات خارجة عن نطاق اختصاص قانون المالية.

 

في الختام، بوجود مثل هكذا قوانين لن يكون هناك مانع من أن تمضغ الدولة أبسط حقوق المواطنين، والأكثر من ذلك حتى المغاربة المقيمين بالخارج و الأجانب الذين يطمحون في الاستثمار في المغرب، سيرجعون في قراراتهم لأنه بعد التفكير، سيرون أن أموالهم لن يحميها حتى القضاء أمام مثل هذه القوانين التي تضع الدولة في موضع قوة فوق القانون وحتى الدستور.

مجموع المشاهدات: 1943 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة