الرئيسية | أقلام حرة | حراك الريف بين المطالب والاستجابة

حراك الريف بين المطالب والاستجابة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
حراك الريف بين المطالب والاستجابة
 

 

شئنا أم أبينا، فمطالب أهل الريف كلها مطالب اجتماعية مشروعة، تتلخص أبعادها النضالية في ضمان الحق في العيش الكريم، كالحق في الشغل ، الحق في التطبيب ، الحق في الأمن ، الحق في التعليم... بعيدا عن استفزازات وجشع السياسيين والمنتخبين الذين أثقلوا كاهل السكان ، ولا سيما المعوزين منهم، بوابل من الشعارات الفضفاضة غير القابلة للتحقيق حتى في عالم المثل ، وهذا الأمر الأخير ينطبق على كل سكان المغرب العميق، فلا داعي لأن نصب الزيت على النار ، ونعطي لهذه الانتفاضة الشعبية أبعادا انتقامية وانفصالية ، وهذا ما تُروِّج له وتَستغله قوى خارجية محاولة منها ، بتنسيق مع قوى داخلية تهوى الاصطياد في الماء العكر، زعزعة الأمن الداخلي للمملكة المغربية، فنحن لن نزكي على الله أحدا في هذا الموضوع، وبالمقابل نحمل المسؤولية لكل من أسندت لهم مهمة تدبير الشأن المحلي، فيما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية في العديد من المدن والقرى المغربية النائية، التي ضاقت درعا من قساوة العوامل الطبيعية صيفا وشتاء،بالإضافة إلى التهميش والإقصاء الغير المبرر الذي مارسه خدام الدولة في تلك البقاع ، فبالرغم من الصولات والجولات التي يُقدم عليها صاحب الجلالة في كل وقت وحين داخل التراب الوطني ، سعيا منه إلى بعث الروح والحياة في شرايين العديد من جهات المملكة ، إلا أن المؤسسة الحكومية ونواب الأمة ، يظلون بمعزل عن هذه الالتفاتة المولوية ،وبالمقابل يعرقلون جل المخططات التي سعى- جلالة الملك - إلى أجرأتها وتنزيلها على أرض الواقع ، وذلك من خلال تقصيرهم في عملية تتبع الأوراش التي أُعطيت انطلاقتها ، أو يساهمون من خلال صراعهم وجشعهم الانتخابي في عرقلة بعض المشاريع التنموية، أو الإقدام على تحويل اتجاهها من جهة إلى أخرى، أو من بقعة أرضية إلى أخرى ، إما بدافع انتقامي عنصري، أو بدافع مصلحي انتهازي، وبمثل هذه الممارسات اللامسؤولة، يسود الظلم والتهميش ، وبالمقابل يطفو على السطح الاحتقان الشعبي ،وتعلو الصرخات مطالبة بتوزيع الثروة توزيعا عادلا، ليضمن الأهالي حقهم في العيش الكريم،في بلد مستقل، فالمواطن المغربي البسيط يرى في وطنه، ، بثرواته السمكية، والفوسفاطية، والفلاحية ، والسياحية....كأنه جنة الله في الأرض ، رغم أن المغرب ليس ببلد بترولي أو غازي، وعلى هذا الأساس يُنظر إلى هذه الثروات كَمُحفز أساسي يساعد على تحريك عجلة التنمية بكل المدن المغربية، شريطة أن تُوزع هذه الثروات على جل المدن والجهات توزيعا عادلا، كما سلف الذكر، وأن تُسند المهام إلى أهلها وإلى أصحاب الاختصاص، كما يجب أن تُفعَّل مسألة ربط المسؤولية بالمحاسبة، بالنسبة للمسؤولين والمنتخبين،وأن يُصرِّحوا بممتلكاتهم قبل أن يتقلدوا مناصب وزارية أو جماعية أو برلمانية ،ونفس الشيء بعد نهاية مدة خدمتهم وولايتهم ،اقتداء بالدول الديمقراطية ،حتى لا تُصاب أرصدتهم البنكية بالتضخم ،جراء ما يمكن أن يجنوه ويحصدوه من وراء عقد صفقات تجارية منفعية، أو الاستفادة من تحويلات عقارية وضريبية، بالإضافة إلى التحفيزات التي تكون على شكل مأذونيات أو ما شابه ذلك... ، ما يُكرِّس بالملموس مقولة “ الغني يزداد غنى والفقير يزداد فقرا “، في بلد من المفروض أن يتساوى فيه الجميع، وأن يتعايش فيه الجميع، لا فرق فيه بين أمازيغي و عربي ، شمالي و جنوبي، مادامت الحدود الجغرافية تجمعنا، ووحدة الدين وإمارة المؤمنين توحدنا وتؤلف بين قلوبنا.

 

فحراك الريف هو في الحقيقة حراك وطني ، مطالب أهل الريف الاجتماعية والاقتصادية، والحقوقية، هي مطالب إنسانية وطبيعية، هي نفسها مطالب كل الشعب المغربي الحُر التوَّاق إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، ولكن بالموازاة مع ذلك نجد دعوات أخرى غير بريئة ،وأيادٍ خفية خارجية تريد أن تنسف

 

المشروع التنموي الداخلي الذي يقوده جلالة الملك ، ويعزى هذا الأمر إلى الطفرة النوعية الاقتصادية، والأمنية التي حققها المغرب في الآونة الأخيرة على المستوى الإقليمي والدولي.

 

فحتى يتم الاستفادة وأخذ الدروس والعبر من حراك الريف، يجب أن يتحلى الجميع بروح وغيرة وطنية، كما يلزمنا أن نكون واعين كل الوعي أن أعداء الوطن، قد يباغتوننا في أدنى فرصة تتاح لهم للنيل من مغربنا حكومة وشعبا،كما يجب أن تكون لنا نِيَّة صادقة لنصرة بعضنا البعض، وفي حالة دفاعنا عن حقوق المستضعفين، علينا أن نتحلى بالحكمة والبصيرة في حل الخلافات وتحقيق المطالب،دون أن نستغل عوز وقلة حيلة هذه الفئة من المجتمع، وجعلها مطية ووسيلة لتحقيق أهداف شخصية، مادية كانت أو معنوية، كما نؤكد على أن الاحتجاجات والخرجات السلمية التي أقدم عليها سكان الحسيمة، وقبل ذلك سكان طنجة، نموذج راقٍ في التعبير عن المطالب المشروعة، وفي نفس الوقت هي دعوى إلى استثمار هذه المطالب، لتتحول إلى أوراش اقتصادية واجتماعية يمكن أن تعود بالنفع على ساكنة الشمال خاصة، و على كل ساكنة المغرب بصفة عامة، على المدى القريب والمتوسط و البعيد، ولن يتحقق هذا الملف المطلبي أو المشروع الإصلاحي، إلا إذا التقت إرادة الشعب مع إرادة الدولة وانصهرتا في قالب واحد، وعلينا نحن – المغاربة - أن نرفع شعارا موحدا، ونؤمن بقضية واحدة وهي، نصرة هذا الوطن من الشمال إلى الجنوب ،ومن الشرق إلى الغرب ،بكل إخلاص و نكران للذات ، وفي الختام نسأل العلي القدير أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

مجموع المشاهدات: 1402 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة