الرئيسية | أقلام حرة | وأين الله؟

وأين الله؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
وأين الله؟
 

 

رجع عمر ذو السادسة عشر من عمره شاحب اللون، يتصبب عرقا، وملامح الهلع على وجهه فوجد أباه ينتظره، أين كنت يا لدي ما كل هذا التأخر وما كل هذا العرق، هل كنت في مارات لكرة القدم، لقد قلقلنا عليك،لا يأبي، إذا كنت تجري لا يا أبي. وماذا إذا، لاتقل لي بأنك كنت مع هؤلاء الذين يدعون أنهم يطالبون بحقوقهم وأنهم يعيشون تحت نير الفساد والإستبداد، ويحلمون بالديمقراطية ومنهم من يمني نفسه بعودة عدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقسط عمر ابن العزيز ومنهم من يرى العالم العربي بعيون سويسرية بالفعل إنها الحماقة ما بعدها حماة !

 

إنهم في كر وفر مع السلطة دائما ! أخبرني أين كنت؟

 

وما الغريب في الأمر أبتي إنهم على حق فيما يقولون، أليس الله عدل يحب العدل حرم الظلم على نفسه وحرمه بين عباده؟

 

لا يا عمر حتى لو افترضنا أنهم على حق فإنهم لن يحققوا شيئا مما يحلمون به وستسجنك السلطة ونكون نحن الخاسرون فقط. ألم تنظر إلى حال السوريين والمصريين والإخوة في ليبيا كيف أصبح حالهم إنهم يموتون جوعا وحربا فكيف نضحي بما بقي من دويلاتنا، من الأحسن لنا أن نعيش في أمان ونترك الأمور على ماهي عليه فلا تغيير يرجى لأمتنا.

 

ولكن أين الله يا أبي ؟

 

ماذا تقصد عمر ؟

 

أقصد ما مكان الله في كلامك يا أبي السنا مسلمين ؟

 

نعم نحن مسلمين لازلت لم أفهم قصدك ياعمر؟

 

أقصد ما موقع الله في حساباتك ؟

 

ألسنا نقرأ في القرآن " إن ينصركم الله فلا غالب لكم" ونقرأ " أليس الله بكاف عبده ويخوفونك من دونه " ونقرأ " إن الله على كل شيئ قدير " ونتلوا مرة تلو الأخرى كيف نجى الله موسى طفلا رضيعا من أمواج البحار وأنشأه في محضن من تجبر وخان فرعون المتكبر المستبد، وكيف أغرق الله فرعون بعد أن فرق فرقين " كل فرق كالطود العظيم "

 

وكيف نجى الله نوح وأغرق من كان يسخر منه وتحقق قول رسوله " إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون " وتركها الله آية لمن أراد أن يتذكر :" وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ"

 

وموسى عليه السلام يقول " كلا إن معي ربي سيهدين " في موقف تزعزع فيه غير الموقنين.

 

ألم يقل المولى الكريم " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين"

 

أم أن هذا القرآن أنزل لزمان غير زماننا وأرض غير أرضنا.

 

أبتي ألم يربينا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على التوحيد الحق في شخص سيدنا ابن عباس قائلا "يَا غُلَامُ, إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ, احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ, إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ, وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ, وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ, وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ, رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ"

 

أم أن الشرك عندكم فقط هو التمسح بالقبور وزيارة الصالحين؟

 

فكيف نخاف من ضر العباد والله هو الضار النافع؟

 

أم كيف نخاف من بطش العباد " إن بطش ربك لشديد "

 

أليس الجبار سبحانه من خسف بمن آتاه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة ؟

 

فلم اليأس من روح الله وروح الله ونصر الله لهذه الأمة :"إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون "

 

ألم يقل المولى الكريم " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لايوقنون"

 

سكت الأب قليلا ودموعه تهطل وهو يقول يا للهول كيف نسى المسلمون كل هذا؟

 

قصة ليست من نسج خيال، بل هو واقع يحكي ويتحدث عن جيل فقد الأمل وجيل يتطلع لغد أفضل وكلهم من أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

 

جيل أعياه الإنتظار، وجيل لم ينسى قول الكريم "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا أتاهم نصرنا "

 

جيل عمل حكامنا هداهم الله وحكام الإستكبار العالمي أخزاهم الله على زرع اليأس في قلوبهم.

 

وجيل شاء المولى الكريم أن يرى النور من بعيد نور إمامة هذه الأمة لكل الأمم.

 

جيل ولد في القفص فأصبح عنده الطيران جريمة.

 

وجيل علت همة وتعلقت بالحرية.

 

في هذه المرحلة العصيبة التي تعيشها الأمة في حاجة أشد ما تكون الحاجة إلى اليقين يا سادة .

 

في حاجة أن نسمع قول الحبيب صلى الله عليه وسلم : "تعلموا اليقين كما تعلموا القرآن حتى تعرفوه فإني أتعلمه”

 

" إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ "

 

في حاجة إلى أن نتذكر كيف نصر الله المسلمين في بدر من قلة " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون" وكيف علمهم عدم الإعتداد بكثرتهم في حنين " وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا"

 

إن سنن الله في هذا الكون ثابتة لا تتغير " ولن تجد لسنة الله تبديلا "

 

فالذي أيد موسى وهزم فرعون ونصر المستضعفين وأخزى المستبدين حي لا يموت قدير سبحانه لايعجزه شيئ في الأرض ولا في السماء.

 

" إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ "

 

إن هذه الأمة منصورة بإذن الله ولو بعد حين.

مجموع المشاهدات: 1146 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة