الرئيسية | أقلام حرة | يئسوا من الوطن فغادروه إلى الأبد

يئسوا من الوطن فغادروه إلى الأبد

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
يئسوا من الوطن فغادروه إلى الأبد
 

 

هل يئس شبابنا إلى هذه الدرجة ؟ هل فقدوا الأمل في إيجاد وطن يحتضنهم؟ هل فقدوا الثّقة في حكّامهم وتمسكوا بالرّحيل حتّى لو كان هذا الرحّيل على حساب أرواحهم.

 

غَادرَنا رشيد المستور لم يترك وراءه لا ثروة، ولا قصرا، ولا مبلغا خياليّا كما يفعل الطغاة عندما يرحلون عن بلدانهم، بل ترك وراءه رسالة تُكتب بماء العيون وجّهها ،إلى كل الأحرار الذين ضاقت بهم الدّنيا بما رحبت في أوطانهم، والذين سيكونون مجبرين عاجلاً أو آجلا على الرّحيل من وطن لم يقدّم لهم سوى الموت بالمجّان.

 

فضّل "المستور" أن يستر للوطن عوراته، حاول أن يبحث عن وطن يأويه مخافة إحراج ساسة بلاده الذين انشغلوا بالفتنة أكثر من انشغالهم بمستقبل أبناء الشعب، فتركوهم عرضة للموت والضياع.

 

لم يخرج الشهيد "المستور " إلى الاحتجاج ولم ينتفض في وجه الطغاة للدفاع عن حقه في العيش بكرامة، كما يفعل الكثير من أبناء الوطن، بل فضّل المغامرة وركوب الأمواج والمخاطرة كي لا يفسد على من يحكموننا فرحة الاستمتاع بأموال الشعب التي نهبوها.

 

قرّر الشهّيد الرّحيلَ لأنّه الأرحم بالنّسبة له في وطن نُزعت منه الرّحمة على أبنائه، قرّر الرّحيل لأنّه تيقّن تماماً أنّه ليس على هذه الأرض ما يستحق الانتظار .

 

"المستور" دافع عن كرامته ،بعدما تيقّن أنّه لا وجود للكرامة في هذا الوطن ، وبعدما تأكّد أنّ الكرامة تُداس بالأقدام وبأنّها أصبحت مرهونة بعبادة الأصنام ،قرّر أن يواجه أمواج البحر فسلّم لها جسده النحيل الذي لم يقو على مواجهة الظلم في وطنه.

 

"المستور "بحث عن لقمة عيش في وطنه، فتفاجأ أن من يحكمونه، سرقوا منه اللّقمة وسرقوا الوطن وسرقوا الأحلام، لم يُهرّب الأموال إلى َبنَما ولم يُهرّب الذهب إلى الخليج ،بل فضل أن َيهرب عن هؤلاء إلى بلدان ربما تحفظ له قسطا من الكرامة التي افتقدها في وطنه.

 

لم يكن شهيد الكرامة رشيد المستور سوى واحد من آلاف الشباب الذين يتمنّون أن يرحلوا عن هذا الوطن والذين يفضلون الموت في البحر بدل العيش في الذل والهوان .

 

فهل يستطيع ساستنا العظام من الذين يخرجون على الشّعب من أبراجهم العاجيّة أن يُقنعوا الآلاف من "المستورين" للبقاء في بلدانهم والصّبر على الظُلم والطغيان؟

 

هل ستستطيع الأحزاب الممخزنة التي تحوّلت إلى دكاكين سياسية لبيع المواطنين والمتاجرة في كرامتهم أن تقنع هؤلاء الشباب للتراجع عن فكرة الرحيل ؟وهل يستطيع من سرقوا الأوطان أن يعيدوا لهؤلاء الأحلام؟

 

شبابنا المقهور إن طالب بالحرية قمعوه، وإن طالب بالكرامة سحلوه وانتقموا منه، وإن طالب بقليل من الديمقراطيّة وحقوق الإنسان، زجوا به في غياهب السّجون، وبعد كل هذا تجدهم يتساءلون عن قصّة هؤلاء الذين يرحلون، وعن هؤلاء الذين يفضّلون التضحيّة بأرواحهم في عرض البحر من أجل الوصول إلى الضفة الأخرى، حيث الحقوق والحريات، وحيث الديمقراطية التي افتقدوها أوطانهم .

 

المغاربة سئموا من خطابات الحكام الذين يملؤون الدنيا صراخا ويبشرون بالديمقراطية وحقوق الإنسان ليل نهار ، وملّوا من وعود الساسة الذين طالما

 

يكذبون ، ولم يبق لهم من منفذ لهم سوى الرحيل، لا تهمّهم طريقة الرحيل ولا حتى نتائجه، الأهمّ في ذلك كلّه هو الرّحيل.

 

نرجوكم ارحموا عقول الشّعب لا تُزوّروا الحقائق، ولا تستخِفّوا بعقول الأحرار لا نريد منكم جزاءً أكثر من ذلك الجزاء الذي قدمتموه للشعب منذ أكثر من 60 عاما ؟ اتركونا نموت في البر والبحر وحيثما شئنا، لا تتكلّفوا بمصاريف دفننا دعوا سوءاتنا ظاهرة، لا تواروها لطمس جرائمكم، ثم لا تتجرّأوا على إسقاط دمعة الحزن ولا تستأجروا العبيد لكي يذرفوا الدموع على أرواحنا كما استأجرتموهم لكي يرجموننا عندما كنا نطالب بحقوقنا، دعونا نموت بسلام.

مجموع المشاهدات: 1485 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة