الرئيسية | أقلام حرة | حراك الريف مفتوح على كافة الاحتمالات.. وهذه خارطة الطريق للخروج من الأزمة

حراك الريف مفتوح على كافة الاحتمالات.. وهذه خارطة الطريق للخروج من الأزمة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
حراك الريف مفتوح على كافة الاحتمالات.. وهذه خارطة الطريق للخروج من الأزمة
 

 

بعد الأحكام القاسية التي صدرت في حق المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة في الريف، تكون الدولة قد دقت آخر مسمار في نعش "الإصلاح" والانتقال الى نادي الديمقراطية الذي روجت له الآلة الدعائية بكل الوسائل اللوجيستية والإعلامية والمالية التي تسيطر عليها. والحديث عن الاتهام الذي وجه للمعتقلين السياسيين بتلقي أموال من الخارج، خاصة بعد كشف القائد الميداني للحراك ناصر الزفزافي أن مجموع المبالغ التي تلقاها بالكاد تتجاوز 200 دولار، تحيلنا مباشرة للحديث عن فضائح مالية تفجرت خلال السنوات الأخيرة أبطالها مسئولون كبار تورطوا في اختلاسات مالية كبيرة ولم تطالهم العدالة ومنهم من تم ترقيتهم إلى مناصب أرفع.

 

ناصر الزفزافي صرح بكل ثقة وبمعنويات جد مرتفعة - بحسب إفادات دفاعه- بأنه تحصل على مبلغ ال200 دولار من أحد أصدقائه من أوروبا، وهو ما يطرح تساؤلات كبيرة بشأن إصلاح منظومة القضاء التي روج لها بشكل واسع في عهد وزير العدل الأسبق مصطفى الرميد. فاعلان التهم الخطيرة الموجهة للزفزافي ورفاقه بما أثارته من هلع في صفوف المغاربة نظرا لخطورة المنسوب إلى المعتقلين بشأن زعزعة أمن الدولة، دون أن تكلف السلطات نفسها تنوير الرأي العام بالكشف عن حجم المبالغ والدول التي حولت منها، يضرب التزاماتها القانونية والدستورية.

 

لقد عرت مقاربة الدولة الأمنية للحراك في الريف واقع حقوق الإنسان وحقيقة دولة القانون والمؤسسات، كما أدت إلى إفشال كل الحلول السطحية التي تم تجريبها عبر مبادرات ظاهرها تجاوب مع المطالب وباطنها التفاف عليها، كإرسال وفد حكومي جابهته ساكنة الحسيمة بالطرد، وتقديم جملة من الوعود والمشاريع لامتصاص الغضب، وخطة توظيف الخطاب الديني قبل نسف الزفزافي لها في مهدها قبل أن يتم تعميمها على باقي مساجد المنطقة خاصة في شهر الصيام، الشيء الذي دفع بالدولة العميقة إلى إنهاء الهدنة بعد أن خسرت آخر أسلحتها الفعالة، المجربة والمضمونة، والتي استعملت قديما، وبها حسم المخزن الصراع لصالحه مع أمير الريف عبد الكريم الخطابي، ولتفرض بعد ذلك المقاربة الأمنية منطقها، بما أفرزه من اعتقالات واختطافات وقمع غير مبرر وتعذيب في مخافر البوليس حسب الإفادات.

 

وعليه، فإذا كانت للدولة رغبة جادة في الخروج من هذه الأزمة التي أمست مفتوحة على كافة الاحتمالات بما فيها تحول المحتجين إلى "ثوار"، وجب عليها اعتماد خارطة طريق واضحة المعالم ومضمونة الفعالية تجنب البلاد أي انزلاق نحو المجهول، تبدأ بإلافراج عن جميع المعتقلين في الأحداث ومحاسبة كل من تورط في التعذيب، ثم إقالة هذه الحكومة "المفبركة" المشلولة وتكليف حكومة إدارة أعمال مؤقتة، والإعلان بالموازاة مع ذلك عن فتح تحقيق مستقل في قضية مقتل محسن فكري يشمل كافة المتدخلين دون اعتبار لمستوياتهم بما يمنح ثقة في جدية الدولة، وإطلاق مشاورات واسعة لصياغة دستور يترجم إرادة التغيير وتحقيق الديمقراطية يصيغه مجلس منتخب يمثل مختلف المشارب، فضلا عن تجديد التأكيد على تنفيذ المشاريع التي أعلنت عنها الحكومة، وفتح باب حوار واسع مع كافة المجتمع المدني المحلي ونشطاء الحراك في المنطقة.

 

لا يمكن لمسألة الريف، بكل تعقيداتها التاريخية والسياسية، أن تحلَ بمعزل عن حل شامل يغير بنية الدولة من طبيعتها الشمولية الحالية إلى دولة مؤسسات خاضعة كليا لمقتضيات القانون والدستور، وفصل حقيقي بين السلط واستقلالية المؤسسات الأمنية والاستخباراتية والقضائية عن أي توظيف ضيق لصالح جهة بعينها أو لحماية جهات نافذة في الدولة من أي متابعة في حال إخلالها بالقانون.

مجموع المشاهدات: 1861 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة