الرئيسية | أقلام حرة | لماذا المغربي لا يحترم "الرَّنْديفو"؟

لماذا المغربي لا يحترم "الرَّنْديفو"؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
لماذا المغربي لا يحترم "الرَّنْديفو"؟
 

 

ألاحظ دائما أن المغربي لا يحترم الموعد وإما أنه يصل متأخرا بساعات أو لا يأتي أبدا و يتركك تنتظر وأنت متوتر واسمع الضحية يكرر "العْرْبْ مْعْنْدْهُمْ كْلمَة". وإذا ناديته في الهاتف لتقول له "وَفينَكْ أصَحْبي؟" يكون الرد على عدة أشكال مثل:

 

- "هِي صْبَرْ هَنِي جايْ دابَ دابَ" وبطبيعة الحال تتحول "دابَ دابَ" إلى ساعات من الانتظار وفي بعض الأحيان بدون جدوى.

 

- "اَوْالله إلا خْرْجْتِلي مْنْ بالِي إوَ نْخْلِّوْها حتى الغْدّا نْشاءْ الله؟"

 

- "إوَ كْنْتْ كَنْسْتْنّاكْ تْعَيّْطْ عْلِيَّ باشْ تْفْكّْرْني"

 

- "إوَ شْتّْكْ مَعْيّْطِيشْ عْلِيَّ يْحْسابْني راكْ نْسِيتْ"

 

- "أوْدّي راهْ وْقْعْلِي واحْدْ المُشْكِلْ إوَ حتى نْعْيّْطْ لِيكْ من بعد"

 

- "إوَ مْعا هادْ الجْوّْ (قوة المطر أو الحرارة المفرطة مثلا) يْحْسَبْنِي مَغَديشْ تْجِي"

 

لماذا المغربي يستهزئ من الشخص الذي كان له موعد معه لغرض ما؟ من أين له بهذا التقصير والتهور؟

 

هناك عدة أسباب و سأذكر أهمها:

 

1- التربية الدينية الخاطئة:

 

- "جمع أوقات الصلاة اليومية في وقت واحد": ألاحظ أن المغربي يخالف موعده مع الله (وقت الصلاة) ويؤخذ هذا الموعد باستهتار لأنه تعلم أن بإمكانه "يْجْمْعْ الصلاة وْ يْخْلفْها" في وقت لاحق. فإذا تعلم الطفل بأنه خلف موعد الصلاة أمر غير خطير "وْ يْخْلْفْ من بعد" يستنتج أنه لا أهمية للموعد ولو مع الله فما بالك مع البشر؟

 

- "إلا شْتِّني هُوَ هادَكْ وْ إلا مَشْفْتِنيشْ عْرْفْ بْليّ راني ماجايْشْ": شيء مضحك بتناقضه والاستخفاف بأهمية الموعد. تأملوا معي ما يحدث عندما يقترح عليك شخص موعداً مثلا "نْدِرُ غْدّا مع الخْمْسَة" ويكون الرد كما ذكرته في هذه النقطة بمعنى آخر أن هذا الشخص لا برنامج له ويأتي غدا مع الخامسة بعد الزوال وينتظرك وإذا لم يشاهدك أو يجدك بمكان الموعد يعرف آنذاك أنك غير متفق على هذا الموعد! أي منطق هذا؟ وهذا الأمر يبرهن على عدم قدرة المغربي بالالتزام وتحمل المسؤولية.

 

- "كُلشّي فْيْدْ الله": بالفعل أن كل الأمور بقدرة الخالق ولكن المغربي لما يعد شخصا ينهي جملته بِ"إوَ كُلْشِي فْيْدْ الله" ويتركك تشك في هذا الوعد لأن "كلشي بيد الله" يعني هناك احتمال بأن لا يأتي لموعده! وهنا كذلك نلاحظ عدم المسؤولية والالتزام والاختباء وراء مشيئة الله.

 

- "اِوَ اِلا كانْ مْنْ المْكْتابْ": يضرب الشخص الموعد و ينهي كلامه "الا كان مكتاب" وربما أن الشخص الآخر لا يأتي لموعده ظنا بأن الذي ضرب الموعد سوف لا يأتي بحيث قال "الا كان في المكتاب". وعندما لا يتحقق الموعد تسمع "اِوَ مَكانَشْ في المْكْتابْ". تأملوا معي معاني هذه المواعيد والالتزامات؟ سخرية أم استهزاء أن اختباء وراء "المكتاب"

 

- "الله يْنْعْلْ الشيطان وْلدْ الحرام": وهنا كذلك لا يوفي المغربي بموعده ويلقي بالمسؤولية على الشيطان الذي كان سببا في نسيان الموعد! ما هذه المصيبة؟ تارة يختبئ المغربي وراء المشيئة الإلهية وتارة وراء المكتوب وتارة وراء الشيطان!

 

- "مورْ العَصْرْ أوْ المغرب أوْ العشاء": أرى كثيراً من الناس يضربون الموعد في مكان ما بعد الصلاة ولا يأتي الشخص إلا ساعة أو أكثر بعد الصلاة مبررا بِ "اِوَ دْرْنا بعد العصر" بمعنى أن الموعد مطلق و مفتوح بين صلاة العصر والمغرب! هل نسمي هذا بموعد؟

 

2- التربية المدنية والمدرسية:

 

- عدم احترام الإنسان : في ثقافتنا المغربية يغيب مفهوم الاحترام ولا قيمة للشخص الذي ضرب معه الموعد. بطبيعة الحال هناك ظروف بإمكانها أن تمنع الشخص من الوفاء بموعده وهنا ألا تظنون أنه من باب الاحترام أن نخبر الطرف الآخر؟ ولكن المغربي يرى دائما أن ظروفه أهم من ظروف الآخرين!

 

- غياب هيكلة الدماغ المغربي: مع الأسف، التعليم المغربي لا يلقن الطفل على تحمل المسؤولية ولا يشجعه على التفكير والتحليل والتعبير بكل حرية على أفكاره وبعكس هذا يُملؤه ككأس فارغ بمعلومات جاهزة وبهذا الشكل لا يتهيكل دماغه على البحث والمسؤولية ويغيب عليه هيكلة نظامه اليومي و الأسبوعي والشهري و السنوي ويعيش اللحظة فقط بدون برمجة!

 

- عدم احترام الطفل كشخص: سواء من طرف الآباء أو التعليم بحيث يُعتبر أنه لا يعرف شيئاً ولا نأخذ برأيه ويتلقى العنف المعنوي و الجسدي. وحينما يعي الطفل بأن لا أحد يحترمه فينتهي الأمر به في صغره و كبره بعدم احترام الآخر.

 

- إعادة نتاج النماذج: ولماذا يوفي الشخص بموعده إذا نشأ منذ طفولته مع آباء لا يوفون بوعودهم؟ نرى كم من أب يعد طفله إذا نجح في آخر السنة مثلا سوف يشتري له حاسوباً أو هاتفاً أو دراجة ولكن في آخر السنة يقول الأب "راني مْزْيّْرْ" أو "اِوَ قْلْتْليكْ هَكَّا باشْ تْخْدْمْ مْزْيانْ وْ لْمْصْلَحْتْكْ". وكم من مرة يرى الطفل الأب لا يوفي بوعده مع أمه وهكذا تسير الأيام. فالطفل يتعلم هذا النموذج وما عليه إلا إعادته في حاضره ومستقبله.

 

أترك كالعادة كل قارئ يستخلص ما أراد من هذا التحليل وله الحرية لأخذ القرارات التي يظن أنها ستساعده لوضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعنا.

مجموع المشاهدات: 1067 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة